سيناريو سيئ يتوقّع حدوثه في لبنان نتيجة الحرب الروسية-الأوكرانية. فارتفاع الأسعار والتخوّف من فقدان السلع والمواد الأساسية، أرفق بعودة ارتفاع سعر صرف الدولار مقابل الليرة اللبنانية بعد استقراره في حدود الـ 20000 ليرة في الشهرين الماضيين. كذلك، الاقتصاد المنهك بحاجة إلى ضخّ دولارات، على الأقلّ لدعم السلع الحيوية، في حين أن مصرف لبنان عاجز عن تأمين المبالغ اللازمة بالعملة الصعبة لهذا الغرض، مقابل عدم قدرة المواطنين على تحمّل ارتفاع إضافي في الأسعار. هذا من دون أن ننسى جشع التجار واستغلالهم كل فرصة لرفع أسعارهم، وسط حكم طبقة فاسدة للبلد مستعدة لزيادة مأساته على حساب مصالحها وحماية مقاعدها. وفي ظلّ هذا المشهد المأسوي، ما من بوادر حلحلة توحي بإمكانية وقف الحرب، فما مصير لبنان اقتصادياً؟
وقال أستاذ الإقتصاد في «الجامعة اللبنانية» البروفسور جاسم عجاقة أن «الاستخدام الأكبر لسعر صرف الدولار يكون في الاستيراد والتصدير. وكي نتحدّث عن سعر صرف يفترض توفّر السيولة بالليرة اللبنانية لشراء الدولارات، أو العكس. لكن، من يمتلك الليرة في السوق؟ هم التجار في الدرجة الأولى أما المواطنون العاديون فلا سيولة كافية بالليرة لديهم، خصوصاً وان عددا كبيرا منهم اشترى الدولارات بما توفر لديه من ليرة، ما يعني أن الجهة القادرة على المضاربة على العملة الوطنية هي التجار فقط لا غير بواسطة الصراف، مع العلم أنه يعتبر أيضاً تاجرا (تاجر للعملة)».
وتابع «لطالما اتّخذ التجار موضوع سعر الصرف شمّاعة بحجة رفع أسعار سلعهم، وهذا الأمر استغلّ في الفترة الماضية بشكل كبير، إذ بمجرّد ارتفاع سعر صرف الدولار تحلّق الأسعار وعندما ينخفض لا تتأثّر الأسعار».
ولفت عجاقة إلى أن «عادةً، عندما تكون السلطات عاجزة عن اتّخاذ أي خطوة رادعة، وهذه حال لبنان، تحاول لفت الأنظار عبر خلق مشكلة أو تحويل الانتباه إلى ملفّ آخر، وهذا ما يحدث في موضوع الدولار، والتجار تمكّنوا من القيام بذلك، فيستفيدون من رفع الأسعار، ومن جهة أخرى لم يعد المواطن متنبّها إلى أن على السلطة تأمين الأمن الغذائي له، إذ تبرر المشاكل بأن مصدرها سعر الصرف، بينما السبب في مكان آخر وهو خلوّ السوق من الدولارات».