عندما تقول ” ݒول الجميّل ” الطبيب الإنسان، يعني أن تُواجهَ تركيبةَ نُبلٍ نادرةً لا تُستَنخَبُ إلّا من معادنَ يُقصَدُ إليها، فالرَّجلُ المولَعُ بالخدمةِ حتى التّضحية، لطالما نَحَتَ عافيةً من حياةِ كثيرين، وهذه صنيعةٌ لا يأتيها سوى الأتقياء، فَمَنْ كانَ مثلَه يَستلزمُ مِنّا التّصفيقَ بالقلوبِ، لا بالأَيدي.
عرفتُهُ، قبلَ أن ينزَّ من صدرِ لبنانَ دمّ، ويُكَفَّنَ في جِلدِ أَفعى، عريقاً في الإنتماء، مقداماً في الدّفاعِ عن العقيدةِ الوطنيّة، فيّاضاً في المساعدةِ، بارعاً في مسالكِ الطبّ، عِلماً، ومهارةً، ورشاقةً، وجرأة. وتابعتُهُ في زمنِ الحرب، عندما لوَّنَ بعضُ أهلِ الدّنيا بالأَسْوَدِ دنيانا، فكان مندفعاً في خدمةِ القضيّة، حاضراً في مواقعِ الخطر، يداوي على إيقاعاتِ قلبِهِ، ويعالجُ وكأنّه المُصاب. وبالرّغمِمنالتِصاقِالحزنِوالخوفِبأيّامِوطنِنا،كنّامُطمئنّينالى”الدكتور ݒول ” الذي جُبِلَطيبةً،ووجداناً،وتَوَهُّجَاندفاع،لأنّحظَّنامعوجودِهِ، كانمنأَوفىالحُظوظ. فمعه،امتشقنا النّورَ، والأملَ، بديلاً منالأَغلال، والخوف،ومعه، أصبحَزمنُنايقرأُ الضّوءَ كما تكتبُهُ الشّمس، بديلاً من أن يكونَ ترجماناًللوساوسِ، ولمشاهدِحُبوسِالرّجاء،وزمنأ يُعشِّشُالقَلقُفيجنباتِه.
الدكتور ݒول الجميّل الصّورةُ البرّاقةُ عن الحميّةِ في السلوكِ المِهنيّ، والمندفعُ العفويّ في خدمةِ لبنان، والنّاس، لم يَفتْهُ النّهوضُ الى دَعمِ المحتاج، وتسديدِ حاجةِ طالِبِها، من هنا، لا تُنسَبُ إليه إلّا الجوانبُ المضيئة، فالكَمُّ الهائلُ من الإندفاعِ لوضعِ إمكانيّاتِهِ في خدمةِ هدفٍ إنسانيٍّ، ووطنيّ، وبلا تَرَدُّد، حتى لو سقطَ ” شهيداً ” بجانبِ أيِّ سريرٍ، لا يصدرُ إلّا عَمَّن ارتسمَت غُرَرُ اللّهفةِ في وجهِهِ، وجلاءُ الوجدانِ في عينيه، وعمقُ الولاءِ في قلبِه.
” ݒول الجميّل “، وأنتَ تغادرُنا الى حيثُ الصّفاءُ الذي يُشبهُكَ، كنتَ من أهلِ الخيرِ والقيمة، ثِقْ بأنّ خُطوطَكَ لن تُمَّحى من عروقِنا، ومن عروقِ الوطن…. وداعاً.