في مواجهة الفراغ الحكومي وغياب التشريع وبالتالي اي خطة متكاملة للانقاذ الاقتصادي والمالي والنقدي، وفي ضوء توقف المفاوضات مع صندوق النقد الدولي بعد استقالة الحكومة، علماً أنها كانت متعثرة ومعلقة اساساً قبل الاستقالة، اختار حاكم مصرف لبنان رياض سلامة عدم الانتظار، وأخذ زمام المبادرة في محاولة للتخفيف من وطأة فشل المنظومة السياسية على الشعب اللبناني والدورة الاقتصادية والقطاعات الانتاجية والمصارف.
فبعد سلسلة من الاجتماعات البعيدة من الأضواء، بالإضافة الى مروحة واسعة من المشاورات والاتصالات واللقاءات مع المعنيين في مصرف لبنان وخارجه، صدرت عن حاكم مصرف لبنان مجموعة من التدابير والتعاميم لـ «إدارة الأزمة» بما تحتاجه من إجراءات من شأنها ليس فقط مجرد التخفيف من الانعكاسات السلبية للانهيار السياسي، إنما تسعى الى تجاوز الفشل والعجز السياسي في محاولة لإعادة إطلاق دورة اقتصادية تحاكي القضايا الطارئة والعاجلة وتضمن استمرار الحياة بالحد الأدنى المتاح.
ولعل أبرز ما توقفت عنده مصادر اقتصادية ومصرفية مختصة عبر «المركزية» هو التدابير المتعلقة بإعادة ترتيب أوضاع المصارف، وهي إجراءات تعكس قراراً واضحاً بوضع خطة إنقاذ القطاع المصرفي على السكة المطلوبة، من خلال مجموعة من الترتيبات التي طلب من المصارف اتخاذها لتسوية أوضاعها على نحو يسمح لها باستئناف حركتها الطبيعية في شكل تدريجي من خلال زيادة الرساميل واعادة تكوين الاحتياطات المالية وغيرها من الأمور التي من شأنها أن تفرز المصارف بين قادر على الاستمرار وعاجز عن تلبية الشروط المطلوبة للخروج من الأزمة.
واللافت في السياق، ان سلامة لم ينفض يديه من النتائج ، لكنه اشار بوضوح الى ان المصارف العاجزة لن يكون مصيرها الإفلاس، ولكن أسهمها ستتحول الى مصرف لبنان الذي تعهد بحفظ حقوق المودعين.
وعلى رغم أنه أشار الى أن استعادة المودعين لحقوقهم ستتطلب بعض الوقت، لكنه بدا واضحاً وجازماً بأنها لن تضيع عليهم في النهاية.