صدر عن “جمعية مصارف لبنان”، بيان، جاء فيه:
“يمر الوطن في أزمة تصنف بحسب المعايير الدولية بالنظامية (Systemic) سببتها عوامل مترابطة تراكمت على مدى عقود حتى أصبحت الدولة شبه معطلة. لذلك وجدت جمعية المصارف أن من واجبها مصارحة المودعين والإجابة على أسئلة كثيرة تطرح؛ أين هي الودائع؟ من المسؤول؟ هل كان في وسع المصارف التصدي للسياسات المالية والنقدية؟ هل كان في الإمكان استدراك الوضع؟ لماذا جفت السيولة؟ ما هي الإجراءات الملحَّة؟ أي مصير ينتظرنا؟
1) أين هي الودائع بالعملات الأجنبية؟
1. صرح سعادة حاكم مصرف لبنان بتاريخ 21 حزيران 2022 بأن الدولة سحبت من المركزي بموجب قوانين، 62 مليارا و 670 مليون دولار.
2. تختلف الآراء وتتنوع ولكنها كلها تصب في خانة صرف الأموال على الدعم وتثبيت سعر الصرف والفوائد المرتفعة والكهرباء وحاجات الدولة من الاستيراد وغيرها.
3 . ما تبقى في الوقت الحاضر يقتصر على ما يعلنه مصرف لبنان من احتياطي بالعملات الأجنبية، بالإضافة إلى القروض المتبقية في السوق والتي يسددها المقترضون بالدولار المحلي وما بقي من سيولة لدى المصارف.
2) من المسؤول؟
أولا: الدولة التي أقرت الموازنات وصرفت بموجب قوانين وهدرت ومن ثم أعلنت توقفها عن الدفع.إنها تتحمل الجزء الأول والأكبر من مسؤولية الفجوة المالية وهي ملزمة بالتعويض عنها تطبيقا لأحكام القانون لا سيما بفعل عمليات الهدر والاقتراض وعدم ضبط التهريب وأيضا وفقا لأحكام المادة 113 من قانون النقد والتسليف وتنفيذا لالتزاماتها التعاقدية في موضوع اليوروبوند.
ثانيا: المصارف، إذا اعتبرنا جدلا انها مسؤولة عن ايداع فائض سيولتها لدى مصرف لبنان، تحملت ولا تزال تتحمل تبعات تتعدى إطار أية مسؤولية مفترضة لها في هذه الأزمة النظامية المتمادية
Extended Systemic Crisis. إن المصارف اللبنانية مستعدة للمساهمة بتحمل المسؤولية الوطنية لإيجاد حل قانوني وعادل يجب أن ترعاه الدولة في أسرع وقت ممكن.
3) هل كان في وسع المصارف التصدي للسياسات المالية والنقدية؟
باختصار كلا. لقد راعت المصارف في توظيفاتها تعاميم الجهة التنظيمية والرقابية عليها من خلال:
1 . الحدود الموضوعة لمراكز القطع بالعملة الأجنبية والتوظيفات الإلزامية بالعملات الأجنبية.
2 . القيود على التوظيف في الخارج.
3. التوظيفات أو الإيداعات التي اشترط المصرف المركزي تجميدها لديه عند إجراء عمليات القطع لصالح المودعين. يضاف إلى ذلك، الايداعات لدى مصرف لبنان الناتجة عن عمليات المقاصة بالدولار التي تجري في المركزي وليس عبر المراسلين في الخارج. كما كافة التعاميم والإجراءات التي كانت تحتم على المصارف الإيداع في مصرف لبنان.
أن المصارف ليست صاحبة القرار وقد حاولت طرح الصوت سعيا لتغيير المسار، من دون أن ننسى ما تعرض له رئيس جمعية المصارف آنذاك عندما دق ناقوس الخطر فتعرض إلى الملاحقة لأنه صارح.
4) هل كان في الإمكان تدارك الوضع ورد جزء كبير من الودائع رغم الأزمة؟ نعم، لقد أصرت المصارف على وجوب إصدار قانون الكابيتال كونترول منذ اليوم الأول للأزمة. وهنا تجدر
الإشارة بأنه عند اندلاع الأزمة كان لدى مصرف لبنان احتياطي يناهز 33 مليار دولار وكانت التسليفات بالعملات الأجنبية تقارب 40 مليار دولار، كما كانت المصارف اللبنانية تتمتع بسيولة لا بأس بها. اليوم انخفض احتياطي مصرف لبنان إلى حوالي 10 مليارات دولار بحكم سياسات دعم الاستيراد ودعم الليرة وانخفضت القروض الى حوالي 12 مليار دولار بعد سدادها بالدولار المحلي وجفت السيولة لدى المصارف. لو قامت الدولة منذ اليوم الأول باتخاذ الإجراءات اللازمة لما وصلنا إلى ما وصلنا إليه. لولا تم إقرار قانون الكابيتال كونترول لما كانت الفجوة لتزيد خلال الأزمة بحوالي 35 مليار دولار بمسؤولية مباشرة من الدولة ومؤسساتها.
فهل الدولة هي من وضعت المصارف في مواجهة مع المودعين؟
تعددت التعليقات والإصطفافات لكن الحقيقة تبقى واحدة، القطاع العام بدد أموال القطاع الخاص.
الدولة ومؤسساتها بددت أموال المودعين ورؤوس أموال مساهمي المصارف. إن أخطر ما قام به القطاع العام انه رمى بمشاكله على القطاع الخاص ومد يده إلى مدخراته. وتأتي اليوم الدولة لتنأى بنفسها وتنصب نفسها حكما بين المودعين والمصارف. مما لا شك فيه إن توحيد الجهود لمطالبة القطاع العام بإعادة الودائع هو المطلوب. من أجل تحقيق هذا الهدف، تدعو جمعية المصارف إلى نقاش صريح بين المودعين والمصارف بهدف المطالبة باسترداد ما بددته الدولة من أموال القطاع الخاص.
إن نسبة أنصبة الأرباح من رؤوس أموال المصارف التي وزعت على مساهمي المصارف منذ سنة2013 لغاية تاريخه هي أقل بكثير من مستوى الفوائد التي كانت تدفع على الودائع في تلك الفترة.
لقد وصل الوضع المصرفي والمالي إلى حد لم تعد تفيد معه المعالجات الموقتة، بل أصبح من الملح ما يلي:
1. قيام الدولة اللبنانية بمصارحة المودعين عن أسباب الهدر والأسباب الكامنة وراء عدم وقفه أو منعه من الأساس.
2. إقرار خطة نهوض شاملة بعد التفاوض مع صندوق النقد الدولي.
3. إقرار كافة التشريعات والإصلاحات المطلوبة وأولها قانون الكابيتال كونترول للمحافظة على ما بقي من مخزون بالعملات الصعبة، ليس لمصلحة المصارف بل لمصلحة المودعين بشكل أساسي يشمل إطارا عادلا لمعالجة مصير الودائع.