كان الاب مارون الحايك خلال مهامه في المعهد الانطوني بعبدا مهتما وحريصا على توجيه الطلاب والسهر على حسن أدائهم وكان يزودهم بالمعلومات ويساعدهم على العمل الجدي والمثابرة. ومع مرور السنين اكتشفت انسانا صاحب فكر نيّر وثقافة واسعة واكتشفت بحرا من العطاء الانساني والادبي والفلسفي والشعري ورجلا باحثاً ومنقباً يعمل ليل نهار في شتى الميادين الفكرية.
انه صاحب باع طويل في البحث التاريخي من خلال روزنامة الانطونيين الرافدين على رجاء القيامة الى “عين علق بين القرن السابع والقرن الحادي والعشرين” اعلام بكفيا الكبرى. وهو ايضا اهتم بالدراسات الكنسية والطقسية وتجلى ذلك في” دير مار انطونيوس الكبير بعبدا” الاب يوسف ابو نادر الانطوني،”كنيسة مارشليطا”، “اخوية الحبل بلا دنس” ، “تأملات بين الشموع والبخور”، “درب الاصليب”، “دير مار الياس”، واعد الاب الحايك مجموعة من الابحاث المعمقة عن أدباء وشعراء وفي قصيدة “لبيك ربي” يقول:
هوذا الصوت ينادي
دعوتك من بطن امك
ليبك ربي لبيك
من انا نطفة الطين ؟
كيف لي ان اكون
غير مطواع يديك؟
جمع الاب مارون في شعره كل الأشكال والأنواع من الشعر العامودي الموزون المقفّى الى الشعر الحر إلى الشعر العامي والزجل وابدع فيها كلها، وقد كان لبلدته المتنية – عين علق – الاثر الكبير في تفجر مواهبه منذ نعومة الاظافر، وكان لمراتع طفولته وصباه في “الضيعة” ايام زمان الفعل المباشر في تطلعاته الانسانية والدينية والفلسفية والشعرية والادبية.
آمن ومازال ان الادب هو أكرم الجواهر طبيعة وانفسها قيمة، وأصبح الأدب جزءا من حياته وكيانه وظل القلم رفيقه الدائم، فعلى رغم المسؤوليات الكهنوتية والتعليمية والادارية، كان يجد مساحة من الوقت خارج عناء العمل ليعود الى صديقه الدائم يكتب ويكتب ويبحث وينقّب ويغوص الى عمق الاعماق ليصطاد الجواهر الثمينة، ويصقلها فكرا نيرا ملتزماً.
عمل في الصحافة وكتب في العديد من الصحف والمجلات ونشر مجموعة من الابحاث التي تناولت مواضيع شتى ووثق للكثير من الاحداث كما في كتابة:: الانفجار في عين علق 13 شباط 2007 تبعاث وتوثيق”.
واصدر نشرة شهرية تحت اسم “محطات مع رعية زكريت” جمعت بين طياتها المحاضرات والوعظات والندوات والحوارات التي كان يقوم بها مع ابناء رعيته. فقد عرف الاب مارون كيف يكون كاهنا وخادم رعية واديباً في آن. وكيف يكون خادما للرب على المذبح، وخادما للكلمة من خلال لقاءاته مع المؤمنين ومع الشباب بنوع خاص ينورهم ويوجه خطاهم نحو طريق الحق والحرية والثقة بالنفس. أراد دائما ان يبحث عن الحقيقة ليهتدى بها أبناء رعيته وطلابه وقراؤه، هذه الحقيقة التي لازمته مظلة فتجرد من كل شيء الا منها.
فقد سعى دائما وما زال لكي يجد في ظلمات هذا الكون وفي اكاذيب واضاليل الدنيا، حقيقة زاهية مشرقة وطاهرة. فهو من الذين امنوا ان الحقيقة هي اساس النجاح الكبير وابنة الحياة الصافية النقية البعيده عن “الزغل” والاكاذيب. وقد سعى جاهدا للتفتيش عنها في ابحاثه وفي قراءاته وفي كتاباته. وسيظل يبحث ويفتش ويكتب طالما ان الحقيقة يصعب الوصول اليها وطالما ان الاب مارون الحايك عاش ليكون القلم رفيق دربه الدائم، وليكون الكاتب صديقه الوفي، وليكون العطاء الفكري سبيله المباشر الى الحق وهدفه الاول.