رأت مصادر مطلعة ان تعديل سعر الدولار الجمركي في هذه الظروف الدقيقة، سيترك انعكاسات سلبية على النشاط التجاري الذي سيتراجع بفعل اضمحلال الكتلة النقدية لدى التجار في ظل الارتفاع الجنوني لسعر صرف الدولار الأميركي وانهيار العملة الوطنية.
الخبير في الشؤون المالية والضريبيّة جمال القعقور يشرح تداعيات رفع معدّل الدولار الجمركي مَهّد لها بقراءة مقتضبة لمشروع قانون الموازنة «الذي أُعِدّ بشكل «إنشائي» من دون معرفة وفق أي اعتبارات تم وضع الأرقام الواردة في المشروع خصوصاً أننا في وضع استثنائي مع التقلّب الحاد في سعر صرف الدولار الأميركي.. فإن أي مشروع يتطلب دراسة معمّقة لتكاليفه وإيراداته وفق أسس محددة، وهذا ما يفتقده مشروع قانون الموازنة.
ويُلفت في السياق، إلى «العشوائية في إعداد مشروع الموازنة، وكان على مجلس الوزراء درسه بطريقة أشمل وأكثر وعياً، لكنهم اعتادوا على المفهوم الضريبي وإلقاء الحِمِل على المواطنين الذين يدفعون الثمن دائماً».
ويشير إلى أن «وزارة المال تعمد في الفترة الأخيرة إلى تمديد فترة تسديد الغرامات وتقديم التصاريح، لأنها تعلم جيداً أن أكثر من 70 في المئة من المكلّفين لا يتقدّمون بالتصاريح المالية وبالتالي لا يدفعون الضرائب، وفق ما أعلن مدير الواردات في الوزارة…»، ويتابع: إذاً على أي أساس يضعون أرقام الموازنة؟! مَن سيدفع الضرائب والرسوم؟!
اليوم جاء الدولار الجمركي «ليَزيد الطين بلّة» على حدّ قول القعقور، ويوضح: لقد ارتفعت تكاليف الشحن البحري وبالتالي أسعار السلع نسبةً إلى ارتفاع سعر الدولار، في المقابل انخفضت الإيرادات الجمركية.. أما اليوم مع رفع سعر الدولار الجمركي سيزداد الوضع سوءاً، حيث سنلحظ مزيداً من التراجع في إيرادات الخزينة جراء هذا القرار، لأن التاجر الذي كان يستورد في السابق كان يملك رأس مالٍ كافياً يمكّنه من الاستيراد، لكن حالياً غالبية أموال التجار والشركات التجارية عالقة في المصارف، وأصبحوا يتحرّكون برأسمال جديد مُنشَأ حديثاً وفق حركة السوق.
في ضوء هذه الوقائع، يكشف أن «الكتلة النقدية لدى التجار والشركات محدودة ولا تكفي بالتالي لمواكبة الكلفة المرتفعة للسلع لا سيما المتعلقة منها بالحاجات الحياتية للمواطنين.. لذلك تراجعت حركة الاستيراد في الفترة الأخيرة ما أدّى إلى انخفاض الإيرادات الجمركية… ومع إقرار الزيادة على الدولار الجمركي سنشهد تراجعاً إضافياً في حجم الاستيراد».