هي قصةٌ المفاجأة غير المحسوبة التي لم أكن أنتظرها، ولكن، على المستوى الصحّي، فالمستحيل ممكن، للأسف.
يوم الثلاثاء من الاسبوع الفائت أحسست بوجع في حلقي على مستوى اللوزتَين، أسرعت الى دوائي المفضّل البانادول panadol، وتناولت حبّتين خفّفتا وجعي. في الليل، تفاقم الوجع، وأطبقت اللوزتان المتورمتان على مجرى المريء بشكل لم أعد أستطيع البلع ابداً، احتملت الليل المزعج جداً. صباحاً، اتصلت بطبيبي الذي أشار عليّ بالمُضاد الحيوي antibiotique الذي تلقّيته إبرة injection ما أراحني خلال النهار ، لكنّ الحالة استعادت نفسها في الليل وبقوة وزاد الضغط على المريء وكذلك على مجرى التنفّس.
في الصباح اتصلت بالدكتور سالم خوري، المقيم في البناء نفسه الذي أسكنه، أشار عليّ بالتوجه الى المستشفى، فوراً، بعد أن عاين حلقي. واتصل بالدكتورة ميرنا واكد المختصة بالرئتين، والتي استقبلتني وعاينتني وطلبت مني البقاء في المستشفى لأن وضعي من الخطورة بمكان، وعليّ ان اتوجه الى مكتب الدخول وتالياً الى المختبرات لإجراء اللازم منها وذلك لمعرفة سبب الحالة الصحية المتردية والخطيرة، وهكذا دخلت المستشفى بإلحاح من الدكتورة واكد، وتبيّن بواسطة scan انّه يوجد خلف اللوزتين خرّاجان ممتلئان قيحاً ( عَمَل ) ، واحد كبير ممتدّ حتى الصدر، والثاني أقصر منه، وهما يضغطان على اللوزتين ما سبّب تورّمهما، واصابتهما بالالتهاب، كما يضغطان على مجرى المريء ومجرى التنفس ما سبّب حالة مزعجة ثمّ خطيرة.
قالت لي الدكتورة واكد إنّني وصلت الى المستشفى في الوقت المناسب، فلو تأخرت كان يمكن لانسداد مجرى الهواء ليلاً ان يقطع تنفّسي فأقضي من دون ان يعرف احدٌ السبب الحقيقي. وفوراً، استدعت الدكتور جهاد خوري وهو جرّاح مختصّ بالحلق ، اطّلع على نتائج الفحوص وقال لي سأجري لك عملية سريعة لأن حالتك لا تنتظر إبطاءً، وهكذا توجّهوا بي الى غرفة العمليات فبُنِّجت وخضعت للعملية خلال اكثر من ساعة. استيقظت في العناية الفائقة، soins intensifs، والسبب يعود الى ضرورة مراقبة ما اذا عاود الخرّاجان الظهور أم انهما اختفيا نهائيّاً. واخضعوني لcure antibiotique et cortisone.
امّا ما يتعلّق بالأكل فيتمّ عبر أنبوب أُدخِل عبر أنفي الى معدتي، ما ساهم في قطع صوتي.
لا أزال في العناية الفائقة حتى تاريخ كتابة هذا القصة ، اي صباح الأحد، على أمل ان انتقل الى غرفة عادية في المستشفى يوم الإثنين، اذا كانت حالتي العامة مرضية.
في الخلاصة :
أولاً: أتوجه بالشكر العارم للدكتور سالم خوري، صديقي العزيز، ومرافقي في حالاتي الصحية وسواها، ولمنقذتي الغالية الدكتورة ميرنا واكد التي، لولاها، كنت الآن أستمع الى خُطَب رثائي، والى الدكتور جهاد خوري المَرِح والقريب من القلب الذي أجرى العملية من داخل حلقي، دون الإضطرار الى الجراحة من الرقبة، وهذا يُشهَد له فيه. كما أشكر بامتنان اصدقائي الأطباء الدكتور ألكساندر شعيب والدكتور انطوان كرم، والدكتور روجيه شويري والدكتور فادي عيراني للاهتمام البالغ بي .
ثانياً: النصيحة الغالية التي اقدّمها للمحبّين وسواهم، بعد هذه التجربة المُرّة، صحيّاً، أن الإهمال ممنوع، والتأجيل خطير، ويمكن ان يؤدّيا الى الموت، وقاكم الله منه.