في العام 1982، شاءت الظروف أن تعرّفَ أحد أصدقائي على الممثلة العالمية الشهيرة في ذلك الوقت سيلفيا كريستيل بطلة سلسلة أفلام أيمانويل المعروفة وارتبط معها بعلاقة حميمة كادت تؤدي إلى الزواج. وقد دعاني مرة لقضاء سهرة معهما برفقة إحدي صديقاتها وهي ممثلة اميركية لم أعد أذكر اسمها لكنني اعتذرت، فقد كنت تزوّجت!
في أحد أيام ذلك العام، عدت إلى شقتي في الحي الرابع عشر من باريس في ذلك الوقت حوالي الواحدة والنصف بعد منتصف الليل بعد سهرة مع الأصدقاء. وما إن دخلت إلى الشقة ولم أكن قد خلعت معطفي بعد، حتى رن جرس الهاتف وإذا بالصديق المذكور يقول: نبال، صديقي، عفواً على الإزعاج في هذا الوقت المتأخر لكن القضية ملحّة، هل عندك نسخة من القرآن باللغة الفرنسية؟. فقلت باستغراب شديد: نعم، ولكن ماذا تريد الآن من القرآن وفي هذا الوقت المتأخر وأنت أصلاً لست من روّاد المساجد على علمي ؟ أجاب: أنت تعرف علاقتي بسيلفيا، وهي الآن عندي وقد قررنا أن نتزوّج، لكنها تريد قبل ذلك معرفة حقوق المرأة في الإسلام ! فقلت بغضب: الآن، وقد شارفت الساعة على الثانية صباحاً، تريد الآنسة سيلفيا كريستيل قراءة القرآن لمعرفة حقوقها في الإسلام؟ ألا يمكنها الانتظار إلى الغد أو الذهاب إلى أحد المشايخ ليطلعها على ذلك؟ أنا الآن متعب بعد يوم مليء بالعمل وسهرة طويلة وأريد أن أنام. قال: أرجوك، لا أريد التفريط بهذا الموضوع، هل يمكنك إحضاره إلي الآن ولن أنسى لك هذا الجميل؟ قلت: أمري لله، انتظرني.
حملت القرآن الكريم باللغة الفرنسية وهممت بالخروج إلى هذه المهمة التي كنت سأساهم فيها ربما ـــ أنا المسيحي ـــ في إعادة أشهر ممثلة أفلام شهوانية إلى الإيمان!
وما إن تخطيت عتبة الباب حتى رن جرس الهاتف من جديد وإذا بالصديق نفسه يقول: “بليز”، ليتك تستطيع أن تجد لنا أي سندويتشين من أي مكان في طريقك لأننا سنموت من الجوع! فقلت: ليتكما متا من الجوع لكنت ارتحت من هذه المهمة في هذا الوقت من الليل…
وانطلقت نحو الحي السابع من العاصمة الفرنسية ولم أجد في الطريق أي محل لبيع أي شيء، فلم تكن في ذلك الوقت قد انتشرت بعد محلات ماكدونالد والشاورما وما شابهها من المحلات التي تبقى أبوابها مفتوحة لساعات الليل المتأخرة.
وصلت إلى المكان المقصود وقرعت الجرس، وخلال أقل من ثانية فُتح الباب وكأنّ صديقي كان ينتظر خلفه من شدة الشوق لحل مشكلته وقرب الفرج المنتظر. في اللحظة التي فُتح فيها الباب إذ بسيلفيا تطل وكأنها لم تكن على علم بمجيئي وأرادت معرفة ما الذي يجري. قامة شامخة، جسم ممشوق يلفه قميص عسلي ناعم وشفاف… لم يدم المشهد أكثر من ثانية حيث سرعان ما ودّعني الصديق الغيور و”البخيل”، وأقفل الباب شاكراً لي مهمتي العتيدة.
استمرت العلاقة بينهما عدة أشهر، وانتشر خبرها في بعض أوساط الجالية اللبنانية، وأصبحا يتنقلان من بلد الى آخر وغابت عني أخبارهما، ولم أعرف أو لم أعد أذكر ما إذا كانت سيلفيا اقتنعت بحقوقها أم لا.
في تشرين الأول من العام 1982 تزوجت، وأثناء حفل العشاء الذي أقمناه، رن جرس الهاتف في المطعم، وإذا بسيلفيا وصديقي يتصلان لتقديم التهاني من لوس أنجلس حيث كانا يقضيان بضعة أيام لم تدم العلاقة بعدها طويلاً . فقد كانت سيلفيا تغرق يوما بعد يوم في تعاطي الفودكا والمخدرات شأنها في ذلك شأن والديها اللذين عرفنا فيما بعد أنهما كانا سكّيرين. وكان جسمها يختزن يوما بعد يوم كميات كبيرة من السمنة جعلت المخرجين يلجأون في الأفلام التي تمثل فيها إلى حيلة تصويرية حيث كانوا يُظهرون وجهها فقط في المشاهد الحميمة بينما الجسد كان لممثلة أخرى.
ومن الأسرار التي لا يعرفها الناس أن سيلفيا كانت مصابة بالشبق الجنسي كما رُوِي لي خصوصا عندما كانت تحت تأثير الكحول. فكانت لا تتورّع عن ممارسة الجنس مع سائق تاكسي كان قد أقلّها إلى الفندق، أو مع حمّالي الحقائب في الفنادق التي كانت تنزل فيها. وكانت تقول إن هؤلاء “أضمن”، فلو حكى أحدهم أنه مارس الجنس مع سيلفيا كريستيل لن يصدّقه أحد !
توفيت سيلفيا كريستيل في 17 تشرين الأول عام 2012 في أمستردام عن عمر بلغ 60 عاماً بعد أصابتها بالسرطان وبعد زواجها أكثر من مرة من دون أن تسعد في حياتها.
قبل وفاتها بأسابيع قالت جملة تعبّر عن المأساة التي عاشتها هذه الممثلة الجميلة: ” كل الرجال أحبوا جسدي، لكن أحداً منهم لم يحضن قلبي بيديه “.