أكد حاكم مصرف لبنان رياض سلامة مجدداً ان الليرة اللبنانية لاتزال هي عملة البلد وان «المركزي» مستمر، ضمن امكاناته، في تأمين استقرار سعر الصرف. وأشار الى ان سعر صرف الليرة لدى المصارف ولدى الصيارفة لطالما كان قائماً موضحاً ان أسواق الصيارفة والأوراق النقدية بالدولار لا يتدخل فيها مصرف لبنان الا من ناحية التنظيم. وشدد على أن القروض السكنية المدعومة لاتزال قائمة ولفت الى ان العملة الرقمية ستكون بالليرة اللبنانية فقط وليست بالدولار. وامل من الحكومة اقرار موازنة لسنة 2020 تعطي اشارة ايجابية للأسواق.
افتتح المنتدى السنوي التاسع للمسؤولية الاجتماعية للشركات «سي.اس.آر ليبانون» بعنوان «الاقتصاد الدائري»، صباح امس، في فندق «فور سيزنس»، برعاية الحاكم سلامة، وحضور سفير هولندا في لبنان يان والتمانس، والنواب: رلى الطبش، عناية عز الدين، بولا يعقوبيان وفؤاد مخزومي، ممثل قائد الجيش العقيد هاني غصين، ممثل المدير العام لقوى الامن الداخلي المقدم شادي سرحال، ممثل المدير العام للامن العام المقدم سليم البرجي، مديرة «الوكالة الوطنية للاعلام» لور سليمان صعب، رؤساء وممثلي هيئات اقتصادية ورجال اعمال وصناعيين وممثلي جمعيات ومنظمات غير حكومية وناشطين في هيئات المجتمع المدني ومهتمين.
قصار
بعد النشيد الوطني، وتقديم للزميلة ميرنا اسحق، قال رئيس «سي.اس.ار ليبانون» خالد قصار: «ان مفهوم الاقتصاد الدائري كما تعتمده الدول التي تحترم حقوق مواطنيها، يعني تأمين هواء نظيف ومياه صالحة للشرب، هو ان نفكر في نهاية كل سلعة منذ بداية انتاجها وليس فقط في طريقة معالجة الاثار المترتبة عنها».
أضاف: «سياسات الاقتصاد الدائري تعتمد ليس وفقا لادارة سليمة للنفايات، بل ايضا في سبل تمويل الصناعات النظيفة وجذب رؤوس الاموال والاستثمارات وتمويل الهيئات المانحة وبيوت المال الدولية بما يوفر آلاف فرص العمل الجديدة حول العالم، وهو منهج متكامل للابتكار والابداع التكنولوجي والرقمي في الصناعة ويدعمها».
ازهري
من جهته، لفت رئيس مجلس ادارة «بنك لبنان والمهجر» سعد ازهري الى ان «الاقتصاد التدويري هو في اقتصاد المستقبل، إذ يحمل في طياته إستعمالا منظما للموارد يراعي التغيرات المناخية والبيئية ويعمل على توفير نمو اقتصادي يخفض من مستويات التلوث والإحتباس الحراري في العالم ويؤمن للأجيال القادمة حياة أكثر استدامة وسلامة»، معلنا «استعداد القطاع المصرفي لتطوير دعمه القضايا البيئية من خلال تمويل مختلف جوانب الإقتصاد التدويري إذا توفرت الشروط والفرص المناسبة، وليساهم بذلك في تعزيز التدوير في الحياة الإقتصادية اللبنانية».
الزغبي
ثم عرض مدير مكتب الاستدامة في مؤسسة ماجد الفطيم ابراهيم الزغبي لمبادرات المؤسسة في «دعم الاقتصاد الرقمي والمساهمة في انشطة مواجهة الاثار السلبية للاحتباس الحراري وتغير المناخ وزيادة الوعي حيال هذا الواقع من خلال التعاون مع منظمات المجتمع المدني، بهدف الحفاظ على الموارد الطبيعية للاجيال المقبلة».
وأشار الى ان «العالم يحتاج الان الى مقاربة مختلفة للاقتصاد تأخذ في الاعتبار الواقع الاجتماعي وتأمين استدامة الموارد والتوعية على انماط الاستهلاك السليم للتقليل من انتاج النفايات»، مشددا على اهمية «الفرز وتدوير كل ما يمكن تدويره منها».
افيوني
من جهته أشار وزير الدولة لشؤون تكنولوجيا المعلومات عادل أفيوني، في كلمته الى أن «الاقتصاد الدائري مهم جدا».
وأوضح أن «هناك خارطة طريق، وضعتها حكومتنا، وتضم خطة عمل وإصلاحات ضرورية يجب أن نلتزم بإطلاقها لإيصال البلد الى برّ الأمان، وحتى يصل شعبنا الى المكانة التي يستحقها في النمو والازدهار، والأهم من ذلك أننا بحاجة الى تنفيذ هذه الخطة بطريقة سريعة وفعالة، وأن نعتمد أعلى معايير الحوكمة والشفافية للوصول الى هذا الهدف».
وكشف أن المحور الأول لخارطة الطريق هو المحور المالي، والمطلوب إصلاحات مالية جدية وسريعة في مالية الدولة وهيكليتها، لتخفيض العجز بشكل جدي وطموح، وهذا ما يؤدي طبيعيا الى استعادة الثقة: ثقة اللبنانيين، وثقة الأسواق، وثقة المستثمرين.
وذكر أن المحور الثاني هو المحور الاقتصادي والحركة الاقتصادية، مشيرا الى أن تحفيز النمو والحركة الاقتصادية يجب أن يتم عبر مشاريع كبرى أولا في البنى التحتية، وهذا دور مشاريع «سيدر»، وهي مشاريع حيوية نحن بحاجة اليها لإعادة تطوير وتأهيل البنى التحتية.
جريصاتي
من جهته، دعا وزير البيئة فادي جريصاتي الى «عدم فقدان الايمان بلبنان وبالبيئة»، وقال: «رغم كل السواد القائم في لبنان، ورغم فشلنا كقطاع عام في ادارة ملف النفايات، ما زال بإمكاننا تغيير الصورة».
وحيا حاكم مصرف لبنان، وقال: «مشروعان يجمعان وزارة البيئة بمصرف لبنان، هما مشروع مكافحة التلوث Lepap الذي من خلاله نقدم قروضا مدعومة جدا للمصانع اللبنانية الراغبة في نيل شهادة الالتزام البيئي، وهذا مشروع حيوي مهم ونجح بدعم من مصرف لبنان، ونحن حاليا بتفاوض مع حاكم المصرف للحصول على 50 مليون دولار اضافية لنجبر صناعاتنا على أن تلتزم بيئيا لأن هذا من مسؤوليتها. ومؤتمرنا اليوم هو حول المسؤولية الاجتماعية والبيئية، آخذين في الوقت ذاته بعين الاعتبار أوضاع هذه المصانع والازمة التي نمر بها. وأغتنمها مناسبة لأشكر سعادة الحاكم على مبادراته ومن بينها قبوله رعاية مؤتمر اعادة التدوير الذي تنظمه وزارة البيئة سنة 2020».
وأكد اهمية «التنمية المستدامة والدور الذي يتولاه كل من رئيس الحكومة سعد الحريري ونائب رئيس الحكومة غسان حاصباني وكيفية تعاطي لبنان جديا في هذا الموضوع».
سلامة
وقال الحاكم سلامة في كلمته «إنّ الشمول المالي موضوعٌ يشغل اليوم جميع السلطات النقدية وصندوق النقد الدولي، وهو موضوعٌ يهمّ مصرف لبنان على الأخص إذ يعتبر أنه يساهم في تعزيز مستوى المعيشة في الدول عامة وفي لبنان خاصة. وفي هذا الإطار، أطلق مصرف لبنان مبادرات عدة، كالقروض السكنية المدعومة التي لا تزال قائمة. هناك اليوم في بعض المصارف التي اختارت أن تستمر معنا في هذه المبادرة، حوالي 280 مليون دولار مخصصة للقروض السكنية. كما أطلق مصرف لبنان قرضا للمغتربين تبلغ قيمته حوالي 100 مليون دولار. وقامت الكويت بدورها بتقديم قرض يساوي 170 مليون دولار موجه للقروض السكنية وهو بانتظار الحكومة لإقراره. ففي الأسواق اللبنانية اليوم 500 مليون دولار تقريبا لتأمين الطلب على القروض السكنية، الأمر الذي يخدم قطاعنا العقاري».
أضاف: «إنّ مصرف لبنان في صدد إصدار تعاميم حول وسائل الدفع والتسليف بالوسائل الإلكترونية، ويسعى إلى وضع التطبيقات المشمولة فيها تحت مظلة المصارف، ما يشجع القطاع التكنولوجي في لبنان ويسهّل عملية الدفع والاقتراض على المواطنين. نأمل أن تصدر هذه التعاميم قريبا، فتتمكن المؤسسات المهتمة من طلب ترخيص من مصرف لبنان الذي يقتصر دوره في هذا المجال على منح الترخيص والإشراف. ويترك المركزي للأسواق حرية التصرف بما يتعلق بتطبيق وتطوير الأنظمة التي تسمح للبنانيين بتنفيذ عملياتهم في جميع المناطق اللبنانية، حتى تلك التي لا يوجد فيها فروع للمصارف». ولفت الى ان «العملة الرقمية ستكون بالليرة اللبنانية فقط وليس بالدولار، وستساعد المستهلك على تحرير مدفوعاته بكلفة أقل. ونذكّر الجميع بأن الليرة اللبنانية لاتزال هي عملة البلد. مصرف لبنان مستمرّ، ضمن إمكاناته، في تشجيع القطاعات الانتاجية والقطاعات الاقتصادية عامة، ومستمرّ في تأمين استقرار سعر صرف الليرة».
وقال: «الكثيرون يتحدثون اليوم عن فرق بين سعر صرف الليرة لدى المصارف ولدى الصيارفة. ولكن، إذا ما عدنا في التاريخ، يتبين لنا أن هذا الفرق لطالما كان قائما، ففي بعض الأحيان كان السعر لدى الصيارفة أقل من السعر لدى المصارف، وأحيانا أخرى أكثر. وسبب هذا الارتفاع أو التراجع، هو أنّ أسواق الصيارفة والأوراق النقدية بالدولار، هي أسواق لا يتدخل بها مصرف لبنان إلا من ناحية التنظيم». موضحاً «ان الصراف لا يملك حسابات في مصرف لبنان، وبالكاد يملك حسابات في المصارف، وهو يتعاطى بالأوراق النقدية بموجب جميع الخصوصيات التي يملكها».
وأضاف: «وما شهدناه ابتداء من حزيران هو ارتفاع الطلب على هذه الأوراق النقدية، لا بل تضاعف قيمة شحن الأوراق النقدية التي يستخدمها الصرافون. ربما هذا الطلب محلي، من محطات البنزين أو الأفران أو الصيادلة بسبب الدولرة، بحيث أن المستورد يطلب من عملائه الدفع بالدولار إذ لا يملك الإمكانات الكافية ليتعاطى مع مصرفه بالدولار، نتيجة زيادة الاستيراد لبعض المواد التي لا نعلم إذا ما كانت للاستهلاك المحلي أم لا». مشيراً الى «ان هذا الارتفاع بالطلب على الأوراق النقدية بالدولار أدى إلى كلفة إضافية تراوحت بين 1 و3% بالنسبة للأسعار الموجودة في المصارف».
وقال: «استغل البعض هذا الوضع واستخدم أجهزة الصراف الآلي (ATM) لسحب مبالغ بالدولار وتقييدها في حسابه بالليرة، ثم بيعها لدى الصيارفة لتحقيق الربح، وإيداع المبلغ بالليرة من جديد في الـATM، علما بأننا من البلدان القليلة التي تضع الدولار في الـATM. لذلك، وافقنا على طلب المصارف اعتماد مبدأ السحب بالدولار لمن كان حسابه بالدولار، والسحب بالليرة لمن كان حسابه بالليرة».
وأضاف: «أما في ما يخص العملاء الذين يكون دخلهم بالليرة ويملكون قروض تجزئة بالدولار، فاتفقنا مع المصارف على أن تقوم هي بعملية التحويل لدى سداد هذه القروض وليس الصيارفة».
وتابع: «من ناحية أخرى، قد يتسبب إقتصادنا المدولر بمشاكل لجهة سداد فواتير الاستيراد. فعندما زاد استخدام الليرة اللبنانية في الأسواق التجارية، أصدر المركزي تعميما تستطيع المصارف بموجبه شراء الدولار من مصرف لبنان لتمويل إستيراد المشتقات النفطية (بنزين، مازوت، غاز) والقمح والأدوية. إن هذا الأمر أساسي لتأمين الاستقرار الاجتماعي وعدم خلق المزيد من الفوضى. سنطبق هذا التعميم بالاتفاق مع المصارف، وقد وضعنا له ضوابط ربما أزعجت البعض، لأننا لن نسمح بأن يستفيد من يستورد الدولار من مصرف لبنان ويبقي في المقابل سيولته في المصارف، لتلقي الفوائد». موضحاً «ان لدينا إمكانات متوفرة لتأمين الدولار لاستيراد هذه المواد الأساسية». وأكد «ان على المصارف التي ستفتح الاعتمادت، التأكد من أن هذه الأخيرة مخصصة حصرا لتغطية استيراد السلع بهدف الاستهلاك المحلي. هذا الأمر أساسي للوضع المالي في لبنان، ولسمعته ولبقائه منخرطا في العولمة المالية».
وقال: «نأمل من الحكومة إقرار موازنة لسنة 2020 تعطي إشارة إيجابية للأسواق، من حيث تخفيض العجز. ونحن مستعدون لتسديد استحقاقات الدولة بالدولار، لأسباب نقدية ولحماية صدقية لبنان وقدرته على تمويل اقتصاده».