بيان صادر عن الحركة الثقافية – انطلياس
مع غياب الأب مارون عطالله تخسر الكنيسة والرهبنة الأنطونية عموماً والمجتمع اللبناني خصوصاً راهباً يتمتّع بخصائص إنسانية ووطنية قلّ نظيرها.
إن تقييم إنجازات ومسيرة الأب الراحل تتطلّب كتباً ومؤتمرات ولا يمكن اختصارها ببيان مختصر. وهذا العمل يجب إنجازه من خلال متخصصين يرتكزون على الوثائق والرصد الدقيق للأعمال والمواقف.
ويهمّ الحركة الثقافية – انطلياس أن تشهد على شجاعة الأب الراحل في مواجهة قوى الأمر الواقع التي كانت مسيطرة خلال نظام الحروب العبثية التي عانى منها الوطن. وأن تشهد ايضاً على الروح الوطنية الجامعة التي كانت محور اهتمامه. فهذا الراهب ابن المريجة، كان مخلصاً في إصراره على الحوار والوحدة الوطنية ومع السلم الأهلي ومواجهة كل أشكال العنف. عرف أهمية الكتاب والثقافة كقاعدة لكل إنماء، ومن هنا مساهمته في نشأة الحركة الثقافية وتنظيم المهرجان اللبناني للكتاب.
عرف أهمية التراث السرياني فعقد المؤتمرات الدورية، وقام بدعوة أكبر العلماء المتخصصين في جامعات الشرق والغرب، وأشرف على صدور أعمال هذه المؤتمرات في كتب يمكن اعتبارها من أهمّ المراجع حول ذاك التراث.
آمن الأب الراحل بالشباب كقوة تغيير وبناء لمستقبل أفضل. فكان المبادر لجمع الشباب والشابات من كل مناطق الوطن وطوائفه وأحزابه للحوار في إطار ما سماه “انتظارات الشباب”. وهذه التجربة كانت غنية بالتفاعل الذي حصل بين المجموعات اللبنانية المتنوعة وتعرُّف هذه المجموعات على تقاليد وجمال المناطق اللبنانية بجغرافيتها المتعددة.
كان الأب مارون، في أوقات مختلفة يهتمّ بالفلاحة والزراعة، فيقوم شخصياً بفلاحة جنائن دير بحرصاف على تراكتوره المفضل، وهو بذلك يحافظ على العلاقة التاريخية بين الرهبان والأرض. وهو تأكيد على دور الرهبان وأديارهم كتعاونيات انتاجية زراعية كانت من العوامل الأساسية لتقدّم المجتمع اللبناني في الجبل ومن الأسس الصلبة التي سمحت لشعبنا بالصمود في مواجهة كوارث المجاعة وأطماع المحتلين ومحاولات الحصار بهدف الخضوع للمخططات الخارجية.
ويا أيها الأب المؤسس،
إن الحركة الثقافية – انطلياس التي سهرتَ على نشأتها لن تنسى فضلك، وأفضال كل الرفاق المؤسسين. وفي أول مهرجان للكتاب ستنظمه حركتنا بعد هذه الأيام الكالحة السواد، سيكون لك فيه الوجود المشّع، وستقوم حركتنا مع أصدقائها، بإيفائك بعضاً من حقك، وبإبراز غنى العطاء الكبير الذي خصصته للشعب وللوطن وللكنيسة. وان القيم الكبرى التي دافعت عنها دائماً: العدالة الاجتماعية، الدفاع عن استقلال لبنان بما هو دولة الميثاق الثابت بين المسيحية والاسلام، التعمّق في تراثنا الشرقي والانطلاق منه نحو الحداثة، الشجاعة في قول الحق بمواجهة كل ظلم، الالتزام بالتغيير بالثقافة ومن خلال الثقافة دفاعاً عن حقوق الانسان. كل هذه القيم وغيرها ستبقى حركتنا وفية لها بمواجهة كل المصاعب.
أمين الإعلام
الدكتور عصام خليفة