أبدت مصادر مصرفية رفيعة أسفها لإصرار السياسيين في لبنان على المضي قدماً في النهج التدميري الذي يتبعونه منذ فترة، بحيث يتعمدون توظيف الاقتصاد في خانة صراعاتهم على السلطة، سامحين لأنفسهم باللجوء الى كل الأساليب الملتوية لإخفاء ارتكاباتهم، ومحاولة رميها في ملعب مصرف لبنان والمصارف التجارية.
ولفتت الى أن معظم الطبقة السياسية الرسمية والحزبية تتعمد اللعب على عواطف الشعب اللبناني وغريزته لتحريضه على القطاع المصرفي وتصوير هذا القطاع وكأنه هو سبب الأزمة.
وتوقفت المصادر المصرفية خصوصاً عند اللغط الدائر في شأن التدقيق المالي الجنائي وما رافق توقيع العقد بين الدولة اللبنانية وشركة «الفاريز ومارسال» من شوائب وصولاً إلى إعلان الشركة انسحابها من المضي في تنفيذ العقد، وسألت:كيف يجوز لشركة متخصصة أن توقع عقداً من دون التدقيق في مضمونه وحيثياته؟ فالعقد الذي وقعته الشركة مع وزارة المال باسم الحكومة اللبنانية نص على أن تعمل الشركة في تدقيقها الجنائي «تحت سقف القوانين اللبنانية». فهل يجوز لشركة متخصصة بالتدقيق المالي الجنائي ألا تراجع القوانين اللبنانية المذكورة لتتعرف على مضمونها وبالتالي على السقف الذي ستعمل تحته؟ وهل يجوز مهنياً لمثل هذه الشركات أن تقبل بمهمة لا تعرف شروطها ولا تطلع عليها مسبقاً لا سيما قانون النقد والتسليف الذي أنشأ مصرف لبنان المشمول بمهمة التدقيق وقانون السرية المصرفية المعمول به في لبنان منذ عقود بعيدة؟ وهل يجوز لشركة متخصصة في التدقيق الجنائي أن تتفاجأ بالقوانين بعد توقيعها العقد؟بأي منطق تعمد الطبقة السياسية الرسمية والحزبية الى تحميل مصرف لبنان مسؤولية عرقلة التدقيق المالي الجنائي بحجة أن المصرف تمسك بالالتزام بقانون السرية المصرفية وقانون النقد والتسليف، وتعمد في الوقت نفسه الى اقتراح قانون لتعديل قانون السرية المصرفية بحيث يصبح بالإمكان رفع الغطاء عن الحسابات المعنية بالتدقيق المالي الجنائي؟ وأوضحت أن مجرد اقتراح مثل هذا القانون يؤكد أن مصرف لبنان التزم بالقوانين المعمول بها، وهو لم يخالف أياً من القوانين.
وقالت: «لقد سبق لمصرف لبنان أن أرسل الى وزارة المال طلباً رسمياً يتضمن تزويده بإذن الوزارة لرفع السرية المصرفية عن حساباتها كبديل عن تعديل قانون السرية المصرفية واختصارا للوقت، ورفعاً لمسؤوليته عن أي عرقلة في التدقيق المالي الجنائي. وعلى الرغم من مرور أكثر من ثلاثة أسابيع على ذلك فإن وزارة المال امتنعت عن إرسال موافقتها. فبأي حق وأي منطق يتهم مصرف لبنان بالعرقلة وهو الذي جهد في إيجاد المخارج التي تجمع بين احترام القوانين وإنجاز التدقيق المالي الجنائي؟».
ولفتت المصادر الى أن مصرف لبنان وحاكمه رياض سلامة يصران على التخفيف من أضرار التجاذبات السياسية على الأوضاع المالية والنقدية والإقتصادية، ولو على حساب حملات التجني والافتراء التي يتعرضان لها.