كتبت ريتا شمعون
بدأ سوق العملات الرقمية تفرض نفسها على العالم وخاصة بعد أن نجحت بعض الإقتصاديات الرأسمالية الكبرى في التعامل معها واحتوائها وجعلها تحت أعين البنوك المركزية.
ووفقا لما ذكره موقع ” Investopedia” فإن العملات الرقمية هي أموال إفتراضية متوفرة بشكل الكتروني وفي شكل رقمي وعلى عكس العملات الورقية أو المعدنية، وعلى الرغم من مخاطرها إلا انها اكتسبت شعبية كبيرة، في الآونة الأخيرة، وعلى حسب الإحصائيات من المتوقع أن تصبح العملة الرقمية في المستقبل هي العملة الأولى والرئيسة في التعامل في اقتصادات العالم خصوصا أن البنوك المركزية في جميع أنحاء العالم بدأت تستكشف مزاياها المحتملة بما في ذلك كيفية تعزيزها للكفاءة والأمان في أنظم الدفع.
ماذا عن لبنان، في آخر المعلومات أن مصرف لبنان يتجه الى إعطاء تراخيص لخمسة مصارف جديدة يقال أنها مصارف رقمية وهي جاهزة في أدراج الحاكم لكن لم يعط الضوء الأخضر بعد بشكل كامل للسير بها، خصوصا أننا اليوم نعيش في ظل نظام مصرفي ” مفلس”.
هنا بعض الأسئلة المتعلقة بالعملات الرقمية لعلنا نقدم الإجابات حولها في حديث مع الدكتور فؤاد زمكحل رئيس الإتحاد الدولي لرجال وسيدات الأعمال اللبنانيين MIDEL وعميد كلية إدارة الأعمال في جامعة القديس يوسف USJ .
زمكحل وفي شرحه للموضوع ، يرى أن مناقشة موضوع الإقتصاد الرقمي أصبح شائعا ” شئنا أم أبينا” وان كل إقتصادات العالم بدأت بالتحول التدريجي الى الإقتصاد غير الورقي أو غير النقدي ” الرقمي” فمن المؤكد أن النقد الورقي لا يلقى إهتماما، ففي العديد من المصارف العالمية والأوروبية لم تعد تعترف به كأداة للتعامل القانوني وبعضها تخلّى عنها وقد أصبحت المشكلة كبيرة الى درجة أن بعض البنوك الأوروبية فرضت قيودا على التعاملات المالية النقدية وحددّت قيمة الأوراق النقدية لكل مودع.
وهذا يعني، يتابع زمكحل، أن العالم من حولنا تغير ويتحول من اقتصاد مالي ونقدي الى اقتصاد رقمي وتكنولوجي، مشيرا الى أن الهدف الظاهر من إصدار العملات الرقمية هو لمواجهة تبييض الأموال وتمويل الإرهاب ومواجهة الفساد ولكن في المقابل، ثمة من ينبه من مخاطر تداولها فهي تتيح المزيد من السيطرة على المعلومات الشخصية والمزيد من الرقابة على المعاملات المالية وحركة الأموال، فإذا حاول أي مودع اليوم سحب أو طلب أي عملات ورقية نقدا يخضع لمساءلات عدة، وللتدقيق في كيفية استعمال هذه العملات الورقية.
والمفارقة في لبنان عن دول أخرى، أن الإقتصاد اللبناني تحول الى الإقتصاد ” الكاش” والمعروف أنه أخطر إقتصاد في العالم مع ارتفاع مخاطر تبييض الأموال وتمويل الإرهاب، فهذا النوع من الإقتصادات يثير قلق المجتمع الدولي الذي فضّل مؤخرا إعطاء فترة سماح للبنان لتمكينه القيام بالإصلاحات المطلوبة، مؤكدا أن إقتصاد الكاش الراهن أصبح خطرا على بلادنا واقتصادنا يمكن أن يوصلنا الى عقوبات جسيمة .
وتحدث زمكحل، عن القطاع المصرفي اللبناني الذي يحتاج الى إعادة هيكلة وإعادة رسملة من جديد، واعادة بناء الثقة، ومواكبة النظام المصرفي العالمي باستخدام العملات الرقمية مذكرا “بأن مصرف لبنان عمل منذ سنوات عدة لتأسيس عملة رقمية مرتبطة باقتصاد البلد واطلاقها في السوق” لافتا الى الإنطلاقة المنطقية لأي تراخيص مصارف رقمية واعدة يجب ان تبدأ أولا باعادة هيكلة مصرفية وإعادة دفع ما تبقى من ودائع الناس والأهم الأهم إعادة الثقة المفقودة.
وربط زمكحل، نجاح مشروع إعادة هيكلة المصارف بحزمة إنقاذ إقتصادية مفيدة وواضحة ترتكز على ضرورة توزيع الخسائر من جهة وإجراء الإصلاحات المطلوبة الكابيتال كونترول جزءا منها، وكذلك الإتفاق مع صندوق النقد الدولي ، لكن للأسف ما زلنا بعيدين عن المطلوب، وما زلنا ننتظر من الدولة اللبنانية جملة إصلاحات ما زلنا نتهرب منها أو نعجز عن القيام بها.