أعلن الملك تشارلز الثالث، أمس، إنه سيسير على خطى والدته الراحلة الملكة إليزابيث الثانية.
جاء ذلك في أول خطاب رسمي يلقيه الملك الجديد، بعد يوم واحد من وفاة الملكة إليزابيث الثانية في إسكتلندا، عبر كلمة مسجلة من قصر باكنغهام أعلن فيها أن ولي عهده الأمير ويليام سيحمل لقب أمير ويلز، وتمنى لنجله الآخر الأمير هاري وزوجته النجاح في حياتهما بالخارج.
وقال الملك «تشارلز الثالث»مخاطباً الشعب البريطاني: «والدتي الملكة الراحلة إليزابيث الثانية كانت ملهمة في حياتها».
وتابع «نجدد التعهد بخدمة شعبنا»، مضيفاً «الملكة الراحلة إليزابيث الثانية لطالما ساعدت دولاً كثيرة وكرست حياتها لخدمة شعب المملكة المتحدة».
الملك الجديد الذي ظهر بملابس حداد سوداء كاملة وبجواره صورة الملكة الراحلة، قال أيضاً «وفاة الملكة إليزابيث الثانية أحزن شعبنا ونشارك هذا الحزن معه».
وتابع «لطالما ظلت قيمنا راسخة وقوية وسوف تبقى كذلك».
ومضى قائلًا «مثلما كانت تفعل الملكة نفسها، بمثل هذا التفاني الذي لا يتزعزع، أنا أيضاً أتعهد الآن رسمياً، على مدى ما بقي من العمر الذي قدره الله لي، بالتمسك بالمبادئ الدستورية الراسخة في أمتنا».
وأضاف «أينما كنت تعيش في المملكة المتحدة، أو في المناطق التابعة والأقاليم في جميع أنحاء العالم، ومهما كانت خلفيتك أو معتقداتك، سأسعى لخدمتك بإخلاص واحترام ومحبة، كما فعلت طيلة حياتي».
وسيلتقي الملك الجديد رئيسة الوزراء ليز تراس التي كان تعيينها رسمياً من قبل إليزابيث الثانية الثلاثاء الماضي آخر مهمة دستورية قامت بها الملكة في حياتها المكرسة حتى النهاية لدورها.
وصافح الملك البريطاني الجديد أفراداً من العامة خارج قصر باكنغهام، بعدما نزل من سيارته. وأظهرت لقطات تلفزيونية تشارلز وزوجته كاميلا ينزلان من السيارة الملكية وسط هتافات من حشد تجمع خارج القصر.
وتحدث للمرة الأولى مساء الخميس في بيان عبر فيه عن «حزن العائلة الشديد» بعد وفاة «صاحبة الجلالة العزيزة والأم الحبيبة».
وقال «أعلم أن خسارتها ستلمس بعمق في جميع أنحاء البلاد والممالك والكومنولث ومن قبل عدد لا يحصى من الناس حول العالم».
وخلال النهار، تم إطلاق 96 طلقة مدفعية في أماكن عدة في البلاد، ودقت أجراس كنيسة سانت بول ودير ويستمنستر وقصر وندسور.
كما بدأت مراسم التكريم في الطرف الآخر من العالم، في أستراليا ونيوزيلندا، وهما من دول مجموعة الكومنولث التي أصبح تشارلز الثالث رئيساً لها.
وأعلن قصر باكنغهام فترة حداد «ملكي» مدتها 7 أيام تبدأ يوم تشييع الملكة.
و»الحداد الملكي» يختلف عن الحداد الوطني -الذي بدأ الجمعة- ويلتزم به أفراد العائلة الملكية وموظفو النظام الملكي، وكذلك الحرس المشاركون في المراسم.
ونعى قادة العالم الجمعة بكلمات يشوبها الحزن الملكة الراحلة إليزابيث الثانية. فيما أعلن الكرملين أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين قدم تعازيه إلى الملك تشارلز الثالث، متمنياً له «الشجاعة والصمود» بعد وفاة والدته، لكن حضور بوتين جنازة الملكة «غير مطروح».
وعبرت بلدان عن احترامها للملكة الراحلة، من دقيقة صمت في الأمم المتحدة إلى إطفاء أنوار برج إيفل وتنكيس العلم على منتصف السارية فوق البيت الأبيض وخطوات أخرى في في سلطنة عُمان والبرازيل حيث أعلنت أيام حداد أو الأردن وكوبا…
وفي ما يلي بعض الكلمات التي قيلت عن الملكة إليزابيث التي حكمت المملكة المتحدة منذ العام 1952 وكانت أيضا رئيسة لـ15 من دول الكومنولث حول العالم.
في نصف الكرة الجنوبي، قال رئيس جنوب أفريقيا سيريل رامافوزا إن «حياة الملكة وذكراها ستبقيان محفورتين في الذاكرة عبر العالم»، بينما أشاد الرئيس الكيني المنتخب ويليام روتو بقيادتها «الممتازة» للكومنولث.
كذلك، أشاد رئيس وزراء أستراليا أنتوني ألبانيز بـ»نزاهة لا حدود لها» لدى الملكة إليزابيث، متحدّثا عن «نهاية زمن» برحيلها.
في الجهة الأخرى من العالم، أكد رئيس وزراء كندا جاستن ترودو أن إليزابيث الثانية التي كانت رئيسة للدولة الكندية كملكة، شكلت «حضورا دائما» في حياة الكنديين و»ستبقى إلى الأبد جزءا مهما من تاريخ بلدنا».
كذلك، كرم أصغر أعضاء الكومنولث الملكة، إذ أشاد ديفيد بيرت رئيس وزراء إقليم برمودا البريطاني الصغير، بـ»حياتها المليئة بالواجبات غير المنقوصة».
وقال الرئيس الأميركي جو بايدن إن إليزابيث الثانية كانت أول ملكة بريطانية تقيم علاقات شخصية مع الشعب في جميع أنحاء العالم، في الوقت الذي أمر فيه بتنكيس الأعلام في البيت الأبيض والمباني الحكومية. وأشار إلى إن الملكة الراحلة كانت «امرأة دولة ذات وقار وثبات لا مثيل لهما»، مضيفا أنها «كانت أكثر من ملكة. لقد جسدت حقبة».
كذلك، أعرب الرئيس الصيني شي جينبينغ عن «تعاطفه الصادق مع بريطانيا حكومة وشعبا».
من جهتها، أشادت ألمانيا التي تحولت في عهد الملكة من ألد أعداء بريطانيا إلى حليف قوي، بإليزابيث الثانية باعتبارها «رمز المصالحة» بعد حربين عالميتين. وقال المستشار أولاف شولتس «التزامها بالمصالحة الألمانية-البريطانية بعد أهوال الحرب العالمية الثانية سيبقى غير منسي».
وردد رئيس الحكومة اليابانية فوميو كيشيدا هذا الإحساس. وقال «لعبت دورا مهما في خلق عالم سلام وازدهار»، مضيفا أن وفاة الملكة كانت «خسارة كبيرة» للمجتمع الدولي.
وأعربت الأرجنتين، التي خسرت حربا مريرة مع بريطانيا على جزر فوكلاند في العام 1982، عن «حزنها» لوفاة إليزابيث. وقالت الحكومة في بيان مقتضب صادر عن وزارة الخارجية، إنها «ترافق الشعب البريطاني وعائلتها في لحظة الحزن هذه».
وفي الأمم المتحدة، التزم مجلس الأمن دقيقة صمت. وقال الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريس إن الملكة «كانت موضع تقدير كبير لما تمتعت به من فضيلة ونعمة وتفان حول العالم. لقد كان حضورها مثيرا للطمأنينة على مدى عقود من التغيير الكبير».
وفي الفاتيكان، أعرب البابا فرنسيس عن «حزنه العميق» لرحيل الملكة، مشيرا إلى أنه يصلي لها ولنجلها تشارلز الذي خلفها ملكا.
وأعرب قادة الاتحاد الأوروبي عن أسفهم لوفاة الملكة التي كانت رئيسة دولة بريطانيا طوال عضويتها في الاتحاد الأوروبي وحتى مغادرتها في نهاية المطاف. وأشاد رئيس المجلس الأوروبي شارل ميشال بالملكة، معتبرا أن الراحلة التي وصفها بـ«إليزابيث الصامدة» كانت تجسد «أهمية القيم الثابتة».
وأشاد ملك بلجيكا فيليب الذي تربطه صلة عائلية وثيقة بالطبقة الأرستقراطية البريطانية، بـ»ملكة استثنائية طبعت التاريخ بعمق»، وأثبتت «وقارا وشجاعة وتفانيا طوال فترة حكمها».
ووصفها ملك السويد كارل غوستاف السادس عشر بأنها «صديقة جيدة لعائلتي ورابط لتاريخ عائلتنا المشترك».
من جهته، قال ملك إسبانيا فيليب السادس إنها «كتبت أهم فصول التاريخ». وأشار الملك السعودي سلمان بن عبد العزيز إلى أن «جلالة الملكة كانت نموذجا للقيادة سيُخلد في… التاريخ».
من جهته، أشاد الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون بـ»صديقة لفرنسا وملكة للقلوب» طبعت «بلادها والقرن».