وفي التاريخ كانت له صولات وجولات ليس أقلها وأهمها جبيل في التاريخ، أضف اليها موسوعته الجامعة:”معجم اسماء العلم في لبنان”.
وانتقل باعهه الادبي ايضا الى الترجمة فنقل الى العربية العديد من مؤلفات الغرب وقد تجلى ابداعه في كتاب طيران الليل vol de nuit لانطوان دوسانت eXUPERY حتى ان احد النقاد تساءل هل ان جميل جبر ترجم من الفرنسية الى العربية ام العكس تُرجم الكتاب من العربية الى الفرنسية.
في الصحافة لم يبخل عطاءُه فقد تولى ادارة ورئاسة تحرير مجلة الحكمة اكثر من عشرين سنة وقد غدت هذه المجلة المرجع الادبي الاول في العالم العربي وأرشيف الانتاج الفكري في كل العواصم الناطقة بالضاد. من اعماله التي لم تطبع “حلم نمرود” ومن جديده الحالي قيد الاعداد وقريبا الى المطبعة دراسة تفصيلية عن احد كبارنا ميشال شيحا.
وبعد هل استطيع ان اختصر جميل جبر بكلمتين. ربما اذا قلت انه صاحب المئة كتاب.
احببت ان استعرض لُماماً انتاجه وان اكون الشاهد الصادق والامين على جميل الانسان المحب الواسع الصدر الحاضر الدائم لاستقبال كل طالب بحث وكل ساعٍ وراء عمل ادبي ووراء انتاج بحاجة الى مراجعة والى تدقيق والى تنقيح. فكم وكم من الشباب والشابات قصدوه ليلا نهارا حاملين ملفاتهم واوراقهم طالبين المساعده واعادة النظر وصولا نحو الافضل والأحسن.
كثيرون تتلمذوا على يده واستذوقوا الكتاب من خلاله صدقوني ان بابه لم يقفل يوما بوجه احد ولم يبخل ابدا عن اسداء النصح لطالبه وعن توجيه الخطى السديدة. كم وكم من الكتاب والادباء استناروا بهديه لتحسين ما خطت يدهم وما ابدعه فكرهم. انه القلب الكبير الذي يعطي بسخاء ودون مواربة. يعطي من ذاته لمن يرغب ويعشق ان يكون سنداً.
في الفرنسية كتب وكان اسمه بين الكبار في موسوعة larousse الفرنسية وقد القى في الاقاصي من فرنسا الى الهند والصين والعديد من دول اوروبا, أسس نادي “اهل القلم” كان شعاره الدائم: خذوا كل ما أملك ودعوا لي القلم.
حياته القلم. قلبه القلم. لا يستطيع ان يعش بدونه، ورغم السنين بقي شاباً في ذروة العطاء وقد سألته يوما عن سر ذلك الشباب الدائم فقال لي: طالما القلم في يدي طالما انا انكب على الكتابة فلن يعرف الهرم اليّ سبيلا لأن اول شروط الكتابة هو الشعور بالحيوية والقوة. وتذكرت قولا لشيشرون الاشيوخ وبالشيخ الذي يزداد بنشاط الشباب ومن عاش يمقتضى هذا المبدا فقد يشيخ بالجسم واما علقه فلا يشيخ”.
ان لبنان يفخر بجميل جبر احد كبارنا ورافعي اسم بلدنا عاليا في المحافل العربية والدولية. ومن البديهي القول ان بلدته العزيزة على قلبه وهي مرتع طفولته وصباه وشبابه، تفخر كثيرا ومن القلب بابنها البار الذي يعتبر مجاهرةً بأنه ابن هذه البلده العريقة التي اعطت الكبار الكبار في عالم الادب والشعر والقصة والصحافة مما نعجز عن ذكرهم الساعة.
ونحن ابناء بيت شباب نفخر ايضاً بجميل جبر العصامي الذي بنى نفسه والذي اتكل على ذاته منذ كان يافعا ووضع نصب عينيه هدفاً لم يحد عنه فوصل بجهده الخاص وفكره الثقاب وثقافته الواسعه وحضوره المميز ليغدو في مصاف المجلين من رواد الادب الذين تركوا بصمات لم تمحى مدى الازمان. واذا كان يحق لي كابن بيت شباب وبغض النظر عن الصداقة التي جمعتنا منذ سنين طوال عبر الوالد واستمرت بعد رحيله، ان اقول جهاراً ان جميل جبر هو علم ساطع في بلدتنا المتنية وهو نجم براق في سمائها المضيء، وهو قبل كل شيء الشبابي الذي احبّ ضيعته واستلهم منها واستوحى من ترابها ومن هوائها العليل فكراً نيراً وادباً خلاقاً…
فيحق لي ان اقول ايضاً باسم بيت شباب ان جميل جبر هو صفحة مشرقة في سجل ذهبي.