بقلم د. نبال موسى
وقع بين يدي كتاب طريف نادر فيه نكتة من نوع غريب وخاص حول موضوع لم يتطرق اليه أحد من قبل. يرصد الكتاب العديد من العبارات الطريفة التي كتبت على شواهد القبور الباريسية والتي تستحق فعلا أن تذكر.
كنت أعرف ان الفرنسيين شعب يحب السخرية من كل شئ في حياته، حتى من نفسه، وهذه قمة الفلسفة، لكنني لم أكن أتصور أنهم يسخرون ايضا من وفاتهم هم أنفسهم. فقد فوجئت بأن العديد منهم أختار لنفسه ما سيكتب على قبره وأوصى به في وصيته وتم تنفيذه، وبعض هذا من أطرف ما ابتدعه الانسان في مواجهة الموت وهو: الابتسامة. تلك الابتسامة التي تعني في النهاية أنه لا حول ولا…وسأنقل اليكم بعض ما كتب على هذه الشواهد.
أحد الفنانين الذي توفي عام 1793 بسبب حصى في الكلية طلب ان تكتب على قبره هذه الكلمات: “تحت هذا الحجر يرقد من مات بالحصى”. وطلب أحد الضباط الذي مات شاباً كتابة هذه الجملة: ” زوجتي الحبيبة، أنا بانتظارك، 5 كانون الثاني 1843″، وتحتها نقرأ : ” زوجي الحبيب، ها أنذا، 5 كانون الأول 1877 “. لقد انتظر المسكين 34 عاماً كي تلحق به !! الصبر جميل…
ومن الطريف ما كتبه الشاعر جاك دو لورنس على قبر زوجته: ” هنا ترقد زوجتي، كم هي ارتاحت وكم ارتحت أنا “. أما الصحافي والناقد بول ليوتو (1956) الذي كانت له مشاجرات ادبية ونقدية حامية مع العديد من معاصريه، فقد طلب ان يُكتب على قبره ونفّذت وصيته: ” هنا يرقد بول ليتو، بعضهم يقول مات باكراً وبعضهم الآخر يقول تأخر في الرحيل “.
وكتب على قبر الشاعر سكارون (1660) أول أزواج الأديبة الفرنسية الشهيرة مدام دو منتونان، وكان أصيب بعاقة حرمته النوم طوال حياته: ” أيها المار من هنا، إلزم الصمت من فضلك، لأنها الليلة الأولى التي أنام فيها”.
وكتب أحدهم، ولعله من وزن الكثيرين من زعمائنا ومسؤولينا هذه العبارة على قبره : ” ايها التراب، كن خفيفاً فوقي فلم أكن أنا ذا وزن عليك “. أما آخر العبارات التي اخترتها فهي التي طلب أحدهم ان تكتب على قبره وهي تقول متوجّهة للمارة طبعاً: ” لقد كنا كما أنتم، وستصبحون كما نحن “.
وفي الكتاب بعض الجمل والعبارات الشهيرة والطريفة التي نقلها الرواة عن اشخاص يصارعون الموت مثل عبارة الشاعر رابليه الذي قال: ” أسدلوا الستارة، لقد انتهت المهزلة “. ومثل ما قاله الاديب مونتاني وهو ينازع: ” لست خائفاً من الموت، لكنني أخشى أن أمحى من الوجود “. وعندما جاءت أوسكار وايلد فاتورة طبيبه قبل وفاته بساعات، وكان قد نفض يديه من علاجه، قال مبتسماً: ” أموت فعلاً بسعر مرتفع “. وهذه العبارة هي فعلا ما يمكن ان يردده اليوم الشعب اللبناني الذي اختنق بالديون وغلاء الاسعار والفساد في حين انه يعيش بين الزبالة من كل الأنواع.
وأخيراً، يبدو أن بعض اللبنانيين يحبون أيضاً السخرية من أنفسهم، وخير دليل ما يقال من ان احدهم واسمه يوسف جبر كان ينازع الموت وسئل هذا السؤال: إذا اردنا ان نكتب على قبرك عدد السنين السعيدة التي عشتها فماذا نكتب؟ فأجاب: أكتبوا: “يوسف جبر من ك… أمه للقبر”.
وعذراً على عبارة يوسف جبر!
ترقبوا مقالا للإعلامي الدكتور نبال موسى كل يوم اثنين