بقلم الباحث والاعلامي كمال نخلة –
ولد نصري شمس الدين في قرية جون الشوف – اقليم الخروب – عام 1927 من عائلة ميسورة الحال. تلقى علومه الابتدائية في جون وكان منذ نشأته يحفظ أغاني وأناشيد ويلقيها في المناسبات المدرسية والقروية حتى عرف بمطرب الضيعة. وفي التاسعة من عمره غنى أمام جمهور كبير في نهاية السنة الدراسية بحضور رئيس الوزراء المرحوم عمر الداعوق الذي قدم له ساعة يد هدية على موهبته الرائعة.
بعدها انتقل نصري الى كلية المقاصد في صيدا، وحصل على شهادة البريفيه بتفوق، وتم تعيينه معلماً في كلية صور الجعفرية، لكن الفن أصبح جزءاً لا يتجزأ من واقعه وطموحه ومستقبله. وانطلاقا من هذا الاحساس، كان يغني للطلاب في الصف، حتى انكشف امره وأوقف عن التدريس، ثم عين في مصلحة الهاتف في بيروت لمدة سنة. وبعدها سافر الى القاهرة عن طريق استديو نحاس فيلم لدراسة الموسيقى لمدة ثلاث سنوات… وعاد بعدها الى لبنان، والى مصلحة الهاتف لأنه لم يجد له عملا فنياً، الى أن قرأ في احدى الصحف عن حاجة اذاعة الشرق الادنى الى أصوات جديدة جيدة، فحمل المجلة واتجه الى ممثل الشرق الادنى في ذلك الوقت الاستاذ صبري الشريف الذي طلب سماع صوته. وكان بين المستمعين كل من عاصي ومنصور الرحباني. وبعد انتهائة من الغناء تقدم عاصي ومنصور واخذاه بالاحضان…
ومنذ ذلك اليوم بدأ مشوار عمل فني طويل عمره 30 عاما مع الاسرة الرحبانية والسيدة فيروز. كان أولها (اسكتشات كاسر مزارب العين – براد الجمعية – نصري وسبع ومخول – وكان بطل ثلاثة افلام سينمائية هي: بياع الخواتم – سفر برلك – بنت الحارس – وبطل مسرحيات عديدة منها: موسم العز – هالة والملك – الليل والقنديل – الامير فخر الدين – جسر القمر – الشخص – يعيش يعيش – دواليب الهواء – بترا – صح النوم – جبال الصوان – ناطورة المفاتيح – ميس الريم- لولو – قصيدة حب .
هذا وقد لعب نصري ادوارا في جميع المسرحيات من دور المختار الى دور الامير فخر الدين، الى دور شيخ المشايخ، الى دور الملك، الى دور ثائر من الشعب وغيرها وغيرها من الادوار التي ما زالت محفوظة في اذهان العديدين.
وإن اول اغنية غناها نصري كانت ( بحلفك يا طير بالفرقة) من الحان الراحل فيليمون وهبي، وغنى نصري حوالي 1400 أغنية مختلفة من المسرحيات والاسكتشات والحفلات.
عمل نصري على تكوين فرقة جون للرقص الشعبي لاحياء مهرجانات بين الدين الشعبية. ومن هذه المهرجانات مهرجان مدينة الفرح – مهرجان وادي الغزار – ساعة وغنية – وغيرها بالاشتراك مع الفنان الراحل فيليمون وهبي، والسيده هدى حداد ومجموعة كبيرة من الفنانين…
كما أحيا نصري مهرجانات الارز مع السيدة فيروز والسيدة صباح بالاضافة الى مهرجانات جبيل. بالاضافة الى كل ما ذكر، لم يترك نصري أي بلد في العالم الا وغنى فيه للبنان، من اميركا الى اوروبا واستراليا وافريقيا والدول العربية الى آخره…
وقد تعامل نصري مع عدد كبير من الملحنين منهم: الراحل فيليمون وهبي، سامي الصيداوي، توفيق الباشا، زكي ناصيف، حليم الرومي، ملحم بركات، وطبعا عاصي ومنصور الرحباني وغيرهم…
ومن هوايات نصري المفضلة كانت الصيد مع صديقه الراحل فيليمون وهبي، ولعبة الداما في ساحة الضيعة..
تزوج نصري من السيدة يسر الداعوق، وله 6 أولاد، 4 بنات وصبيان، وقد تحقق امنيته بأن يموت على المسرح وكان ذلك في آخر عمل فني له في مدينة دمشق اثناء اقامة حفلة غنائية على مسرح دمشق الدولي، وكان ذلك في الثامن عشر من شهر آذار سنة 1983 عن عمر يناهر السادسة والخمسون.
هذا باختصار الفنان الأصيل الراحل نصري شمس الدين، الذي ملأ الدنيا بهجة وفرح، نكرمه اليوم بعد مرور سنوات على رحيله. إن نصري شمس الدين ما زال اليوم باغانيه والمسرحيات التي قدمها يعيش بيننا، وعلينا في هذه المناسبة ان نكرمه، وكما يكرم عظماء الفن في لبنان وذلك بنشر اغانيه واسكتشاته وتعريف الجمهور الجديد على اعماله الخالده وان يكون له يوم وفاء وذكرى في نفوس كل محبيه.
إنها مسؤولية وزارة الثقافة اولا واخيراً نتوجه اليها بكل محبة واخلاص ان تقيم مهرجانا تكريميا لهذا الفنان الذي كان سفيرا للبنان قبل ان يكون له سفراء.