حال لبنان كحال عائلة كلما اشتد ساعد واحد من أبنائها يحاول أن يفرض سطوته على الآخرين، والإنفراد بقرار البيت كله، فيخلخل استقرار المجموع ولا يستكين إلا عندما يصبح تقويض العيش المشترك، وتوزيع التركة، تهديدا لصلة الرحم، يخيف حتى الجيران، فيهرعون للنصح والتهدئة خوف أن يصيبهم البلاء ذاته.
في السبعينات من القرن الفائت، وحتى قبل ذلك، قويت شوكة المسلمين السنّة بالوجود الفلسطيني المسلح، الذي رأى فيهم الحضن اللبناني الحصين، والترجمة العملانية الفاعلة لدعم العرب، الذين كان يهمهم إيعاد كأس المقاومة الفلسطينية عنهم، والإكتفاء بدعمها مالاً وسلاحا، لا سيما ما كان بُعرف بدول “جبهة الصمود والتصدي”. كانت تلك المرحلة فرصة للسنّة لتتوازن كفتا ميزان الدولة اللبنانية، بين المسيحيين والمسلمين، سنة وشيعة ودروزاً، بعدما كان الإنتداب الفرنسي حبا الأولين، في بنية الدولة ونصوص دستور الإستقلال بما لا يتناسب مع ما يعرف بالمساواة والتكافؤ بين المواطنين في دولة واحدة.
انتهى الأمر بخروج المقاتلين الفلسطينيين، وانتقل لبنان من “الإدارة الفلسطينية” إلى انفراد الوصاية السورية به، والسعي إلى “سورنته” بكل المقاييس، لكن الوقائع الدولية والإقليمية، والتحضير لمؤتمر مدريد للسلام 1990، ولّد اتفاق الطائف وما أرساه من توازن وطني، لم يغمط أحدا حقه، وهو أمر لم يمتحن في ظروف مؤاتية، إذ أن “شابا جديدا” في العائلة اللبنانية صلُب عوده واشتد ساعده، وقرر أن يضيف حروبا جديدة ودماء، لكن بدهاء فارسي، يحسن حياكة السجادعلى مدى أجيال. اسم فتى الحروب الجديدة “حزب الله”. لم يكن اختيار اسمه مصادفة، فالبعد الديني يمنحه قدسية عند البيئة الحاضنة (لاحقا) ورهبة عند الخصوم، وعليهما تغلغل بين الناس باسم “المقاومة”، وتحت غطائها صفى من اعتبرهم خصوما ومنافسين من “جبهة المقاومة الوطنية اللبنانية” (جمول)، إلى “البعث العراقي”، فـ”الشيوعي”، وحتى “حركة أمل” التي بدا مشروعها الشيعي عملا مراهقا مقارنة مع الحزب الذي كشف عن وجوده بعد الإجتياح الإسرائيلي وبنى سمعة وطنية بتصديه للإسرائيلي، وحظي ذلك بشبه إجماع لبناني، لكنه كان،عند أهل الحزب، سلُما للسطو على الحياة الوطنية، ولعب دور “ناظم الحياة العامة” بعد إخراج جيش النظام الأسدي من لبنان، مستفيدا من الدعم الإيراني المتنوع، تحت عنوان المشروع الفارسي، ومتكئا على تمويه مسيحي لمذهبيته وفرته “وثيقة التفاهم” مع التيار العوني (2006)، وتبادل المنافع معه، ومنها، اليوم، اطمئنان الأخير،محتميا بفائض رهبة سلاح حليفه،إلى القدرة على الإنقلاب على الطائف، وبحجج كاذبة كدستورية الثلث المعطل في تكوين الحكومات، مصافا إليه العزف على صلاحيات رئيس الجمهورية.
أعطى “اتفاق الطائف” جوابا شافيا لسؤال دار بين المتاريس والصالونات، إبّان الحروب المتنوعة، أطلقه الشيخ بيار الجميل الجد مؤسس “حزب الكتائب” هو “أي لبنان نريد؟”. لذا ليست أزمة تشكيل الحكومة راهنا إلااستئنافا لعداء تيار عون للطائف كما يوم ولادته، وليست سوى إرادة مواربة للعود على بدء.
في السبعينات من القرن الفائت، وحتى قبل ذلك، قويت شوكة المسلمين السنّة بالوجود الفلسطيني المسلح، الذي رأى فيهم الحضن اللبناني الحصين، والترجمة العملانية الفاعلة لدعم العرب، الذين كان يهمهم إيعاد كأس المقاومة الفلسطينية عنهم، والإكتفاء بدعمها مالاً وسلاحا، لا سيما ما كان بُعرف بدول “جبهة الصمود والتصدي”. كانت تلك المرحلة فرصة للسنّة لتتوازن كفتا ميزان الدولة اللبنانية، بين المسيحيين والمسلمين، سنة وشيعة ودروزاً، بعدما كان الإنتداب الفرنسي حبا الأولين، في بنية الدولة ونصوص دستور الإستقلال بما لا يتناسب مع ما يعرف بالمساواة والتكافؤ بين المواطنين في دولة واحدة.
انتهى الأمر بخروج المقاتلين الفلسطينيين، وانتقل لبنان من “الإدارة الفلسطينية” إلى انفراد الوصاية السورية به، والسعي إلى “سورنته” بكل المقاييس، لكن الوقائع الدولية والإقليمية، والتحضير لمؤتمر مدريد للسلام 1990، ولّد اتفاق الطائف وما أرساه من توازن وطني، لم يغمط أحدا حقه، وهو أمر لم يمتحن في ظروف مؤاتية، إذ أن “شابا جديدا” في العائلة اللبنانية صلُب عوده واشتد ساعده، وقرر أن يضيف حروبا جديدة ودماء، لكن بدهاء فارسي، يحسن حياكة السجادعلى مدى أجيال. اسم فتى الحروب الجديدة “حزب الله”. لم يكن اختيار اسمه مصادفة، فالبعد الديني يمنحه قدسية عند البيئة الحاضنة (لاحقا) ورهبة عند الخصوم، وعليهما تغلغل بين الناس باسم “المقاومة”، وتحت غطائها صفى من اعتبرهم خصوما ومنافسين من “جبهة المقاومة الوطنية اللبنانية” (جمول)، إلى “البعث العراقي”، فـ”الشيوعي”، وحتى “حركة أمل” التي بدا مشروعها الشيعي عملا مراهقا مقارنة مع الحزب الذي كشف عن وجوده بعد الإجتياح الإسرائيلي وبنى سمعة وطنية بتصديه للإسرائيلي، وحظي ذلك بشبه إجماع لبناني، لكنه كان،عند أهل الحزب، سلُما للسطو على الحياة الوطنية، ولعب دور “ناظم الحياة العامة” بعد إخراج جيش النظام الأسدي من لبنان، مستفيدا من الدعم الإيراني المتنوع، تحت عنوان المشروع الفارسي، ومتكئا على تمويه مسيحي لمذهبيته وفرته “وثيقة التفاهم” مع التيار العوني (2006)، وتبادل المنافع معه، ومنها، اليوم، اطمئنان الأخير،محتميا بفائض رهبة سلاح حليفه،إلى القدرة على الإنقلاب على الطائف، وبحجج كاذبة كدستورية الثلث المعطل في تكوين الحكومات، مصافا إليه العزف على صلاحيات رئيس الجمهورية.
أعطى “اتفاق الطائف” جوابا شافيا لسؤال دار بين المتاريس والصالونات، إبّان الحروب المتنوعة، أطلقه الشيخ بيار الجميل الجد مؤسس “حزب الكتائب” هو “أي لبنان نريد؟”. لذا ليست أزمة تشكيل الحكومة راهنا إلااستئنافا لعداء تيار عون للطائف كما يوم ولادته، وليست سوى إرادة مواربة للعود على بدء.