رفع البنك المركزي الأميركي سعر الفائدة إلى أعلى مستوياته، منذ 16 عاما، سعيا منه لضمان استقرار الأسعار. وارتفع سعر الفائدة بنسبة 0.25 في المئة، وهو عاشر ارتفاع خلال 14 شهرا. وأشار المركزي إلى أن هذا آخر ارتفاع يقرره حتى الآن. وانتقل السعر المرجعي من 5 في المئة إلى 5.25 في المئة، بينما كان يقارب الصفر في مارس آذار 2022. وأدى السعر المرجعي العالي، في أكبر اقتصاد عالمي، إلى ارتفاع حاد في تكلفة القروض، ما حتم تباطؤ النشاط في قطاعات مثل الإسكان، وكان له دور في إفلاس ثلاثة مصارف أميركية في الفترة الأخيرة. وقال رئيس البنك المركزي الأميركي، جيروم باول، في مؤتمر صحافي، بعد الإعلان: «لم نعد نقول إننانستبق زيادات إضافية في سعر الفائدة»، واصفا الإجراء بأنه «تغيير كبير». ولكنه رفض استبعاد إجراءات إضافية، قائلا: «سوف نرى ما تأتي به البيانات الجديدة». وشرع البنك المركزي في رفع أسعار الفائدة بشكل قوي، العام الماضي، عندما سجلت الأسعار في الولايات المتحدة ارتفاعا بوتيرة هي الأسرع منذ عقود. ولجأت البنوك المركزية عبر العالم، بما فيها بريطانيا والاتحاد الأوروبي، إلى إجراءات مماثلة. وتجعل أسعار الفائدة العالية من الصعوبة بمكان شراء بيت أو الاقتراض لتوسيع نشاط أو الاستدانة مرة ثانية. ويتوقع المسؤولون أن يؤدي ارتفاع التكلفة إلى تراجع الطلب وتخفيف الأسعار. ومنذ أن بدأ البنك المركزي الأميركي حملته ظهرت مؤشرات هدوء الأسعار. فقد استقرت نسبة التضخم في مارس آذار عند 5 في المئة، وهي أدنى نسبة خلال عامين. ولكنها لا زالت عالية بالنسبة للمركزي الأميركي الذي يهدف إلى نسبة 2 في المئة. ويرى غريغوري داكو، خبير الاقتصاديين في شركة الاستشارات، إي واي بارثينون، أنه على المركزي الأميركي أن يتحلى «بالحيطة والحذر»، ويتوقف الآن، لأن مخاطر تباطؤ النشاطات على الاقتصاد بدأت تكبر. «مخاوف الدخول في الكساد موجودة. لا أعتقد أن معركة التضخم انتهت. ولكننا نلاحظ تباطؤا في التضخم تدريجيا، ولكننا في وضعية سعر الفائدة فيها مرتفع، وهو ما يشكل عائقا للنشاطات الاقتصادية، ويؤدي إلى المزيد من التباطؤ في التضخم، خلال الأشهر المقبلة». ويقول بيل توبنر، رئيس شركة بول للتصنيع في نيويورك إن الزبائن أصبحوا حذرين في الأشهر الأخيرة، بسبب المخاوف الاقتصادية. وتراجعت شركته أيضا عن تعبئة مخازنها بسبب ارتفاع الأسعار. ولكنه قال إن شركته لم تكن بحاجة إلى الاقتراض الفوري، ويأمل أن يكون تأثير التباطؤ خفيفا ولفترة قصيرة. وأضاف: «لاحظنا بعض الهشاشة في الأسواق بسبب التضخم، وسعر الفائدة بطبيعة الحال، ولكن على المدى البعيد نحن متفائلون». ويتوقع باول أن يتأثر الاقتصاد الأميركي بإفلاس المصارف في الفترة الأخيرة وما ينتج عنه من تقلص الإقراض. ولكنه قال إن أمله كبير في أن تتجنب الولايات المتحدة الكساد الاقتصادي، مشيرا إلى قوة الشتغيل الكبيرة، وتدني نسبة البطالة في البلاد. وكان إجراء المركزي الأميركي يوم الأربعاء متوقعا في الأسواق المالية، التي تراقب الآن أي مؤشرات عن الخطة المقبلة. وألغى المركزي في بيان توجيهات سابقة أصدرها في مارس آذار يقول فيها: «قد يتطلب الأمر المزيد من الإجراءات التعزيزية»، من أجل السيطرة على التضخم. وقال باول في مؤتمر صحافي إن المركزي وصل إلى مرحلة وقف رفع سعر الفائدة، ولكنه على استعداد للمزيد إذا تطلب الأمر ذلك. وترى ويتني واتسون من غولدمان ساكس أن المركزي الأميركي قد يرفع سعر الفائدة مرة أخرى بالنظر إلى ما سيحدث في الأشهر المقبلة.
وقالت: «التضخم يسير في الطريق الصحيح ولكن التقدم كان متذبذبا، وعليه فإن التوقف عن رفع سعر الفائدة مناسب الآن، ولكن المزيد من الإجراءات محتملة، إذا استمر التضخم».