كتب : يحيى أحمد الكعكي
في هذا الوقت الضائع و”لبنان الدولة الوطنية في هذه “اللحظة الفارقة” – [التي فسّرتها معاجم اللغة العربية بأنها: “الخط الفاصل بين الموت والحياة”] – ماذا سيكون عليه مستقبل “لبنان الحالي” المأزوم؟
كثيرة هي الاحتمالات، وفي مقدمها هذان الاحتمالان :
▪︎ أولهما: خيار الأمن والأمان والاستقرار مع “الدولة الوطنية اللبنانية” على أسس القانون الدستوري رقم ١٨ الصادر في ١٩٩٠/٩/٢١، أي دستور ١٩٩٠، [المبني على “إتفاق الطائف” ١٩٨٩/١٠/٢٢، المُعطّل والمّغيّب].
أي عدم تمزيق إتفاق الطائف، و”دستور ١٩٩٠” الذي زُيّنت مقدمته بموجب القرار ١٨ ب”الثوابت العشر” ،بموجب التي أكّدت على أن لبنان وطن سيد حر مستقل، وطن نهائي لجميع أبنائه، واحدًا أرضًا وشعبًا ومؤسسات، في حدوده المنصوص عنها في هذا الدستور والمعترف بها دوليّا…وعلى أن لبنان جمهورية ديموقراطية برلمانية، وعلى أن أرض لبنان أرض واحدة لكل اللبنانيين، فلكل لبناني الحق في الإقامة على أي جزء منها والتمتع به في ظل سيادة القانون، فلا فرز للشعب على أساس أي انتماء كان، ولا تجزئة ولا تقسيم ولا توطين.
▪︎وثانيهما: فلتان “الفوضى الهدّامة”، في ظل هذه الأجواء المشبّعة ب” الخوف” و”الرعب” التي تعيشها ما تبقى من “دولة لبنانية” – حتى الآن -، في حال القتل عمدًا وعن قصد، ل”إتفاق الطائف”[١٩٨٩/١٠/٢٢] عن سبق الإصرار والترصّد ، وهو الذي كان قد عبّد كل الطرق لاسترجاع “لبنان” – منذ اقراره من مجلس النواب اللبناني في ١٩٨٩/١/٢٢ -، سويته السياسية والإجتماعية و”الإقتصادية- المالية”، حتى “عهد جهنم الأرض”من ٢٠١٦/١٠/٣١ وحتى ٢٠٢٢/١٠/٣٠، ومارافق هذا العهد من تعطيل دستوري ، وكوارث إجتماعية، وزلازل إقتصادية ومالية أدّت إلى إفلاس لبنان من شهر مارس/ آذار ١٩٢٠، التي لايزال ماتبقى من “لبنان كان ياما كان” يعيش في هزاتها التردّدية حتى الآن، وهذا ماسيؤدي إلى إحدى هذين الاحتمالين:
▪︎ أولًا : “المؤتمر التأسيسي” أي تغيير “النظام السياسي اللبناني” الذي تصب فيه كل الإنقسامات الحالية التي يشهدها ماتبقى من لبنان حاليًا، وتعتبر أولًا “الفدرلة” [مع أن كل شروط قيامها لا تنطبق على “لبنان الحالي”]- في مقدمة نتائج هذا “المؤتمر التأسيسي”، والتي تقترب من الحل الذي كان اقترحه ” دين براون” مبعوث الرئيس الأمريكي ” جيرارد فورد” ١٩٧٨ للمسألة اللبنانية بمباركة وزير الخارجية الأمريكي آنذاك “سايرس فانس”، والتي يتحدث عنها معظم “الفرقاء” في “لبنان الحالي” دون أن يفهموا ماذا تعني.
وثاني︎ هذه النتائج لهذا المؤتمر: هو “التقسيم” الذي طُرح كإحدى الحلول لمستقبل لبنان خلال “الحرب القذرة”، خصوصًا في سنيتي ١٩٧٥ و١٩٧٦.
وفي هذا السياق كان “العميد ريمون إده” -ضمير لبنان- [١٩١٣- ٢٠٠٠] قد أكّد في حديث له عن “الوضع في لبنان آنذاك ” لإذاعة “مونت كارلو” الفرنسية في ١٩٧٥/١٢/٦، قائلًا أن “الولايات المتحدة الأمريكية، والاتحاد السوڤياتي [آنذاك، ورثته الآن “روسيا الإتحادية”]، موافقان على تقسيمه إلى أربع دويلات هي: مسيحية، شيعية، سنية، درزية”.
كما كان قد طُرح دوليًا آنذاك أن تكون “بيروت” مدوًلة تابعة للأمم المتحدة، ذات حكم ذاتي ك”هونغ كونغ” التي كانت تتمتع آنذاك باستقلاليَّة عاليًة ونظامًا سياسيًا، الذي عُدّل في ١٩٩٧ [حينما استقّلت عن الإحتلال البريطاني الذي استمر من ١٨٣٠ حتى ١٩٩٧]، ونصُّ دستورها الذي وُضِعَ عقب نقل ملكيتها من بريطانيا إلى الصين على أن يكون لها “درجةً من الاستقلالية” في كلِّ جوانب الدولة، باستثناء العلاقات الدبلوماسية الدولية والبنية العسكريَّة، وفق مبدأ ” بلد واحد ونظامان مختلفان”.
▪︎ثانيا: تدويل مجهول في حصوله ونتائجه حتى الآن… لا يعرف منه إلّا اسمه فقط.
و في ظل هذا الواقع الداخلي “المسدود” حاليًا ، و”التدويل المجهول” يُطرح هذا التساؤول من يكسب الرهان في هذه “اللحظة الفارقة الأخيرة” التي تمر بأيام فاصلة الآن في المنطقة ككل، والتي معظم الدلائل تشير إلى أن “المسألة اللبنانية” في دورها الجديد [وإن لم تتخذ مفتاحًا لإحداث التغييرات المطلوبة للتسوية السياسية الدولية في المنطقة]، فإنها ستكون أحدى اهم العناصر في عملية المزج الكيميائية التي تجرى الآن في سبيل الوصول إلى هذه التسوية السياسية الجديدة لعالم “المحيط الهندي والشرق الأوسط”، خصوصًا في شرقي البحر المتوسط مرورًا حتى “ليبيا”.