اكد وزير الاقتصاد عامر البساط، في حديث الى برنامج «حوارات السراي» الذي تقدمه الزميلة ندى صليبا عبر «تلفزيون لبنان»، أن «خطة العمل التي يتم الحديث عنها تضم تفاصيل مهمة، الا ان السؤال الجوهري يبقى في تحديد الرؤية الاقتصادية الشاملة التي يجب ان ينطلق منها لبنان». واشار الى ان «الهدف الاساسي يتمثل في نقل الاقتصاد اللبناني من اقتصاد ريعي يعتمد على الاستهلاك والاستيراد، الى اقتصاد انتاجي واستثماري قادر على المنافسة في الاسواق العالمية»، موضحا ان «85% من استهلاك اللبنانيين مستورد، بينما لا يتجاوز حجم الصادرات 3 مليارات دولار سنويا، وهو ما يستدعي تغييرا جذريا في بنية الاقتصاد». ولفت البساط الى «ضرورة الانتقال من اقتصاد يقوم على الاستدانة غير المنتجة الى اقتصاد قائم على الاستثمار الحقيقي، ومن اقتصاد ضعيف المؤسسات الى اقتصاد قائم على الحوكمة والشفافية»، مؤكدا ان «العدالة الاقتصادية عنصر اساسي في هذه الرؤية، وتشمل معالجة الفوارق المناطقية والجندرية وضمان استفادة المجتمع ككل من اي نمو مرتقب». واوضح أن «لبنان يمتلك مقومات تؤهله تحقيق هذه الرؤية، من رأسمال بشري وقدرات طبيعية وموقع جغرافي مميز الى طاقات الاغتراب». ورأى أن «البلاد قادرة تاريخيا على الوصول الى مستويات اعلى مما هي عليه اليوم، الا ان تحقيق ذلك يتطلب معالجة التحديات واطلاق اصلاحات جدية». وشدد على ان «الاصلاحات لا بد ان تشمل مختلف القطاعات من دون استثناء»، معتبرا ان «لا مجال لاختيار اولويات محدودة، بل يجب العمل بالتوازي على الكهرباء والاتصالات والبنى التحتية والطرق واعادة بناء المؤسسات واعادة الاعمار». ولفت إلى أن «ما يحتاجه المستثمرون رؤية واضحة تظهر أن الدولة بدأت عمليا بتنفيذ الإصلاحات، وعندها يمكن توقع بداية التعافي والنمو». وفي ما يتعلق بمؤتمر بيروت – 1، اعتبر الوزير البساط انه «كان ناجحًا اذ استطاع كسر العزلة الاقتصادية التي عاشها لبنان منذ أعوام»، مشيرا الى «مشاركة نحو 150 مستثمرا ورجل اعمال من دول عربية عدة، بينها قطر والكويت والامارات والسعودية، في مؤشر على رغبة عربية في اعادة التواصل الاقتصادي مع لبنان». وشدد على أن «المؤتمر أكد وجود فرص استثمارية حقيقية في البلاد، وأن الحكومة قدمت سردية واقعية تقوم على البدء بالإصلاحات مقابل استعداد المستثمرين للمشاركة في مشاريع محددة فور توافر الظروف الملائمة». وفي ما يتعلق بقانون الفجوة المالية الذي يُعمل عليه بالتعاون مع صندوق النقد الدولي، أوضح أن «رئيس الحكومة ووزارة المال ومصرف لبنان يعملون على هذا الملف يوميًا»، مشيرا الى ان «الهدف الأساسي هو إعادة النهوض بالقطاع المصرفي وتأمين حل عادل للمودعين». ولفت الى ان «مبادئ القانون تقوم على اعادة الودائع تدريجًا، مع مراعاة التمييز بين الودائع الصغيرة والكبيرة من دون شطب، وعلى ضمان عدم انهيار اي طرف من الاطراف المعنية، بما فيها المصارف التي يجب ان تبقى جزءًا من مسار التعافي بعد اعادة رسملة القطاع». واكد ان «تحمل الخسائر سيكون موزعًا بين الدولة ومصرف لبنان والمصارف بما يضمن عدم تهديد قدرة الدولة المستقبلية وعدم المساس بالسياسة النقدية». واشار الى ان «اي عملية اعادة هيكلة ستترافق مع دمج طبيعي بين المصارف كما يحصل عادة بعد الازمات، الا ان وجود قطاع مصرفي فاعل يبقى شرطًا اساسيًا لعودة النمو». واكد ان «الثقة لا يمكن ان تعود الا عبر تنفيذ اصلاحات حقيقية وشفافة، وان البرلمان سيكون له دور محوري في اقرار قانون الفجوة المالية بما ينسجم مع متطلبات التعافي ويحمي المودعين ويعيد الثقة بالاقتصاد». واعتبر الوزير البساط أن «لقطاع التأمين أهمية مالية، وحجم التداول سنويا هو نحو مليار دولار وهذا رقم كبير، فحماية هذا القطاع وازدهاره مهم مثله مثل المصارف ونعمل على اعادة رسملته وتغيير نوعية البوالص كإعادة التأمين على الحياة». واعتبر أن «هناك علاقة حيوية بين قطاع التأمين وقطاع الصحة»، وقال: «يجب ان نصلح هذه العلاقة التي يعتريها بعض الشوائب ومنها التضخم الصحي، وارتفاع الأسعار لدى بعض المستشفيات والأطباء وهذه كلها أمور نعمل عليها بالشراكة مع شركات التأمين التي تبدي كل إيجابية». وتناول موضوع هيئة الرقابة على الضمان وأعلن انه أعاد تفعيل دورها. وعن التحقيقات في ملف الوزير السابق أمين سلام، قال:» هذا موضوع قضائي، والأولوية لدينا المال العام والتأكد من أنه يدار بشكل جيد، وأن نرد بشفافية وبوضوح على أي سؤال حول الشوائب التي حصلت في الماضي، ونحن اعطينا كل المعلومات والمعطيات التي لدينا، ولا نتدخل في عمل القضاء». وأوضح أنه «تم تعيين المجلس الوطني للضمان الذي بدأ الاجتماعات الشهرية ودوره استشاري، تشاركي، استراتيجي، صحي وبناء». وبالنسبة إلى الاتفاقات التجارية الموقعة سابقا بين لبنان وعدد من الدول وهل ما زال العمل بها جاريًا، أجاب: «نعم لدينا اتفاقيتان واحدة مع أوروبا وأخرى مع العالم العربي، بصراحة هاتان الاتفاقيتان قديمتان ولا تطبقان بشكل جيد وليستا دائما لمصلحة لبنان، لذلك نريد ان نعيد كتابتهما ونتفاوض حولهما من جديد لاعادة النظر بهما مع أهمية العلاقات الخارجية بيننا واشقائنا العرب».


































































