بعد ٢٢٢٠ يومًا نحِسات عِجاف لا خير فيها بدأت في ٢٠١٦/١٠/٣١ وستنتهي اليوم السبت في ٢٠٢٢/١٢/٣١ بنهاية “سنة المجاعة والإفلاس”، وللأسف يبدو أنهاستستمر مع عام ٢٠٢٣، لانه حتى الآن ليس لهذه “المجاعة والإفلاس” أفقًا منظورًا.. والتي أصبحت داخل الأبواب اللبنانية، وليست على الأبواب، كما يدّعي الذين كانوا سببًا في حدوثها، والتي أعادت لبنان إلى الوراء ١٠٧ سنوات، إلى سنة ١٩١٥، وهي سنة كارثة “المجاعة الأولى” التي حلّت بالربوع اللبنانية خلال سنوات الحرب العالمية الأولى[١٩١٣- ١٩١٨].. والتي تسبّبت في موت خُمس سكان الربوع اللبنانية آنذاك، من الجوع والمرض والأوبئة والقهر السياسي، ومن الأربع أخماس سكان هذه الربوع الذين بقوا على قيد الحياة، هاجر منهم الثلث ليبحثوا عن الكرامة في بلاد المهجر التي فقدوها على أرض وطنهم، وليفتشوا عن لقمة العيش الكريم التي افتقدوها في مسقط رأسهم.. كما هي حال اللبنانيين في “المجاعة الحالية “.
وهذه المقاربة ليست تشاؤمًا، وإنما هي واقع الحال المتردّي كما كان في سنة ١٩١٥ “قهر سياسي، إفلاس، مجاعة، أوبئة، ظلام، هذيان، ضياع، الناس في هذا الواقع كالسكارى وهم ليسوا بسكارى.
نعم، إنه واقع الحال الذي استشرى في لبنان منذ مابعد ٢٠١٦/١٠/٣١، واشتد من ٢٠١٩ ، وأصبح وباءًا منذ ٢٠٢٠/١٠/٣١، ليحوّل ما كان اسمه لبنان إلى بلاد “كان يا ما كان”، من جراء هذا “الصمم السياسي” او “الصنم السياسي” الذي كان يتفرّج من قصره على ما يجري في “لبنان كان يا ما كان”، وكأنّ ما يحدث فيه يحدث في “كوكب نبتون” أبعد الكواكب مسافة عن “كوكب الأرض” الذي فيه “لبنان”!!
وفي هذا السياق أشير بحسب المرصد الدولي للأرصاد “الجيو-سياسية” الدولية إلى أنّ الأحوال في إطار المناخ السياسي في العام الجديد الذي يبدأ غدًا الأحد هو عاصف وغير مستقر، وسيكون مصحوبًا برياح ساخنة تحجب الرؤية وقد تصل سرعتها إلى ١٨٠ كلم في الساعة، والتي ستصل إلى كل مناطق “ما تبقى من لبنان” وستقوده من أجواء “جهنم” التي يعيش فيها منذ اكثر من ٢٢٢٠ يومًا، إلى أتون “جهنم” بحسب المرصد الدولي… استغفر الله العظيم من كل ذنب عظيم..
هذا هو واقع الحال الحقيقي “في ما تبقى لبنان” الآن لمن أراد أن يتأمله بشجاعة وموضوعية من أفراد هذا الشعب اللبناني الطيّب الذي قد يشعر في بعض الأحيان بلحظات من السعادة، لكنها مثل حالة البرق سريعة الومض، سريعة الزوال، لانها تتحوّل بسرعة الإلكترون إلى “سراب جديد” [والسراب هو الذي تبتعد عن مكانه كلما اقتربت منه] في صحراء هذا الوطن، أو كالصدى[ الذي تسمعه بأذنيك ويستحيل أن تراه بعينيك ].
وعلى أي حال، فإنّ تصويب “أهل الحكم المنهار” على العودة بلبنان إلى ١٩٨٩/١١/٦، في الإنقلاب على “دستور ١٩٩٠” هو زج “ ما تبقى من لبنان في اللعبة “الإقليمية-الدولية” الجديدة، ظنًا منهم أن هذا التصويب سيحفظ لهم وجودهم في “اتفاق إقليمي – دولي” جديد غير “اتفاق الطائف” -الذي رفضوه منذ ١٩٨٩/١١/٦-..!!
ولكن “الواقع الدولي الجديد” يشير إلى أنّ تصويبهم هذا هو اشبه بـ”البوسطة” التي فقدت توازنها والتي يدفعها سائقها إلى “هاوية التدويل” لأنه بصممه السياسي الرافض والذي لا يزال يرفض إنقاذها من هديرها المجنون بسبب “المجاعة والإفلاس”.
إنّه “التدويل المجهول” بعد ٢٠٢٣/١/١، والأمر في هذا السياق يعود اولًا إلى “واشنطن وموسكو” ، ومعهما ثانيًا “باريس” الأب الروحي لـ”لبنان الكبير” منذ ١٩٢٠/٨/٣١، وهذا ما أكّد عليه الرئيس الفرنسي “إيمانويل ماكرون” في زيارته الثانية إلى لبنان، حيث قال في مؤتمره الصحافي في ٢٠٢٠/٩/١ من “قصر الصنوبر” -[ حيث كان الجنرال الفرنسي “غورو” قد أعلن منه في ١٩٢٠/٩/١ القرار الذي صدر في ١٩٢٠/٨/٣١ الخاص بتأسيس دولة لبنان الكبير] -: “بأنّ فرنسا التي أعلنت قيام دولة لبنان الكبير في ١٩٢٠، هي فرنسا نفسها بعد مائة عام”…!!!
وفي هذه “اللحظات الفارقة” -أو “اللحظة الفارقة” في تاريخ “لبنان الكبير”-، يحضرني قول “كاترين الثانية” [الأمبراطورة الروسية، وكان يُطلق عليها “كاترين العظيمة” ١٧٢٩- ١٧٩٦] : “في السياسة يجب أن يسترشد الحاكم القدير بـ”الظروف والتخمينات [أي أن يسبق الأحداث قبل أن تقع] ، وإلى الإنصرافات [أي البحث عن البدائل لمصلحة وطنه قبل أن تقع هذه الأحداث]-”… وهذا ما إفتقده “ أهل الحكم” في “ما بقي من لبنان” من ٢٠١٦/١٠/٣١ إلى ٢٠٢٢/١٠/٣١، الذي كان يسمّونه هم “العهد القوي”..!!
ولا زيادة على هذا القول الذي يختصر “المشهد السياسي” في “لبنان الذي لا يزال كبيرًا” حتى هذه “اللحظة الفارقة” – و التي تُفسّر لغويًا ب”الحاجز الذي يفصل بين الموت والحياة” -…
هذا كله، كان ولا يزال من نتائج “شخصية سنة ٢٠٢٢” وهي “الإفلاس والمجاعة” في “العهد القوي”..الكاذب السرابي .