بقلم البرفسور نسيم الخوري
تعرفت الى صباح فخري وكنت وما زلت من المغرمين بصوته رحمات الله عليه.زارنا الرجل في مجلة ” المستقبل” في باريس عام ١٩٧٧. يومها قال له احد الكتاب الزملاء وصوته جميل وأظنه العزيز الدكتور نبال موسى بان صوتي جميل وغالبا ما نغني في السهرات له ولفيروز وخصوصا : مين اللي فتح الردة وليش الردة يا وردة… قربت توصل وردة ايه. كيف خالك يا وردة؟ منيحا ولوه صوتا شو حلو….” فقال صباح الى جانبي في مكتبي المدموغ في دماغي هو وباريسسسسسسس: اسمعنا. قلت : اسمعنا انت يا مال الشام وسأقلدك.
راح يرندح بصوت خافت وانا فرح الى جانبه سعيدا به كما الطفل الذي قبض على حلمه الاول.
نعم. كان طموحي وكانت احلامي طفلا وربما ما زالت ان اصبح مطربا. وكان صوتي جميلا ويرفعني المعلم رجا ابو رزق تلميذا صغيرا امام المدرسة قبل الدخول الى الصفوف لأنشد النشيد الوطني اللبناني وحيدا.
وتورم رأسي بالطرب والموسيقى لكن ابي ابو راجح شفيق الخوري لم يشفق علي لأن الغناء والشعر الطويل والسناسل والمسابح كلها كانت بمثابة حركات مرفوضة. ليس سوى العلم والجدية.نعم اكرر، كان صلبا وقاسيا ولا يعنيه سوى الدرس والعلم والجدية. كنت انهي دروسي بين بيتنا ولو كنت ولدا صغيرا.
عند الخامسة مساء وعندما ادخل الى البيت، يسألني ابي: هل حفظت دروسك؟ اقول نعم وبخوف.
هل حفظت استظهارك؟ نعم فينهرني وارتجف ليأمرني: روح احفظ استظهارك بالمقلوب أي معكوسة وعكسا لا طردا وارجع بعدها الى البيت.
وعندما اقترحت قريبتي المذيعة الشهيرة عبلة الخوري رحمها الله في اذاعة لبنان على والدي الذهاب معها من الكفير الى بيروت لتزرعني في عالم الغناء والفن والطرب جن جنون الأب.
وهكذا……………….. لن اكمل لكنني مللت كل شيء في لبنان
ولم يبق في ذهني سوى الموسيقى والطرب والشعر وباريس أمس تسحبني كل لحظة نحو حقول الفرح الدامع والقصب الحزين والحبر الذي يعزف اناشيد حزينة في منفاي ومقالات تافهة استلها من تجاعيد جسدي وحزني الذي لا يطاله قول او حبر.