يحاول العهد الجديد في لبنان إبرام اتفاق مع صندوق النقد الدولي بعد مسار طويل من التأرجح والتعثّر، في ظلّ غياب الإصلاحات واتباع سياسية المناورة لتحقيق مكاسب خاصة بعيداً من الرؤى الاقتصادية الإنقاذية .
.ويقول بعض الخبراء إنّه “كان من المفترض أن تكون اتفاقية الصندوق على مستوى موظفي صندوق النقد الدولي لعام 2022 نقطة تحوّل، حيث توفر إطاراً للمساعدة المالية مقابل إصلاحات رئيسية، بما في ذلك إعادة هيكلة القطاع المصرفي، وضوابط رأس المال، والانضباط المالي، لكن بدلاً من ذلك، أصبحت أداة للتأخير، وقد استخدمت النخبة الحاكمة في لبنان الاتفاق للإشارة إلى التعاون دون تنفيذ أي من بنوده، فقد توقفت الإصلاحات الأساسية أو خففت لحماية المصالح الخاصة، ممّا جعل الدعم المحتمل من صندوق النقد الدولي بلا معنى
قبل ايام بدات بعض الاطراف تروج بان المفاوضات بين لبنان وصندوق النقد لن تتم قريبا لان هذا الملف بات مرتبط بالتطورات الحاصلة في المنطقة ، اضافة الى التاخير الحاصل في اقرار القوانين الاصلاحية الملحة ، فهل هذه المعلومات صحيحة “مجلة 24 ” استضافت كبير الاقتصاديين في مجموع بيبلوس المصرفية الدكتور نسيب غبريل للاطلاع منه على اخر التطورات ولسؤاله عن سبب الحملة الاخيرة على مصرف لبنان بعد صدور التعميم 169 ، ولماذا قامت الضجة السياسية بعد التعينات التي حصلت في مصرف لبنان
غبريل استهل حديثه بالقول “لايمكنني ان اقول ان االمفاوضات مع صندوق النقد الدولي مرتبطة بالتطورات الحاصلة في المنطقة بشكل مباشر ، لأن التواصل مع الصندوق لم يتوقف وهو مستمرعن بعد وببطء بسبب الشغور الرئاسي وحكومة تصريف الأعمال وتفعلت المفاوضات مجددا حين انتخب الرئيس جوزاف عون وبعد طلب من الحكومة اللبنانية حضر وفد الصندوق في شهر أيار 2024 وقال أنه أتى بمهمة تقصي الحقائق وليس لمتابعة تطبيق الإصلاحات التي لها علاقة بالاتفاق المبدئي مع حكومة الرئيس نجيب ميقاتي عام 2022 لأن هذا الاتفاق تخطته الظروف والوقت ويجب تحديثه وتطويره ، اذا يضيف غبريل بعد انتخاب الرئيس جوزاف عون طلبت الحكومة من الصندوق الانخراط مجددا بالإصلاحات في لبنان وحضر وفد في شهر آذار وعقد اجتماع ثم ذهب وفد لبناني لحضور اجتماع الصندوق في الربيع وحضر وفد اخر إلى لبنان في شهر أيار للبدء في المفاوضات على برنامج إصلاحي يتضمن شروط مسبقة وإجراءات مسبقة بهدف الحصول على قرض بقيمة ثلاثة أو أربعة مليارات دولار من الصندوق .
وتابع : الذي حصل أن الصندوق كان عنده توقعات من السلطات اللبنانية أن الحكومة ستحيل إلى مجلس النواب مشروع قانون انتظام العمل المصرفي قبل اجتماعات الربيع في شهر نيسان وقد حولت الحكومة هذا المشروع بالفعل قبل اجتماعات الربيع وكان عنده توقعات بأن يتم تعديل قانون السرية المصرفية وقد حصل ذلك وحين حضر وفد الصندوق في شهر أيار كان هناك توقعات أن تتوصل الجهتان إلى اتفاق مبدئي مشابه للاتفاق الماضي الذي حصل عام 2022 وكان من المفترض أن يحضر وفد في شهر تموز إلى لبنان لكن اندلاع الحرب الإسرائيلية الإيرانية جمدت كل الامور وخلال الأيام ال12 كل مشاريع الإصلاحات والقوانين كانت تسير ببطء ، بالنسبة للقطاع الخاص والمجتمع اللبناني والمجتمع الدولي كان هناك توقع أن يتم الاتفاق لفترة قريبة بعد وقوع الحرب كان هناك تكهنات وسيناريوهات أن الحرب ستتوسع خصوصا بعد الضربة الأميركية لم يعد مشروع الإصلاح هو الأولية في لبنان إذ أن تداعيات الحرب على الموسم السياحي وشظايا الحرب على لبنان .
وقال ” اليوم وبعد توقف هذه الحرب عاد الوضع في لبنان لتحريك الموضوع الإصلاحي ، بمعنى أن الإرادة المحلية هي التي تسرع المفاوضات مع الصندوق او تبطئه ، لكن إذا أردنا أن ندخل بصلب السؤال إذا كان هناك ارتباط بالتطورات السياسية نعم له علاقة في لبنان لأن الإصلاح لا بتجزاء والرسالة كانت واضحة صحيح ان صندوق النقد والبنك الدولي لا يتحدثان لكن رسائل عدة وصلت الى لبنان والرسالة الاخيرة كانت واضحة من المبعوث الأميركي توماس براك الذي قال إن الإصلاح لا بتجزاء ويجب أن يكون سياسي وأمني ودبلوماسي وقضائي واداري ومالي ومصرفي بمعنى يجب أن تبسط الدولة سلطتها على كافة الأراضي اللبنانية واحادية السلاح واحتكار قرار الحرب والسلم الذي يجب ان يكون بيد السلطة اللبنانية والقوى الأمنية اللبنانية وضبط الحدود والمعابر غير الشرعية وترسيم الحدود بين لبنان وسورية وبالشق الدبلوسي ترميم العلاقات مع دول الخليج وبالتحديد اغلاق مصانع الكبتاغون ومنع تصدير الممنوعات وتأمين سلامة المطار والطريق المودية اليه ووقف الحملات الإعلامية التي تصدر من وسائل الإعلام اللبنانية وإقرار قانون استقلالية القضاء والتعيينات القضائية وفصل السلطات ليس بالقانون فقط بل بالممارسة والالتزام بالمهل الدستورية وتطبيق القوانين أما بالنسبة للإصلاحات الاقتصادية إعادة هيكلة القطاع العام وترشيد الإنفاق وفك احتكار الدولة عن إدارة وتملك القطاعات الحيوية وإدخال المنافسة إلى هذه القطاعات مثل الكهرباء والاتصالات والمياه والطرقات والمواصلات والمطارات وانشاء هيئات ناظمة لإدارة هذه المؤسسات ذات الطابع التجاري وايضا هناك موضوع مكافحة اقتصاد الظل الذي يشمل القطاع المالي والطاقة والاتصالات والصناعة لأن شركات التدقيق قدرت حجم اقتصاد الظل بنحو 20 بالمئة من الناتج المحلي وهذا ما أدى إلى وضع لبنان على اللائحة الرمادية وأدى إلى وضع لبنان على اللائحة السوداء من قبل الاتحاد الأوروبي .
وتابع : هذا موضوع حيوي وأساسي ويشمل الإصلاحات بكل جوانبها أما بالنسبة للإصلاح المالي يجب مكافحة التهرب الضريبي والجمركي وظبط الحدود ومحاربة التهريب والأغراق والإصلاح المصرفي عن طريق تفعيل عمل المصارف ، وإذا أردنا أن ناخذ سؤالك إلى السياسة يحب أن يكون الإصلاح الشامل وليس فقط الحديث عن القطاع المصرفي لأن الإصلاح الشامل هو الذي يعيد الثقة للبنان خصوصا أن الحديث فقط على القطاع المصرفي يحجب الحديث عن أمور أخرى مثل قطاع الصيرفة إذ هناك 300 صراف مرخص مقابل 3000 صراف غير مرخص وهناك جمعيات غير حكومية تتصرف وكأنها مؤسسات مالية وهناك شركات لتحويل الأموال تخطت ما يسمح لها الترخيص التي حصلت عليه من مصرف لبنان وكما نعلم أن منظمة العمل المالي حين وضعت لبنان على اللائحة الرمادية تحدثت عن اقتصاد الظل ، اما بالنسبة للتعميم 169 لا أعتقد أن البنك المركزي قد أعتدى على صلاحيات أحد مع احترامي لآراء البعض ، هذا التعميم جاء للمساواة بين المودعين لأن البعض منهم يحملون جنسيات أوروبية أو جنسية أخرى ومقيمين في الخارج وعندهم الإمكانيات لتكليف مكتب محاماة رغم التكاليف الباهظة لإقامة دعوى على المصارف لتحصيل أموالهم وهذا حقهم لكن الذي حصل هناك احكام صدرت من بعض المحاكم الأوروبية أدت إلى تحويل عشرات الملايين من الدولارات إلى هولاء المودعين وهذا حقهم ولكن بسبب وجود أزمة سيولة في المصارف وهذه هي المشكلة من هنا أن الاموال التي تحول تؤدي إلى حرمان بعض المودعين المقيمين ، اليوم السيولة المتوفرة في المصارف حتى آخر ايار هي بحدود 5 مليارات دولار لكن هذه السيولة غير جاهزة حتى تستعملها المصارف اذا هناك نحو مليارين ونصف المليار ودائع “فريش” في المصارف اللبنانية مصرف لبنان اجبر المصارف أن تغطيها مية بالمئة والرصيد الباقي حوالى مليارين و٥٠٠ مليون دولار هي السيولة الجاهزة لكل القطاع المصرفي وهذه السيولة ليست موزعة بالتساوي في كل المصارف هناك بعض المصارف تملك معظم هذه السيولة لذلك حين يربح المودع دعواه في الخارج يضطر المصرف تحويل المبلغ من السيولة الموجودة وهذا المبلغ يذهب من أمام مودعين آخرين وهم المقيمين أو الذين لا يملكون جنسية أخرى أو ليس عندهم الإمكانيات لتكليف مكتب محاماة في الخارج ، هذا هو هدف التعميم الاخير وهو لا يمس بالودائع ” الفريش” في المصارف اللبنانية بل له علاقة بالودائع المكونة قبل العام 2019 لذلك هذه الضجة غير مبررة وعلى الجميع الاطلاع على التعميم. وأسبابه الموجبة
بالنسبة للتعينات التي أقرها مجلس الوزراء لمراكز نواب الحاكم ولجنة الرقابة على المصارف قال غبريل “نحن نعرف أن التوزيع الطائفي موجود وان لست ضد هذا التوزيع لأن المشكلة التي حصلت هي المحاصصة السياسية فالتوزيع الطائفي مش مشكلة إذ بالامكان وجود اناس مؤهلين في كل طائفة لملء هذه المراكز لكن الذي حصل أن القسم الأكبر من هذه التعينات أخضعت للمحاصصة السياسية وحتى بالمحاصصة السياسية بالامكان اختيار الأفضل لأن المخصصات لهذه المركز يمكن أن تستقطب أناس من كل أنحاء العالم لملء هذه المراكز مثلا نواب الحاكم هناك اثنان من القدامىء وواحد من موظفي مصرف لبنان وعنده خبرة جيدة وآخر من الوجوه الجيدة ، أما بالنسبة للجنة الرقابة على المصارف وهذه اللجنة مهمة جدا وستلعب دور مهم جدا في المرحلة المقبلة خصوصا لناحية إعادة هيكلة المصارف ومراقبة العمل المصرفي كانت التوقعات أن يتم اختيار الأشخاص بعيدا عن المحاصصة السياسية وأن لايكون هناك تضارب مصالح مع المصارف وثالثا أن يكون عندهم خبرة مباشرة في هذا الموضوع لذلك ردات الفعل في لبنان كانت متفاوتة في هذا الموضوع ، وحتى التعينات التي حصلت من قبل كانت تعكس ذهنية المحاصصة السياسية بغض النظر عن التوزيع الطائفي لأن هناك فرق بين الاثنان بالاجمال التعينات التي حصلت أي التعينات الأمنية و حاكم مصرف لبنان والتشكيلات الديبلوماسية كانت ممتازة ولا غبار عليها ، أما الذي حصل مؤخرا هناك علامات استفهام عليها أن لناحية المحاصصة واستمرار الذهنية القديمة مع أنه هناك اسماء محترمة ولايوجد مشكلة عليها لكن الصورة التي قدمت أظهرت أن الذهنية لاتزال على حالها خصوصا بالنسبة لنواب الحاكم كان هناك فكرة لماذا يجب أن يمدد لهم اليس هناك أناس مؤهلين مع احترامنا لكل النواب التي انتهت ولايتهم في شهر حزيران وكان بالامكان تعيين نواب جدد لكن صار هناك كلام واخد وعطاء في الموضوع فتم التجديدلاثنان منهم وتم تعين نائب من داخل مصرف لبنان وواحد من الخارج ونتمنى التوفيق لهم
أما لناحية تعيين لجنة الرقابة على المصارف فقد حصل اعتراض شديد داخل مجلس الوزراء لأنه لم تقدم ملفات المرشحين ولم يقدم لكل مركز ثلاث اشخاص حسب الآلية التي اعتمدت لم يتم الالتزام بها بسبب الاستنسابية وقد اعترض بعض الوزراء على التعينات التي حصلت .