في خطوة وُصفت بأنّها الأكثر دلالة منذ بداية المرحلة الراهنة، قام وزير الزراعة نزار هاني بجولة ميدانية شاملة في قضاءي بنت جبيل ومرجعيون، بمشاركة المنسّق المقيم للأمم المتحدة ومنسّق الشؤون الإنسانية في لبنان عمران ريزا، للاطلاع مباشرة على حاجات المزارعين والبلديات، ومتابعة الأضرار والتحديات التي يواجهها القطاع الزراعي في الجنوب. وقد شكّلت هذه الجولة محطة مفصلية، خصوصًا أنها تضمّنت زيارة إلى بلدتي العديسة وكفركلا، ليصبح الوزير هاني أول وزير يصل إلى هاتين البلدتين بعد الاعتداءات الأخيرة، في رسالة واضحة على أن الدولة حاضرة وداعمة ولا تتخلّى عن أهلها.
في سرايا بنت جبيل
استهلّ الوزير هاني وريزا الجولة في سرايا بنت جبيل، حيث عُقد اجتماع شارك فيه النائبان أيوب حميد وأشرف بيضون، والقائمقام شربل العلم، ورؤساء اتحادات وبلديات المنطقة. الاجتماع تناول أوضاع المزارعين وسبل تعزيز التعاون بين البلديات ووزارة الزراعة، مع التأكيد على ضرورة توفير دعم مستدام للقطاع في ظل الظروف الاستثنائية التي يمرّ بها الجنوب.
ندوة تقنية وجولة
بعدها حضر الوزير ورئيس بعثة الأمم المتحدة الندوة الزراعية حول تشحيل الأشجار المثمرة في المركز الزراعي في بنت جبيل، بمشاركة رئيس مصلحة الزراعة في محافظة النبطية المهندس حسين السقا.
ثم انتقل الوفد إلى بلدة عيترون حيث زاروا معمل الألبان والأجبان الذي أُعيد تشغيله خلال فترة الحرب بعد تدمير المعمل الأساسي الذي كانت الوزارة قد جهّزته سابقاً. واطّلعوا على سير العمل والحاجات التقنية المطلوبة لاستعادة دوره الإنتاجي، قبل أن يشاركوا في زراعة شتول الزيتون ضمن مشروع دعم المزارعين بالنصوب.
الطيبة – مرجعيون
تواصلت الجولة في بلدة الطيبة – قضاء مرجعيون، حيث التقى الوزير بالمزارعين خلال تسجيلهم في السجل الزراعي، ثم عقد اجتماعًا موسّعًا مع رؤساء البلديات بمشاركة رئيس اتحاد بلديات جبل عامل قاسم حمدان. النقاشات تناولت حاجات المنطقة الزراعية وسبل تحسين الخدمات وتطوير برامج الدعم بما يواكب الظروف الطارئة والتحديات الإنتاجية. العديسة وكفركلا: زيارة تاريخية ومعاينة مباشرة للأضرار
واختُتمت الجولة بزيارة شديدة الأهمية إلى بلدتي العديسة وكفركلا، حيث عاين حقول الزيتون المتضرّرة جرّاء الاعتداءات الأخيرة، واستمع إلى المزارعين ومالكي الأراضي، تمهيدًا لوضع خطة واضحة للتعويض وإعادة تأهيل البساتين.
ولاقت هذه الزيارة ترحيبًا واسعًا في البلدتين، إذ شكّلت السابقة الأولى من نوعها لوزير يصل إلى هذه المناطق في ظل الظروف الحالية، ما اعتُبر رسالة دعم معنوي وعملي في آن.
هاني: الجنوب ليس وحده
وفي ختام الجولة، شدّد الوزير نزار هاني على أنّ وزارة الزراعة، بالتعاون الوثيق مع الأمم المتحدة، تضع تعزيز صمود المزارعين في الجنوب في صدارة أولوياتها الوطنية، قائلاً: ”مزارعو الجنوب هم خطّ الدفاع الأول عن أمن لبنان الغذائي. واجبنا أن نبقى إلى جانبهم، وأن نوفّر لهم كل ما نستطيع من دعم وإمكانات، خصوصًا في هذه المرحلة الدقيقة.”
وأكد هاني أنّ الدولة ثابتة في دعم الجنوب لما يشكّله من ركيزة أساسية في الإنتاج الزراعي الوطني، معلنًا أن الوزارة ستعتمد مقاربة متدرّجة وشاملة في دعم المزارعين المتضرّرين من الاعتداءات الاسرائيلية، وصولًا إلى إعادة تأهيل الحقول والبساتين واستعادة دورة الإنتاج كاملة.
ريزا: بشراكة كاملة
من جهته، شدد ريزا على أهمية هذه الزيارة المشتركة مع الوزير هاني، لافتاً إلى أنها شكلت فرصة جوهرية للاستماع مباشرة إلى المجتمع المحلي، ولا سيما رؤساء البلديات والمزارعين، حول أولوياتهم واحتياجاتهم. وأكد التزام الأمم المتحدة تجاه لبنان وشعبه، مشدداً على أن دعم القطاع الزراعي يأتي جنباً إلى جنب مع ركائز أساسية أخرى للاستقرار، تشمل الوصول والأمن والتعليم. وإذ جدد التأكيد على دعم الأمم المتحدة الثابت والمستمر للمناطق المتضررة، أشار إلى أن هذه الجهود تمضي قدماً – رغم كافة التحديات – بالتنسيق الكامل مع الحكومة وتحت قيادتها لتعزيز مسار التعافي.
































































