وصلت شظايا الحرب الروسية على أوكرانيا إلى الاقتصاد العالمي، الذي اهتزّ بعدما تحوّلت الأزمة بين البلدين إلى دولية، مؤثّرةً على بورصات العالم. وبالطبع لم يسلم لبنان المرهق اصلاً بأزماته الداخلية المتشعّبة من ذيول هذا الواقع. فارتفاع أسعار النفط عالمياً سيؤدي حتماً إلى تضخم ضمني تكون له تداعيات داخلية ضخمة بسبب الفساد المتحكّم بمفاصل الدولة، ويتوقع الخبراء الاقتصاديون أن تشهد الأسعار ارتفاعاً بالدولار. كذلك، عرض السلع والمواد الأساسية وتحديداً الغذائية منها في خطر، مقابل توقّعات بارتفاع في الطلب وسط الأخبار عن خلل في التموين وتهافت الناس على الشراء قبل فقدان السلع أو ارتفاع سعرها. وأوّل معالم تأثّر السلع بالحرب كان بدقّ أزمة القمح ومعه الطحين على الأبواب اللبنانية ويليهما الزيت مع الحديث عن أن سائر المواد الغذائية في خطر إن كان لناحية توفر الكميات اللازمة لسد الحاجة المحلية أو لناحية الأسعار. فما مصير الأمن الغذائي؟ وكيف يمكن قراءة واقعه؟ وأوضح نقيب مستوردي المواد الغذائية هاني بحصلي أن «كلّ الزيت النباتي في السوق المحلية مستورد، وحتّى الصناعة المحلية تعتمد على استيراد الخام من الخارج. بالتالي، تشمل الأزمة المستورَد والمصنَّع محلّياً من الزيت». ولفت إلى أنه «لا يمكن إحصاء كميات الزيت الموجودة في لبنان أو التي من المفترض أن تصل، لأن عدد المستوردين بالمئات وما من مرجعية محدّدة لاستيراد المادة. لكن، الخلل في التوريد قائم من ناحية العرض ويتخطّى أوكرانيا وروسيا كون الأزمة عالمية، إذ على غرار النفط، تخربطت اسعار الزيوت وارتفعت عالمياً، بالتالي الاتّجاه إلى مصدر آخر مثل تركيا أو مصر سيواجه على الأغلب باحتمالين: قول البلد المورّد أن لا بضائع كافية لديه، أو إعلام التاجر بان الأسعار ارتفعت تبعاً لحركة العرض والطلب»، مضيفاً: «توجد أسواق بديلة لأوكرانيا وروسيا إلا أن وضع الطلبيات والاستيراد يستغرق حوالي أربعة أشهر للوصول إلى لبنان. ونحن على مشارف رمضان، فطلبيات البضائع التي تصل اليوم وضعت منذ أشهر وليس من السهل الاستيراد في ظلّ أزمة كالتي نعيشها». وتابع: «صحيح أن المشكلة الأساسية في القمح وبعده الزيت، «إلا أن أسعار الحبوب (عدس، ذرة، حمص، جوز، لوز…) على اختلافها ارتفعت أيضاً كون أوكرانيا تعدّ مخزناً لهذه السلع والمصدّر الأساسي لها».
