يولا هاشم
هل ثمة قرار بعزل لبنان عن العالم ومشاريعه الاقتصادية – الحيوية؟ سؤال بدأ يُطرح في الصالونات والأوساط المحلية، منذ الاعلان عن مشروع الممر الاقتصادي من الهند الى اوروبا عبر السعودية واسرائيل مقابل طريق الحرير من الصين الى اوروبا. فلماذا اختار المجتمعون مرفأ حيفا عوضاً عن مرفأ بيروت كمعبر الى اوروبا؟
العميد المتقاعد يعرب صخر يؤكد لـ»المركزية» ان «الدول للاسف تتجه نحو التنمية والتطور والرقي وتركب قطار العولمة ولبنان يلحق الشعارات الفارغة الجوفاء، أكان مشروع الربط الاقتصادي من الهند وصولا الى اوروبا مرورا بالشرق الاوسط او المبادرة الصينية «طريق الحرير» او ما بات يُعرَف بمبادرة «الحزام والطريق». احيانا أخرى، لكن الصين رسمت هدفها للعام 2049 تاريخ انتهاء المشروع».
ويضيف صخر: «منذ أيام، أُعلِن خلال قمة مجموعة العشرين في نيودلهي عن الممر الاقتصادي لربط الهند واوروبا مروراً بالشرق الاوسط. وكان إطلاق هذا المشروع أولاً بمثابة رسالة سياسية اميركية – سعودية – هندية الى الصين بأن لدينا منافسة اخرى. وبالنسبة للولايات المتحدة الاميركية، فإن المشروع يدخل ضمن سياسة احتواء الصين التي وضعها الرئيس الاميركي السابق باراك اوباما عام 2012. إذ من شأن هذا المشروع ان يعزز استراتيجية الاحتواء الاميركية للصين، لأنه خط منافس لـ»طريق الحرير» او «الحزام والطريق». والرسالة الثانية سعودية، مفادها ان المملكة حرّة بتبادل المصالح والمشاريع التنموية مع من تريد، وبأن السعودية لم تعد مقيّدة بالخيارات الاميركية التي تملي عليها ما يجب فعله. فالمملكة قامت بمبادرة مع الصين خلال قمة جدة وأطلقت يومها مشروعاً استثمارياً تنموياً ضخماً، كما عقدت الاتفاق الايراني – السعودي – الصيني لتحجيم دور ايران، واليوم تشارك في مشروع الربط الاقتصادي من الهند. وبالتالي فإن السعودية توجّه من خلاله ايضا رسالة سياسية إلى الولايات المتحدة بأن المملكة يمكنها ان تقوم باتفاقيات معها كما مع الهند والصين ويمكنها الدخول الى «البريكس» والخروج منه، وهي حرة في القيام بأي مشروع يتلاءم مع خطة التنمية الـ2030 التي اطلقها ولي العهد الامير محمد بن سلمان. ومن شأن كل هذه المشاريع ان تعزز خطط التنمية خصوصا ان بن سلمان قال «معركتي ان اجعل الشرق الاوسط اوروبا الجديدة».
ويتابع صخر: «الرسالة الاخرى لايران، للقول «ابقي في شعاراتك الفارغة وطريق القدس يمر من هنا وهناك»، خصوصا أن مشروع الهند لن يمر في ايران او العراق او سوريا او لبنان. وهذا المشروع لا يعني ان السعودية تقوم بالتطبيع مع اسرائيل، لأنه مشروع مستقبلي طويل الامد. وفي حال استتب الوضع مستقبلاً في الدول العربية الاخرى، كسوريا والعراق ولبنان، وانخرطت مجددا في المجال الحيوي العربي المحيط بها، من الممكن ان يعود هذا الخط ويمر ايضا في هذه البلدان، لأن هذه الدول منخرطة راهناً في مشروع هجين غريب لا يشبهها هو المشروع الايراني.
ويختم: «عدم مروره في بيروت يبرهن ان لبنان ليس حراً في سيادته وقراره السياسي بل محتل ومرتهن للمحور الايراني الممانع الذي يعزله عن بيئته العربية. أيعقل ان يمر في حيفا بدل مرفأ بيروت؟ هنا يمكننا ان نستنتج لماذا تم تدمير مرفأ بيروت. وباعتقادي أنه حتى التحقيق الدولي حول انفجار المرفأ لن يتم، لأنه تبين من خلال مشروع الربط الاقتصادي مع الهند ان مرفأ بيروت تم تفجيره لاستبداله بمرفأ حيفا. يموت مرفأ بيروت ويحيا مرفأ حيفا بالتشارك مع اسرائيل وتغطية من الولايات المتحدة وسكوت الممانعين، الذين كل ما «دق الكوز بالجرة» يتهمون اسرائيل، لكن عند انفجار مرفأ بيروت صمتوا صمت القبور.