أصدرت جمعية الصناعيين اللبنانيين بياناً أعلنت فيه “أمام ما يواجهه بلدنا الحبيب لبنان من أزمات متعددة وشديدة الخطورة ومنها تفشي وباء كورونا، لا يمكن وتحت وطأة أي تهديد اتخاذ القرارات بالتسرع والارتجال، إنما المطلوب الكثير من الدقة والدراية“.
وأضافت “الجميع يعلم أن جمعية الصناعيين ومنذ بداية تفشي وباء كورونا، كانت على الدوام داعمة لكل القرارات المتخذة لاحتواء الوباء، وهي الآن تعلن من جديد تأييدها لأي قرار يصبّ في هذا الجهد.وتابعت “انطلاقاً من هذه المسلمات فإن الجمعية، تضع أمام الرأي العام اللبناني، سلطة ومجتمع مدني، المعطيات العلمية والواقعية المتعلقة بالقطاع الصناعي التي يجب الأخذ بها عند بحث تمديد فترة الاقفال العام، لأننا نأمل من خلالها ان يتم اتخاذ القرارات المناسبة التي تعطي الفعالية نفسها في ما خص مكافحة الوباء من دون إلحاق الضرر بأي قطاع خصوصاً القطاع الصناعي، وهذه المعطيات هي:
أولاً: ان المصانع تشكّل بيئة خاصة ولا يحصل فيها أي اختلاط مع الجمهور، أي أن احتمال تفشي الوباء شبه معدوم وقد أثبتته الفترة السابقة بحيث لم تشكّل المصانع بيئة لتفشي الوباء.
ثانياً: ان الدول الكبرى المتقدمة التي حصل فيها تفشي واسع للوباء، لم تُقدم على إقفال المصانع للاعتبارات المذكورة آنفاً، إنما شجّعت المصانع على العمل والانتاج. فمثلاً، في فرنسا “ناشد الرئيس الفرنسي القطاع الصناعي في ايار الماضي تحمّل مسؤوليته والعمل لتأمين حاجات الناس، وكذلك دعت وزيرة العمل القطاع الى الاهتمام بالاقتصاد وتأمين حاجات الناس واثنى المسؤولون على عمل المصانع في مناطقهم“.
ثالثاً: ان القطاع الصناعي يشكل اليوم حاجة وطنية، اقتصادية واجتماعية ومعيشية وغذائية واستهلاكية، وفي فترة الاقفال العام يبقى القطاع الصناعي المُوَرِد الأساسي للسوق اللبنانية، وإن اغلاقه يشكل خطراً على أمن اللبنانيين الغذائي والاستهلاكي.
رابعاً: في فترة الاقفال التي تنتهي صباح 25 الجاري، تم استثناء بعض الصناعات الأساسية من الاقفال، لكن تم فرض الاقفال على صناعات مكمّلة لها، وهذا يعني الاقفال للصناعات الأساسية لا سيما الغذائية والدواء والمطاحن والافران والأمصال وغيرها، وذلك بعد حرمانها من تعليب وتغليف منتجاتها والكتابة عليها، ما يعني حرمان الاسواق والمواطنين منها.
كما ان قطاعات انتاجية اخرى كالزراعة ناشدت الصناعة بتأمين مستلزمات التوضيب والتغليف لتأمين وصول المنتجات الزراعية الى الاسواق، ومنها نقابة مستوردي ومصدّري الخضار والفواكه ونقابتا الصناعات الدوائية والغذائية وناشدت جمعية الصناعيين لفتح مصانع الورق والكرتون والبلاستيك بهدف تعبئة الانتاج المعدّ للسوق المحلي وللتصدير.
خامساً: ان العديد من مصانع السحب لا تستطيع التوقف عن العمل أو اطفاء افرانها ومراجلها مثل صناعات: صهر الالمينيوم، تدوير الورق، الكيماويات والبلاستيك ومعامل الترابة.
سادساً: هناك مصانع لبنانية ترتبط بعقود مع الخارج، وإن اقفالها سيمنعها من تسليم البضائع المتعاقد عليها في المهل المحددة، ما يعني خسارة العقود إضافةً الى الزامها بدفع البنود الجزائية، ما يعني ايضاً خسارة أسواق خارجية عمل عليها الصناعيون لعقود من الزمن.
سابعاً: ان القطاع الصناعي ورغم الأزمة الاقتصادية والمالية التي تعصف بلبنان لا يزال يشغل عشرات آلاف اللبنانيين ويوفر لهم الحماية الاجتماعية والمعيشية، ولا بد من الأخذ بهذا العامل الأساسي بعين الاعتبار كي لا يضاف لا سمح الله الآلاف من اللبنانيين الى جيوش العاطلين عن العمل والطالبين والمنتظرين للمساعدات.
وقالت جمعية الصناعيين في بيانها “لن ندخل في سجالات مع أحد ولا نقبل أن يزايد علينا أي طرف، فنحن الصناعيون نحرص حرصاً شديداً على سلامة وصحة مجتمعنا وأهلنا، ولا نقبل على الاطلاق ان يأتي التهديد من قطاعنا، لذلك نطالب السلطة المعنية عند دراسة موضوع تمديد فترة الاقفال دراسة المعطيات والمعلومات التي اوردناها آنفاً لاتخاذ القرار المناسب الذي يأخذ بعين الاعتبار أولاً صحة المواطن وثانياً عدم الاضرار بالاقتصاد ودوره الوطني.
وعليه تطالب جمعية الصناعيين بالاستجابة مع المطالب التي حددتها وزارة الصناعة واستثناء المؤسسات التي تشكل حاجة وطنية حيوية.
وإذ شددت على “ضرورة ألا يشمل قرار الاقفال أي قطاع لا يشكل خطراً على الجهد المبذول لمكافحة الوباء”، أكدت ان “المصانع التي سيشملها الاستثناء ستتخذ أقصى الاجراءات الوقائية وستخضع كل العاملين فيها وعلى نفقتها لفحوصات الـPCR، وهي تقبل بوضعها تحت المراقبة من قبل أي جهة خصوصاً البلديات المعنية. كما ان جمعية الصناعيين ستعمل بكل طاقتها بالتعاون مع الجهات الحكومية للحصول على اللقاح المضاد لكورونا وتلقيح كل العاملين في القطاع. ودعت الجمعية الى وضع الملف المتعلق بإجراءات كورونا في ما خص قرار اقفال واستثناء المصانع في عهدة وزارة الصناعة التي هي أدرى بمصلحة القطاع.
وختمت جمعية الصناعيين “إن تجاوز المعطيات والمنطق العلمي يشكّل تعدّياً على الصناعة الوطنية والعاملين فيها ومحاولة لإسقاط آخر ركن من أركان الاقتصاد الوطني”، محذرة من ان “المجتمع الصناعي لن يسكت وسيسمي الأمور بأسمائها، والتاريخ لن يرحم“.