اقامت جمعية “معا نعيد البناء” ، ضمن اطار احتفالات تجمّع “معا حول سيّدتنا مريم”باحتفال تضمّن ندوة تحت عنوان “تحديات المرأة : من سيّدتنا مريم الى لبنان البوم” وذلك في 22 آذار 2024 في دير مار انطونيوس – المعهد الانطوني – الحدت – بعبدا. تضمّن الاحتفال ، وقفة رمزية امام نُصُب “معا حول سيّدتنا مريم ” الذي شيّد في آذار 2017 وجمع ابناء مريم في تشييده مسلمين ومسيحيين لترجمة ايمانهم باللقاء معا حولها،بادارة الاب جورج صدقة رئيس الدير آنذاك، وتقدمة المهندس وسام عشور وتصميم وتنفيذ المهندس هادي المرّ.
بعد هذه الوقفة، تمّ القاء الكلمات لتقدمة الاحتفال وللذكرى الثانية لغياب الاب مارون عطالله مؤسس جمعية معا نعيد البناء ومن مؤسسي التجمّع حول سيّدتنا مريم.
استهلّ اللقاء بكلمة الاب فادي طوق الانطوني، رئيس دير مار انطونيوس والمعهد الانطوني، بتحيّة لروح الاب مارون عطاللّه الذي كان ذات رؤية قوية في كل خطوة من خطواته وانجازاته. كما تطرق بعدها لموضوع الندوة حول تحديّات المرأة واختصرها في اربع مشكلات : العدالة والمساواة مع الرجل، عدم القدرة على التدخل في رأسمال والتمويل في الاقتصاد العالمي فانها محيّدة حتى الآن في اغلب الاحيان، التوازن بين الاحتراف المهني والحياة الخاصة والمهنية، التحرّش الجنسي والتمييز بينها وبين الرجل. وتبحث المرأة على حلول بشكل أفقي وتمنى عليها النجاح في ذلكولكن فضّل الاب طوق ان تخلق المرأة حضارة جديدة مختلفة عن حضارة العنف التي انتجها الرجل. ونوّه من انطلاق الاحتفال من نُصُب “مريم تجمعنا” لان دور المرأة اساسي في تكوين المجتمعات والقيم، انما اضاء على ان مريم العذراء عملت عامودياً وليس أفقيا، فانها فباتصالها بالاله دحضت الاختلافات بين الرجل والمرأة. لذا العذراء الام كان لها دور كبير بتربية يسوع المسيح. ووضع اخيرا الاب طوق الرهبانية الانطونية و “جمعية معا نعيد البناء” تحت نظرها لتعيد بناء القيم السماوية في الانسان والمجتمعفانّ المجتمع بلا قيم واخلاق يؤول الى زوال.
ثم كانت كلمة الاستاذ ناجي الخوري, امين عام اللقاء الاسلامي المسيحي حول سيّدتنا مريم ومنسّق اكاديمية الانسان للتلاقي والحوار. ذكّر باهمية عيد البشارة على الصعيد الوطني الرسمي الذي يجمع المسيحيين والمسلمين منذ 2010، وبما تمّ العمل عليه منذ 2006 للوصول الى هذا العيد الوطني الرسمي، ففي عيد الاستقلال نعيّد الوطن وفي عيد البشارة نعيّد اهله. العذراء عند المسيحيين هي ام الله وام الرب يسوع وهي في الاسلام “اولى نساء العالمين”وهي المرأة الوحيدة التي ورد اسمها في القرآن، وسبعة وثلاثين مرة، ولها سورتَين : سورة مريم وسورة عمران واسمها مذكور في اغلب جوامع العالم. وشدّد على اهمية النُصب في المعهد الانطوني الذي جمع مسلمين ومسيحيين في انشائه. وبعدها اضاء على الايمان بالعمل على نشر رسالة لبنان في العيش معا والحوار باحترام ومحبة لنبني الوطن الذي نحلم به رغم الحروب حيث المال والمدفع يحركهما شياطين الارض. ودعا جيل الشباب ليكملوا المشوار مع مريم فانها مثل اعلى مشترك ، تجمعهم وتسندهم لتبقى المحبة والوحدة سبب وجودنا ويرفعوا اسم لبنان ويحملوا رسالته لكلّ انحاء المعمورة.
ومن ثمّ، كانت كلمة الدكتورة كريستيان صليبا، المنسقة العامة لجمعية معا نعيد البناء، استهلّتها بشكر الرهبنة الانطونية والمعهد الانطوني بشخص رئيسه الاب فادي طوق ومديره الاب اندريه ضاهر اللذين اتاحا القيام بهذا اللقاء في هذا الصرح التربوي العريق. ورحبّت بالحضور الكريم من كهنة وشيوخ وممثلين لجمعيات اهلية ودولية وثقافية. ثم نوّهت بماهيّة الجمعية واهدافها واستذكرت الاب مارون عطالله الانطوني مؤسّسها في ذكرى غيابه الثانية، في هذا الدير حيث امضى سنين عديدة من عمره ولا سيّما الاخيرة منها.
وركزّت بان جمعية معا عيد البناء هي خلاصة مسيرته الثقافية وتعمل من خلال هيئاتها الخمس: مع الشباب، مع الآخر في الثقافة في المناطق “تعرّف تحبّ”، مع الكتاب، مع التراث المشرقيّ المشترك، مع الشرق والغرب. كما ذكرت نشاطات الجمعية ضمن هيئاتها التي تمتد على مساحة الوطن وخارجه ضمن اهداف التلاقي والحوار بين الاديان والحضارات. ونوّهت بانّ الاب مارون عطالله هو ايضا من مؤسسي التجمّع حول سيّدتنا مريم، وتساهم الجمعية في هذا التجمّع وتقيم هذا الاحتفال ضمن اطار الاحتفالات حول عيد البشارة الوطني. وعرضت المنسقة مراحل اللقاء باهدافه حول النُصب وحول الذكرى الثانية لغياب الاب مارون وحول الندوة وتحديات المرأة. فالنُصب جامع حول مريم حاضنة الانسانية ، فتشييده في تعاون مسيحي مسلم من الدلائل على ذلك. اما الاب مارون عطالله فهو هامة من هامات الرهبنة الانطونية والمواطنة وبناء المعيّة، هو الراهب المواطن الذي آمن بان الثقافة هي واحة للتلاقي واعادة البناء. اما الندوة، فانها تستوحي موضوعها من مريم ” المرأة الأم والحاضنة” وتنطلق من ايمان الجمعية واعضائها بان المرأة التي تحضن الطفل وتربّيه على قِيم المواطنة تواجه التحديّات على مثال التحدياتالتي واجهتها سيّدتنا مريم في قبولها مشروع الله الخارج عن المألوف الاجتماعي. واطار الندوة هو في معالجة التحديّات في مجتمعنا الطائفي بايجابياته وسلبياته في خضمّ الثورة التكنولوجية والمتغيّرات الاجتماعية والاقتصادية والحياتيّة في لبنان. وختمت المنسّقة كلمتها بان الثقافة تبقى مساحة للقاء والعيش معا، لاعادة البناء معا لوطن يحلو العيش فيه.
ثمّ قدّمت المنسقة العامة، الدكتور نزار دندش الجامعي الفيزيائي والخبير البيئي والروائي والشاعر الذي عرف الاب مارون عطالله وواكبه في مسيرته الثقافية وقد تلى قصيدة كتبها بمناسبة ذكرى غيابه الثانية في الحضور.كما قدّمت الدكتورة داليا فرح ، منسقة هيئة الكتاب في جمعية “معا نعيد البناء” التي تولّت ادارة الندوة تحت عنوان “تحديات المرأة : من سيّتنا مريم الى لبنان اليوم” . وقد شارك في الندوة كلّ من الدكتورة نايلة أبي نادر أستاذة الفلسفة في الجامعة اللبنانيَّة، وبشرى بغدادي عدرا المُستشارة في الشؤون التربويَّة والثقافيَّة، وفاتن جمعة المفتش العامّ التربوي. فيما ترأست الجلسة الدكتورة داليا فرح أستاذة الفلسفة في الجامعة اللبنانيَّة التي افتتحت الجلسة بكلمة تناولت فيها شخصيَّة مريم العذراء كمثالٍ للمرأة الشجاعة والشريكة الحقيقية والقائدة، ربطًا بدور المرأة في عصرنا الحاضر وانطلاقتها الثورويّة من نقطة الصفر في مسيرتها نحو العدالة والمساواة.
الدكتورة أبي نادر انطلقت مداخلتا من خبرتها الشخصيَّة كسيّدةٍ خاضت غمار مسيرةٍورحلةٍ طويلة وشاقة من المُعاناة لتحقيق الذات أوَّلًا، ومن ثُمَّ تحقيق اهداف رسالتها التربويَّة.فتكلَّمَت بلسان كلّ امراة أرادت أن تُحقِّق نفسها وتواجه العراقيل التي تعترض مسيرتها، بدءاً من تسخيف دورها وإحباط عزيمتها باعتبار نشاطها الأكاديمي والثقافي فراغًالا معنىً له.وأكَّدَت بأنَّ مُعاناة المرأة المُتَمَيِّزَة لم تكن فقط بمواجهة الذكوريَّة الشرقيَّة التقليديَّة، بل وأيضًا بمواجهة عقليَّة بعض النساء الرافضات والمُنتقِدات لأدوار غيرهِنَّ من النساء، قائلةً بأنَّ النساء اللواتي لمتُحقِّقنَ ذواتهنَّ “إستشرسنَ” في مُحاربتها.وعليه، فقد أضاءَت على المُعاناة اليوميَّة التي تعيشها المراة داخل الأنا والوحدة والغربة، وتمنَّت أن يصل مجتمعنا إلى يومٍ تتغير فيها الذهنيَّات فلا تعود المراة بحاجة إلى “حرب” لتحقيق ذاتهاونجاحها.
أمَّا بُشرى بغدادي فقد تكلَّمت بدورها عن الصعوبات التي عايشتها واختبرتها من خلال تجربتها الشخصيَّة كمُستشارةِ تربويَّة إذ تنبَّهَت وقتها إلى التمييز والتفاضل بين دور الرجل والمرأة في السلك الوظيفي بحيث مُنِعَت من التعليم في ثانويَّةٍ البنين لكي لا تختلط مع “الجنس الآخر”.وكابنة طرابلس تكلَّمت بغدادي عن الحرمان الذي يعيشه أهل الشمال وخصوصًا أبناء منطقة عكار، فحاولت تغيير هذا الواقع لتعمل على تدريب مجموعة من الأساتذة أوَّلًا، ومنبعدهم عملت على تدريب التلامذة، فاعتُبِرَت من قِبَلِ البعض بأنَّها “المُشاغِبَة المُزعجة”، لكنَّها رغم ذلك نجحت في مُهمَّتها وحصلت على خمسة عشر منحةً تدريبيَّةً للأساتذة من وزارة التربية الفرنسيَّة. وأضافت بأنَّ النساء بحاجة للتآزُر الاجتماعي لتحقيق أدوارهنَّ.
أمَّا جمعة فتكلَّمت عن التحديَّات التي واجهتها منذ توليها وظيفتها كمُفتِشةٍ تربويَّة. يتطلَّب عملها الصرامة والحسم في المواقف والقرارات وفي الوقت عينه الرأفةوالتسامح. فأعطت مِثالًا جديدًا أُنثويَّا صارمًا ومُتسامحًا في آن، حتَّى أصبحت مِثالًا لكُلّ من يستلم هذه الوظيفة، وتناولت بالنقد بعض القوانين التي مازالت مُجحِفة بحق المرأة.
بعدها فُتِحَ باب النقاش والحوار، بحيث أغنى الحضور الجلسة بمداخلاتهموتفاعلهم الكبير حول ما يجب تفعبله لدعم المرأة في عملها وحياتهت وتربية اولادها على المواطنة. وفي الختامأعلنت مُنسقةهيئة الكتاب الدكتورة فرح إطلاق سلسلة ندوات ومحاضرات تتناول موضوع المرأة مكانتها والتحديَّات التي تواجهها ومركزيَّة دورها الاجتماعيوأهمَّته.