أعترف غداً،
لا وقت الآن يا غَدِي!
فالوجهة ماضٍ وذهاب…
أعترف للمجهول أبداً،
للجهل القابع في ذاكرتي
ولكل ألوان الضباب…
أعترف حبّاً،
وليس اعترافي
سوى مناجاة الهواء،
ومحكمة الفضاء السراب!
اعترف، ومن يأبه أني أعترف،
ولست أملك أوراقاً،
كي يسجّل اعترافي
“وثيقة عربية في منفى كتاب”!!
أعترف،
بإسم المسافات القريبة البعيدة
باسم أوزان الخليل
وكل أسرار القصيدة،
باسم ذاكرتي المهجورة
وموت الجيرة،
وباسم الزمن والأعشاب،
أن الحبّ فرصتنا الوحيدة
أعترف أننا عشاق ركض،
نركض صدفة
وترتسم أقدارَ الأقدار،
و كأننا ليل يخاف الفجر
ومجيءَ نهار!
فنُبرقع المرأة الشمس
بسجن حجاب!
نركض بحثاً عن طريق،
فيصبح الركض هو الطريق،
فنحن ما كنا واحداً أحداً،
ما نحن إلا هذا الفريق
ضد ذاك الفريق،
نمضي أبداً أعداءً
ونعود كما الأغراب!
نركض بلا أرجلنا،
لأننا تمرّسنا الزحفَ على البطون
والتاريخ والحضارات!
ما حاجة الزاحفين
لأرجل لا تستعمل،
حتى في عزّ الصعاب!
ولكننا نركض ونركض عبثاً،
نركض قهراً،
نركض فقراً، جوعاً، وطناً!
قلقاً على حدّ الحراب!
لا رحمة فينا ولنا حتى ولا علينا،
إننا الأعراب ولا مكان لنا من الإعراب…
نركض في الاحلام
ونجعلها أرض كابوس مخيف،
عجب العجب يا عجبي!!
وأنا القوي الضعيف…
نركض في الربيع
فنجعله فصل سلطات
وفصل خريف،
نجعل الأسباب تمضي بلا نتائج
وبلا سبب!
نركض على سجاد الكلام
فنفسد صلاة الحروف،
ويفترسنا جوعٌ
يوازي كل افتراسات الغضب!
نركض فوق تلال الذكريات،
فتحضر الصحراء في أقلامنا،
من قال بعقم الرمال؟!
فالرمل ذهب!
ونصاب بجفاف النظرة،
وجفاف الحروف،
والصوت واللون
حتى آخر حدود تعب التعب!
لكننا أكابر الجراح أبداً،
نتعب ولا نعترف،
ننهزم ونكابر انتصارات،
آه يا نحن!!
آه يا جهل العرب!!!
آه وألف آه يا ركض،
آه يا ركض
كم نحن أعداء بعضنا بعض!
تقاتلنا على أوهام السماء،
فخسرنا الأرض!
وما زلنا نحب الركض!!!
هل الركض مرادفات
لكل أسماء العرب؟!
نركض كما الفراغ
عندما يغيب الكمال،
رؤوسنا في الوحل
وأقدامنا فوق السحاب!
ركض وراء سراب،
أم حلمٍ أم جوع تراب!
قد تنبت في راح الأكفّ شعر،
وحاشى أن يتحدّ الأعراب!
قدرنا أن نحيا في لغة “الضاد”
أضداداً أغراب…
هكذا شاءنا الكون،
وهكذا نحن الأعراب…
أعراب أغراب
ولا مكان لنا من الإعراب..