رأى كبير الاقتصاديين ورئيس قسم الأبحاث لدى بنك عودة مروان بركات أن «لبنان يحتاج إلى الشروع في استراتيجية للخروج من الأزمة تضعها حكومة عتيدة توحي بالصدقية من شأنها إطلاق عجلة الإصلاحات الهيكلية المطلوبة»، معتبراً أن «المخارج مازالت ممكنة إذا ما توفّرت الإرادة».
وقال لـ«المركزية»: «القطاع المصرفي اليوم لا يحتاج إلى تعويم خارجي، فالمصارف تحتاج فقط إلى أن تسدّد الدولة اللبنانية مستحقاتها. وإذا حصل ذلك، فإن وضعية السيولة لدى المصارف من شأنها أن تتعزّز بشكل ملحوظ مع قيام الدولة بسداد جزء من السيولة المستحقة للمصارف».
وعلى مستوى الإطار التنظيمي، رأى ان المطلوب أولاً وقبل كل شيء توحيد إجراءات ضبط حركة الأموال بموجب قانون مشروع Capital Control تعدّه الحكومة العتيدة ويعتمده مجلس النواب، من أجل ضمان معاملة عادلة ومنصفة لجميع الزبائن وخفض الاستنسابية بين المصارف والحدّ من المخاطر القانونية إزاء القطاع المصرفي.
وقال ان إجمالي أصول القطاع المصرفي في لبنان يجب أن يتقلّص إلى حوالي 100% أو 150% من الناتج المحلي الإجمالي بُعيد إعادة الهيكلة.
وشدد على ان «المطلوب أولاً هو تخفيض شبكة الفروع بنسبة 30% إلى 40% والتي تبلغ اليوم حوالي 1,000 فرع في لبنان».
وتابع: «من الواضح أن بعض المصارف قد تجد صعوبة في التكيّف وتلبية المتطلبات في ظل هذا المناخ السائد حالياً، وسيتعيّن عليها الخروج من السوق، في حين أن مصارف أخرى ستكون قادرة على البقاء ومواصلة العمل، حتى لو كان ذلك يعني الاضطرار إلى بيع جزء من أصولها في الخارج من أجل ضخّ سيولة كافية وبالتالي تعزيز رساميلها». واعتبر ان المصارف التي لها تواجد في الخارج قد يكون لديها القدرة الأكبر على الديمومة مستقبلاً.
أضاف بركات «إن إصلاح النظام المصرفي بجهود إعادة الهيكلة لتعزيز وضعه المالي وحوكمته وقدرته على مواجهة الضغوط من شأنه أن يحصّن الإطار الماكرو اقتصادي والمالي للبلاد» مشدداً على ان وجود قطاع مصرفي أصغر وأمتن من شأنه أن يعزّز الانتاجية وفعالية التكلفة ويمكن أن يستفيد أيضاً من زيادة التركيز على المكننة. واوضح ان سلامة القطاع المصرفي لها تأثير ملحوظ على المخاطر السيادية وبالتالي على أي تصنيف سيادي محتمل للبنان. وقال ان وجود قطاع مصرفي موثوق به هو المفتاح لإعادة ربط لبنان مع أسواق الرساميل العالمية.
واكد ان لبنان يحتاج بشكل وشيك، إلى الشروع في استراتيجية للخروج من الأزمة تضعها حكومة عتيدة توحي بالصدقية من شأنها إطلاق عجلة الإصلاحات الهيكلية المطلوبة. وحذر من أن الاختلالات الهيكلية والدورية السائدة التي تعاني منها البلاد مستفحلة، إلا أن المخارج ما زالت ممكنة إذا ما توفّرت الإرادة وإذا تم اتخاذ خيارات وتدابير جذرية من دون أي تأخير تمكّن لبنان من الخروج من أزمته المستفحلة مع الوقت.