بقلم الدكتور نبال موسى
التقيت الفنانة الكبيرة وردة الجزائرية ثلاث مرات وتشاكست معها مرتين.
المرة الأولى كانت بعد زيارة الرئيس السادات للقدس، وكانت جاءت الى باريس لأحياء بعض الحفلات وللترويج لكاسيت تضم عددا من أغانيها الجديدة، فدعت عددا من الصحافيين الى مؤتمر صحفي في فندق برانس دوغال الذي يقع على بعد أمتار من مكاتب مجلة المستقبل في ذلك الوقت. وبعد أن رحّبت بالصحافيين وألقت كلمة قصيرة حول أغانيها الجديدة بدأ طرح الأسئلة. كنت قرأت أن وردة أيّدت زيارة السادات المشهورة. فسألتها عما إذا كانت توافق على زيارة اسرائيل والغناء فيها بما انها أيّدت الزيارة. فأحرجت وأجابتني بأن أي دعوة لم توجّه اليها. فأعدت السؤال قائلاً: في حال وُجّهت اليك الدعوة، فهل ستقبلين؟ فبدا واضحاً أنها لم تكن تتوقع اسئلة سياسية، وبدت النرفزة ظاهرة على تقاسيم وجهها، فغضبت وقالت إنها لا تجيب على اسئلة افتراضية، وعندما توجه اليها الدعوة ستنظر في الأمر. لم أشأ إحراجها أكثر من ذلك فاكتفيت بهذا الجواب.
وفي المرة الثانية دعيت مجلة “المستقبل” التي كنت أعمل فيها الى غداء مع وردة، وقيل يومها في بطاقة الدعوة انها ستغني اغنية جديدة وسيتم تصوير الاغنية في فيلم مع الحضور. انتدبني المرحوم نبيل خوري صاحب المجلة لتغطية هذا الحدث مع انني لست متخصصا في لا في الموسيقى ولا في الاغاني. وما ان جلسنا في المكان المقرر وجاءت السيدة وردة وسلمت علينا حتى اختفت. فاعتقدنا انها ذهبت لتستعد للغناء والتصوير. وبعد قليل، ظهرت فجأة وهي غاضبة واتجهت نحو باب الخروج وهي تقول: أنا لا أغني “بلاي باك”. وغادرت، وانتهى المولد من دون حمص كما يقول اخواننا في مصر. بدا ان سوء تفاهم حصل بين مديرها الفني ومنتج ذلك الفيلم، وهو أمر غريب لأن مثل هذه الأمور تدرس ويتم الاتفاق عليها بدقة متناهية. وربما كانت هناك اسباب أخرى لم نحاول الإطلاع عليها.
أما في المرة الثالثة والأخيرة فقد كان اللقاء في اذاعة الشرق وفي عز تألق وشهرة السيدة وردة التي كانت جاءت الى باريس للقيام ببعض الاعمال الفنية واتفقت معها على تسجيل مقابلة لبرنامجي الاسبوعي الفني “نجم على الهواء” الذي كان يذاع يوم الاحد، لأنها كانت ستغادر العاصمة الفرنسية قبل ذلك اليوم.
بدأنا المقابلة وكان كل شيء يسير على ما يرام حتى بدأت تحدثني في جواب عن أحد أسئلتي عن علاقاتها الفنية مع شخصيات الوسط الفني المصري، فاغتنمت الفرصة وسألتها عن علاقاتها بالشخصيات المصرية غير الفنية، وبالتحديد عما كان يُشاع عن علاقتها باحدى الشخصيات المصرية العسكرية الكبيرة المعروفة، فغضبت جداً من السؤال. لكنني دافعت عن سؤالي فلم تقتنع، فأحسست بان المقابلة لن تكون جيدة ومن الأفضل إنهاؤها، وهكذا كان وسط دهشة كل من كانوا في الاستوديو.
وأعترف اليوم بأن هذا السؤال لم يكن ضروريا بل هو خارج السياق، لكنني كنت تحت الأربعين ومشاكساً معروفاً. وبما ان وقت البرنامج كان ساعتين تتخللهما وصلات غنائية، وبما أن المقابلة لم تتجاوز نصف ساعة، فقد ملأنا الوقت بأغانيها الجديدة، وأذيعت بعد أن شطبنا منها مقطع الغضب والمشاكسة. وكان ما كان.
في وقت من الأوقات سرت شائعة في مصر تقول أنه عندما مات أحد كبار القادة وضعوا “وردة ” على جثمانه ؟! المعني في قلب الشاطر وليس الشاعر! والله أعلم، فالشائعات كثيرة في بلادنا. رحم الله وردة الجزائرية.