مثل ” قصة ابريق الزيت” لا ينتهي فصل من أزمة الكهرباء حتى يبدأ فصل آخر من دون أن تكون هناك حلول جذرية.
وفي خضم التجاذب المستمر بين حكومة تصريف الأعمال ومصرف لبنان وبينهما وزارة الطاقة فإن فصل اليوم من زوايا مختلفة :
- الأولى: الحاجة الى العملة الخضراء لدفع مستحقات شركة Primesouth المشغلة لمعملي دير عمار والزهراني.
- الثانية: باخرة الفيول الراسية قبالة معمل الزهراني منذ الجمعة الماضي والتي تدفع الخزينة رسما قدره 18 ألف دولار يوميا جراء عدم افراغ حمولتها ، وهي تحتاج أصلا الى تأمين مبلغ بنحو 58 مليون دولار نقدي” فريش” لشراء 66 ألف طن متري من مادة الغاز أويل لمعملي إنتاج الكهرباء في دير عمار والزهراني.
وفي عز التجاذب السياسي، اقترح مدير عام مؤسسة كهرباء لبنان كمال حايك ” خيار دفع الفاتورة بالدولار” بهدف تأمين الدولارات، في هذا السياق، أكد مدير عام الاستثمار السابق في وزارة الطاقة الدكتور غسان بيضون أن إصدار الفواتير بالدولار الأميركي ممنوع قانونا في مؤسسات الدولة ومرافقها.
بيضون قال في حديث لموقعنا journalalire : من الأجدى أن يعاد النظر بطريقة تسعيرة فاتورة الكهرباء ” الموجعة” جدا اذ لا تزال وزارة الطاقة تعتمد (آخر سعر صيرفة حدده مصرف لبنان لمنصة صيرفة +20%)، وأن تلغي رسم بدل التأهيل على الرغم من حسم 25% منه لأنه لا وجود لبدل التأهيل في القانون وبرأيه يأخذ صفة “الجزية” ومع ذلك كرّست وزارة الطاقة مرة جديدة الزيادة غير المنطقية في قرارها الأخير بعد إجتماع اللجنة الوزارية الخاصة بملف الكهرباء، على الرغم من الإقبال غير المسبوق من المواطنين على وقف العدادات أو خفضها أو تجميدها.
وفي هذا الإطار، توقع بيضون إرتفاع نسبة الهدر وسرقة الكهرباء من الشبكة العامة، بالإضافة الى ارتفاع نسب التخلف عن دفع الفواتير.
وفي الوقت نفسه، يحول دون تطبيق معالجات التعديات، واتخاذ خطوات غير شعبية في مكافحة سرقة الكهرباء كما ينص القانون، هوسوء التقدير والإدارة فضلا عن المناكفات السياسيةبالإضافة الى زيادة في الإنفاق وغياب الإصلاحات الإدارية كضرورة أولية لإنعاش القطاع الكهربائي.
أما الطلب من مؤسسة كهرباء لبنان تكثيف التواصل مع المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين UNHCR لدفع المستحقات المتوجبة على أماكن تواجد النازحين السوريين لصالح مؤسسة كهرباء لبنان ، هذا الطلب اعتبره بيضون مثل طبخة بحص بلا نتيجة، والدليل خلاف وزير الشؤون الإجتماعية في حكومة تصريف الأعمال هيكتور حجار مع المفوضية حول ” داتا ” النازحين ، وغيرها من المشاريع التي تهدف الى بقاء النازح السوري في لبنان.
ويأسف بيضون، أن المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين هي إحدى منظمات هيئة الأمم المتحدة التي تعمل على حماية حقوق وسلامة النازحين السوريين في لبنان على حساب اللبنانيين، فيما لبنان غير قادر على تحمل أعباء النازحين السوريين الصحية والإجتماعية ، مشيرا الى ان هناك قرار دولي بعدم مساعدة لبنان في مواجهة ما يتعرض له من أزمة إقتصادية ومالية، من تهريب الأموال الى قضية رياض سلامة، وقال: أن مسؤولين خليجيين أبلغوا بعض اللبنانيين أن هناك قرارا عربيا بعدم مساعدة لبنان والتحذيرات الدبلوماسية الأخيرة دليل آخر على القرا الدولي، هذا يعني أن الأزمة السياسية في لبنان على تعقيداتها و” تشققاتها” منذ العام 2019، يضاف الى ذلك التصنيفات الدولية للبنان التي انخفضت توقعاتها ضمن أشدّ عشر أزمات في العالم تنتظر التفاهمات الإقليمية – الدولية ” إذا بقينا على قيد الحياة”.
بالعودة الى باخرة الفيول التي أشعلت ملف الكهرباء، هناك عدة أطراف من المفترض أن يتم التنسيق بينها في عملية استيراد الفيول وفق بيضون، مصرف لبنان، وزارة المالية ووزارة الطاقة، كهرباء لبنان ومنشآت النفط لضمان وصول شحنة الفيول في موعدها، لكن هذا لم يحصل والغريب اننا نعاني من المشكلة ذاتها ” شح الفيول وتأخر فتح الإعتمادات وتأخر الشحنات”.
أما كلام وزير الطاقة في حكومة تصريف الأعمال وليد فياض أن كهرباء لبنان تمكنت من تحصيل فواتير بقيمة 2,51 ألف مليار ليرة لبنانية ما يوازي 37,25 مليون دولار أميركي حسب سعر الصرف المعتمد وقت الجباية يرى أن كلام الوزير ” مبنيا على اوهام “متسائلاً: هل خضع مخزون محروقاتها واستهلاكها للرقابة من خلال تقارير دورية حول الكميات المستهلكة والكهرباء المنتجة ” الأمور سايبة” مؤكدا أن نسبة الإيرادات لا تتعدى اﻟ20% من مجموع الإيرادات التي ينبغي تحصيلها.
وسأل، على أي أساس تعتمد وزارة الطاقة تغطية التعرفة المقترحة لتكلفة الإنتاج لافتا الى ان ارتفاع التكلفة يشمل عوامل عدة منها التهرب من الجباية ، التعرفة الخاصة للقطاع العام ، مع الهدر السائد في القطاع مؤكدا أن الخسارة في كل مرة ستتحمله المالية العامة والمواطن وسيستمر الوضع المالي لمؤسسة كهرباء لبنان في حصد الخسائر .
وفي مقارنة ما بين حجم المبالغ المتوجبة على كهرباء لبنان من ثمن الفيول 85 مليون دولار الى مستحقات شركة Prime South المشغلة لمعملي توليد الطاقة الرئيسين في دير عمار والزهراني 7 ملايين دولار شهريا من أصل 85 دولار من مستحقات الشركة فضلا عن رواتب وأجور موظفي الملاك لمصلحة كهرباء لبنان ومستحقات شركات مقدمي الخدمات يتبين لنا أن تحويل مبلغ اﻟ 37 مليون دولار الذي طلبته كهربا لبنان من مصرف لبنان لا يعكس الإحتياجات الحقيقية التي تم التعهد بها.
وسأل الوزير فياض، متى وكيف وصلنا الى التوازن المالي في مؤسسة كهرباء لبنان؟ هذا ضرب من الخيال في وضعنا الراهن.
وأردف متابعا، الناس ليسوا عبيدا عند الدولة لافتا الى ان فشل السلطة السياسية هي التي أعطت مبررا لوجود المولدات الخاصة سائلاً عن وزير الإقتصاد الغائب دائما في كيفية احتساب تسعيرة المولدات واصفا الحكومة باﻟ” مسعرتية ” أو ما يشبه ” دكانة ” تسعر بطريقة عشوائية ، أما المضحك المبكي رفعوا التعرفة لإعفاء المواطن من اشتراك المولد وفاتورته، إذا بها تؤدي الى الغاء اشتراكات المواطنين بكهرباء المؤسسة.