خلال الأيام المقبلة، تستعد فرنسا لإحياء الذكرى المائتين لوفاة نابليون بونابرت بجزيرة سانت هيلينا وسط جدل كبير حول شخصية الإمبراطور.
فبينما يعتبره البعض شخصية دموية وعنصرية أعادت العمل بنظام العبودية بفرنسا وأهانت دور النساء بالمجتمع الفرنسي، يطالب آخرون بضرورة احترام إرثه وتاريخه ويصنفونه كبطل قومي أعاد فرنسا للواجهة العالمية عقب أحداث الثورة الفرنسية.
فعقب خسارته لمعركة واترلو (Waterloo) يوم 18 يونيو 1815، أجبر الإمبراطور الفرنسي نابليون بونابرت على التنازل عن العرش مرة ثانية لتنتهي بذلك فترة المئة يوم التي تلت فراره من منفاه الأول بجزيرة ألبا (Elba). وعلى إثر هذه الهزيمة، نفي الإمبراطور الفرنسي نحو جزيرة سانت هيلينا (Saint Helena) بعرض المحيط الأطلسي أين وضع تحت حراسة مشددة. وبهذه الجزيرة قضى نابليون بونابرت ما تبقى من أيامه حيث فارق الأخير الحياة يوم 5 مايو 1821 في ظروف صعبة.
ووفق مصادر تلك الفترة، عانى نابليون بونابرت خلال الأشهر الأخيرة من حياته من آلام شديدة ببطنه. ويوم 17 مارس 1821، أصبح الإمبراطور الفرنسي السابق طريح الفراش. ووضع أمام فراش بونابرت تمثال نصفي لابنه، من زواجه من الأميرة النمساوية ماري لويز، نابليون الثاني الذي حرم من رؤيته منذ العام 1814. وقد ضل الإمبراطور السابق يتأمل هذا التمثال طيلة الأيام الأخيرة من حياته.
يوم الرابع من شهر مايو، قدم الطبيب الإنجليزي أرشيبالد أرنوت (Archibald Arnott) جرعة من كلوريد الزئبق الثنائي، وسط معارضة من الطبيب الفرنسي فرانسوا أنتوماركي (François Antommarchi)، لنابليون بونابرت أملا في مساعدته على التغلب على أوجاعه. وبادئ الأمر لاحظ الجميع بعض بوادر التحسن على الإمبراطور السابق الذي اشتكى فيما بعد من أوجاع أخرى أكثر شدة من السابق.
وخلال الليلة الفاصلة بين يومي 4 و5 مايو 1821، كان نابليون بونابرت شبه غائب عن الوعي وفي حدود الساعة الخامسة وتسع وأربعين دقيقة مساء يوم 5 مايو 1821، فارق نابليون بونابرت الحياة عن عمر يناهز 51 عاما و8 أشهر و20 يوما.
وحسب وصيته، وافق نابليون بونابرت على أن تشرّح جثته للوقوف على أسباب وفاته. و قدم طبيبه فرانسوا أنتوماركي تقارير مختلفة حول أسباب وفاته أشار في أغلبها لمعاناة الإمبراطور الفرنسي السابق من قرحة شديدة بالمعدة. وخلال العام 1823، قدم الطبيب والتر هنري (Walter Henry) تقريرا آخر أكد من خلاله على وجود قرحة بالمعدة وآثار لمرض السرطان لدى بونابرت وهو نفس المرض الذي قتل شارل بونابرت، والد نابليون بونابرت، قبل نحو 36 عام. إلى ذلك، سجل السنوات اللاحقة ظهور العديد من الروايات الأخرى التي أيدت نظرية المؤامرة وتحدثت عن تعمد البريطانيين قتل الإمبراطور السابق عن طريق تسميمه بالزرنيخ.
بوصيته، طلب بونابرت أن يدفن بفرنسا. الّا أن وصيته لم تنفذ ليدفن بادئ الأمر بجزيرة سانت هيلينا. وبعد حوالي 19 عاما، تحققت أمنية بونابرت الأخيرة حيث نقلت جثته لفرنسا لتدفن بمنطقة ليزانفاليد.