بداية لا بد من التأكيد ان شعبنا الفلسطيني المناضل الصابر على عذابات الاحتلال وقهره وعدوانه بجميع اشكالة ابتداء من القتل والأعتقال وهدم البيوت وسرقة الاراضي وتهويد القدس وغيرها لا زال ينتظر إنهاء هذا الانقسام وتحقيق امانيه لا ان يستمع إلى وعود قيادات قواه وفصائله، الذين لا لم يحققوا على الأرض شيئا حتى الآن، باستثناء ما صدر من تصريحات وبيانات، مما يزيد معاناة الشعب اليومية.
واخيرا وبعد ان بدأ التطبيع الفعلي، اجتمع الأمناء العامون في بيروت و رام الله وخرجوا ببيان يشكرون عليه من حيث المبدأ لإنهاء الانقسام الذي دام ثلاثة عشرة عاما والذي بسببه تراجعت القضية الفلسطينية على المستوى العربي والدولي، ولمواجهة التحديات الجسام الماثلة امام شعبينا وقضيته. هذا الانقسام المأساوي بين فتح وحماس الفصيلين اللذين يفترض انهما المسؤلان المباشران عن انهاء الانقسام.
ولا شك بان الجميع يعلم ان خروجنا من هذا النفق المظلم ومن الوعود التي لم ينفذ منها شيء لا يمكن ان يتم عبر بيانات او شعارات لا تُطبق. والمصيبة الكبرى ان لكل من هذين الفصيلين رؤية ومواقف مختلفة واحيانا متناقضة في كيفية حصول الشعب على حريتة واقامة دولة المستقلة، اذ ان الفصائل المنضوية تحت مظلة منظمة التحرير اعترفت باسرائيل مقابل اعتراف اسرائيل بمنظمة التحرير، بينما يغرد فصيل او اكثر بسياسة بعيدة عن سياسة منظمة التحرير اي لا اعتراف باسرائيل، والتحرير من النهر الى البحر، مع ان حماس اعترفت بمخرجات اوسلو عمليا لانها اشتركت في الانتخابات الأخيرة وفازت بالاكثرية. وهذا الخلاف لا زال على حاله الى يومنا هذا. كما ان منظمة التحرير بقيادة فتح ما زال عمقها الاستراتيجي الدول العربية ، اما فصيلي حماس والجهاد فيريان هذا العمق في بلاد الفرس التي هدفها السيطرة على جميع الدول المجاورة لها وخصوصا الدول الخليجية واليمن والعراق وسوريا ولبنان.
وهنا يطرح السؤال المهم وهو اذا كانت هناك نوايا حقيقية لانهاء النقسام والوحدة هل كان من الواجب الذهاب الى دولة غير عربية ليس لها علاقات جيدة مع بعض الدول العربية والنافذة والتي تعتمد عليها منظمةالتحرير الفلسطينية كي يتم الاتفاق فيها على اجراء الانتخابات التشريعة والرئاسية بدل ان يكون هذا الاجتماع في فلسطين؟ اي لماذا لم يعقد الاجتماع في غزة او رام الله مع استخدام كل الوسائل التكنولوجية التي تمكن من عقده ونبعد عنا مشاكل نحن في غنى عنها؟ ثم تم الانتقال للمحطة الثانية في قطر، والجميع يدرك الخلاف الخليجي ومن ثم القاهرة، مما يوقعنا في تخبط لا لزوم له في هذه الظروف الحرجة.
بعض الفصائل التي في دمشق عاتبة كل العتب على الاجتماعات المنفردة بين فتح وحماس كما ان بعض الفصائل تريد من منظمة التحرير ان تسحب اعترافاتها باسرائيل كشرط، وهذا طبعا من الصعب تطبيقة حاليا خصوصا اننا وبفضل السلطة برئاسة الاخ محمود عباس استطعنا الحصول على اعتراف ١٤٠ دولة في العالم بدولة فلسطين، كما ان السلطة الفلسطينية اسست دولة فلسطينية بجميع مؤساساتها وحتى الامنية، اي اصبحت دولة تحت الاحتلال معترف بها من العالم اجمع ، واذا سحبت اعترافها باسرائيل سيكون ذلك كارثة على مكتسبات الشعب الفلسطيني عدا عن الردود المحتملة إسرائيليا.
الشعب الفلسطيني رحب بمخرجات الاجتماعات التي تمت وصدر البيان الاول، و من ثم لم نسمع اي شيء عن البيان الثاني او الثالث والرابع والخامس حول المقاومة الشعبية السلمية التي كان من المفروض ان تنطلق، وبدل ذلك تجري المفاوضات حول آليات الانتخابات وهذا جيد، ولكن اذا انتظر الشعب إجراء هذه الانتخابات التي تبدو العوائق أمام اجرائها غير بسيطة، ربما نكون قد وصلنا الى تنفيذ مراحل أخرى من صفقة القرن المشؤومة، وهنا يطرح السؤال لماذا نلوم المطبعين ولا نلوم انفسنا في ابسط شيء، ولماذا لا نسارع إلى إصلاح الخلل الكبير في ساحتنا الداخلية.
إن ابسط ما نستطيع البناء عليه هو انهاء الانفصال البغيض، وبدلا من ذلك ياتي بعض قادتنا بتصريحات عنترية خارجة عن مفهوم المصالحة بدلا من ان ننهي مشاكلنا التي نخرت قضيتا بما جعل بعض الدول تقول اذا كان الفلسطينيون لا يستطيعون حل مشاكلهم فلماذا نهتم بهم؟
المطلوب على الاقل ترجمة وتفعيل ما اتفق عليه خصوصا وحدة المقاومة الشعبية كي نعزز الثقة لدى ابناء اولا ثم نبرهن للعالم اجمع اننا شعب موحد ضد هذا الاحتلال غير الشرعي لأرضنا وضد حليفة هذا الاحتلال ،الإدارة الأميركية بقيادة ترامب.
بذلك فقط تعود ثقة امتنا العربية والإسلامية بنا وبذلك فقط تستعيد قضيتنا ما تستحقه من اهتمام على الصعيد الدولي، ونكون بذلك قد بدأنا الخطوات الصحيحة في مواجهة مخططات الاحتلال ومواصلة النضال لانتزاع حريتنا واستقلالنا في دولة ذات سيادة عاصمتها القدس وضمان حق اللاجئين في العودة إلى ديارهم … والله المستعان.