تشير أحدث المؤشرات الدولية إلى أن دول الخليج، وعلى رأسها الإمارات والسعودية وقطر، تحتل مراكز متقدمة في مؤشر التنمية البشرية، مما يعكس بيئة مواتية للتطور في زمن تُقاس فيه القوة بامتلاك أدوات المعرفة والابتكار، تبرز أمام دول الخليج العربي فرصة استراتيجية بالغة الأهمية: هل تستطيع هذه الدول التحوّل من مستوردة للمهارات إلى منتجة للمعرفة، أم أن نماذج التنمية القائمة على الاعتماد على الكفاءات المستوردة ستظل تُعيق ولادة منظومات معرفية محلية قادرة على التنافس في اقتصاد الذكاء الاصطناعي والتقنيات المتقدمة والفضاء؟ تشير أحدث المؤشرات الدولية إلى أن دول الخليج، وعلى رأسها الإمارات والسعودية وقطر، تحتل مراكز متقدمة في مؤشر التنمية البشرية، مما يعكس بيئة مواتية للتطور التعليمي والتقني. لكن هذا التقدم لا يقابله أداء مماثل في مؤشر الابتكار العالمي أو مؤشر جودة التعليم. فوفقاً لتصنيفات عام 2024، حلّت الإمارات في المرتبة 32 عالمياً في الابتكار، تلتها السعودية في المرتبة 47 وقطر في المرتبة 49، بينما تراجعت البحرين والكويت وسلطنة عُمان إلى مراتب في السبعينيات. أما في جودة التعليم، فتُظهر تقييمات «QS» و»المنتدى الاقتصادي العالمي» فجوة واضحة بين وفرة الموارد وضعف المخرجات، حيث تعاني العديد من الدول من محدودية البحث العلمي وندرة براءات الاختراع. هذا الواقع يعكس أن التحدي لم يعد في التمويل أو البنية التحتية، بل في بناء منظومات معرفية متكاملة تُنتج الابتكار وتعيد توطينه. تُسلّط هذه الفجوة بين مؤشرات التنمية والابتكار الضوء على واحدة من أبرز إشكاليات نموذج التنمية الخليجي، والمتمثلة بالاعتماد على الكفاءات والمهارات المستوردة. لكن هذا التحدّي يمكن أن يتحوّل إلى فرصة، إذا ما نُظر إليه من زاوية التنوع المعرفي والانفتاح على المهارات العالمية.
