كتبت ريتا شمعون
بغض النظر عن الظروف المحيطة بحاكمية مصرف لبنان والتي ليست خافية على احد، وبغض النظر عن كل ما يدور في كواليس إنتخاب رئيس للجمهورية ، يبدو من الضرورة بمكان أن تتوجه أنظار اللبنانيين على إجراءات جكومة تصريف الأعمال في كل مرة تجتمع فيها الحكومة برئاسة الرئيس نجيب ميقاتي، والحديث في الآونة الأخيرة “توجه مجلس الوزراء إلى قرار بإصدار أوراق نقدية جديدة من فئة ال 500 ألف، وفئة المليون ليرة لبنانية، بالإضافة الى قرار زيادة رواتب وأجور الموظفين في القطاع العام، لا شكّ هي أخبار للإستهلاك على وسائل التواصل الإجتماعي تماشياً مع ثقافة الترغيب والترهيب الذي تعتمدها “الصحافة المتخصصة” في هذه الأيام بحسب خبير المخاطر المصرفية والباحث في الإقتصاد محمد فحيلي في حديث خاص لموقعنا “journal alire ” .
فحيلي يتابع، بالنسبة الى رفع سعر صرف الدولار الجمركي إلى 60000 ومن ثم على سعر منصة صيرفة، من الطبيعي أن ترتفع كلفة الإستيراد، التي تؤدي حتما الى إرتفاع أسعار المواد والسلع المستوردة. تلك الإجراءات الحكومية تُفقد المواطن ثقته بالعملة الوطنية أكثر فأكثر لافتا الى ان سعر الدولار الجمركي يجب أن يكون السعر المتداول في السوق الحرة –مؤكدا أن الحل يكون في هذه المرحلة في الإتجاه نحو الحد من إستيراد السلع الغير أساسية لمدة سنتين على الأقل وليس بالمطالبة بدعم الدولار الجمركي على حساب الوطن والمواطن.
وأكد أن محاربة التضخم هو من مسؤولية السلطة النقدية، أما الإرتفاع في كلفة الاستيراد هو من مسؤولية السلطة المالية وإنتاجها “وسوف أكتفي بما ذكرته عن مسؤولية السلطة المالية لجهة الحد من تأثير الاستيراد على الأسعار بشكل عام، والتوسع فقط في طلب المستطاع من السلطة النقدية للحد من الضغوطات التضخمي”.
أما الحديث عن إصدار أوراق نقدية من فئة ال 500 ألف أو/و المليون ليرة، أو تحسين (وهو في الواقع تعديل فقط وليس تحسين) رواتب وأجور موظفي الدولة قد يكون جيد إن سبقه (وليس إنّ واكبه) خطوات إصلاحية حقيقية في إدارة المالية العامة (وخصوصاً لناحية تأمين الإيرادات قبل إقرار النفقات الإضافية)؛ غير ذلك، يقول فحيلي إن هذه القرارات سوف تقضي على ما تبقى من كرامة في العملة الوطنية بسبب الضغوطات التضخمية التي سوف تنتجها.
ويرى أن بعض الخطوات التي لاتتطلب لا نصاب ولا قوانين وممكن إقرارها على الساحة النقدية بين مصرف لبنان والمصارف التجارية هي العودة إلى:
– إلزام المصارف بفتح حسابات جديدة وتفعيل حسابات مكونة سابقاً بالليرة اللبنانية، وتوطين الرواتب والأجور.
– الحدّ من التداول بالأوراق النقدية من خلال تفعيل العمل بوسائل الدفع المتاحة والمتوفرة عبر القطاع المصرفي من بطاقات دفع وبطاقات إئتمان وشيكات وتحويل مصرفي.
ويشدد فحيلي على أنه من الضروري أن تكون حلول السلطة السياسية على حجم الوطن وليس فقط على حجم موظفي القطاع العام، أو المودعين أو/و المصارف التجارية. الحلول يجب أن تطال كل المواطنين وجميع مكونات القطاع الخاص والعام في لبنان ولتكن الإنطلاقة بإقرار الممكن والمستطاع لتمكين:
– المواطن من تمويل السلة الإستهلاكية لتأمين الحد الأدنى من العيش الكريم.
-المؤسسات من تمويل المصاريف التشغيلية لتأمين الموارد المطلوبة للإستمرار في الإنتاج وخدمة الإقتصاد الوطني.
تلك النقاط تشكل برأيه، الحل لجزء كبير من المشاكل النقدية التي قد تنتج عن قراراتحكومة تصريف الأعمال في الآونة الأخيرة والتي يعاني منها لبنان ويساعد بشكل كبير على وقف النزيف. كما ينبغي على الحكومة توفير الظروف لإستعمال العملة المصرفية(Bank Money) التي تحدّ من المضاربة وتخفف بشكل ملحوظ الطلب على الأوراق النقدية (Fiat Money)وتعيد للعملة الوطنية كرامتها فتصبح خيار أساسي في تسديد فواتير الإستهلاك للأفراد والمصاريف التشغيلية للمؤسسات الخاصة والعامة، وقد تكون عندئذ ممر أساسي لوصول المتقاعدين إلى أرصدة حساباتهم في المصارف بشكل يُسهل عليهم تمويل مصاريفهم، بالتالي تعود عجلة الحياة إلى القطاع المصرفي وتحويل زيارة العميل إلى المصرف من مصدر “هم” إلى مصدر “إهتمام”.