عقد في السراي الحكومي في بيروت، مؤتمر المشرق حول «التمكين الإقتصادي للمرأة»، برعاية الرئيس المكلف تأليف الحكومة سعد الحريري، في حضور الأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط، نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الصحة العامة في حكومة تصريف الأعمال غسان حاصباني، والوزراء: جان اوغاسبيان، بيار بو عاصي، مروان حمادة وعناية عزالدين، النواب: بهية الحريري، نعمت افرام، رولا الطبش جارودي، ياسين جابر وديما جمالي، رئيسة الهيئة الوطنية لشؤون المرأة كلودين عون روكز، الأمين العام لمجلس الوزراء فؤاد فليفل، وزيرة التخطيط والتعاون الدولي الاردني ماري قعوار، الامين العام لمجلس الوزراء العراقي ممثل رئيس وزراء العراق مهدي العلاق، نائب رئيس منطقة الشرق الاوسط وشمال افريقيا في البنك الدولي فريد بلحاج، المديرة التنفيذية للعمليات في مؤسسة التمويل الدولية ستيفاني فون فريدبورغ وشخصيات.
بعد وعرض شريط وثائقي عن واقع المرأة في العالم العربي ومدى مشاركتها في سوق العمل، تحدث بلحاج، فشكر الحريري «على ضيافته الكريمة لهذا الحدث الهام والأول من نوعه في منطقة المشرق، وعلى دعمه الدائم لقضايا المرأة وحقوقها، وجهوده المتواصلة في تفعيل دور المرأة على جميع المستويات وفي كافة المجالات الحياتية».
وقال: «(…)تنبهنا المؤشرات إلى أن منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا تخسر مبالغ كبيرة من الدخل الإقليمي بسبب التمييز القائم على النوع الاجتماعي في القوانين والأعراف والممارسات الاجتماعية التي تقيد حقوق المرأة وتحد من توفير الفرص لها».
وكانت كلمة لفريدبورغ قالت فيها: «إنه لشرف لي ومن دواعي سروري أن أتواجد هنا للحديث عن القضية المهمة للغاية والمتعلقة بالمشاركة الاقتصادية للمرأة في دول المشرق. فكما تعلمون، إن المشاركة الاقتصادية للنساء ليست أمرا خياريا، إنما ضرورية للنمو الاقتصادي العالمي. مشاركة النساء في الاقتصاد بمعدل مشاركة الرجال عينها، يمكن أن ترفع الناتج المحلي الاجمالي العالمي بما يصل الى 28 تريليون دولار بحلول عام 2025، وذلك وفقا للدراسات الحديثة. وتظهر الدراسات المتتابعة أن المرأة قادرة على دفع النمو في جميع أنحاء العالم، لكنها ببساطة لا تتلقى الدعم المطلوب. فلننظر الى رائدات الأعمال من النساء في هذه المنطقة. هناك 55 في المئة من المشاريع المتناهية الصغر والصغيرة والمتوسطة المملوكة للنساء لا يمكنها الحصول على الائتمان. فلنفكر معا في الفرصة الضائعة والوظائف التي كان يمكن توفيرها لو كانت الحال غير ذلك. بالاضافة الى ذلك، القيود القانونية والاجتماعية على النساء تزيد من صعوبة إضفاء الصفة الرسمية على أعمالهن».
وألقت السفيرة الكندية ايمانويل لامورو كلمة قالت فيها: «أحمل تحياتي وأطيب التمنيات لمؤتمر ناجح من رئيس الوزراء الكندي ترودو، الذي يبعث بالرسالة التالية: «تثني كندا على القيادة التي أخذها لبنان والأردن والعراق في الاجتماع معا في هذا المؤتمر وإعداد خطط العمل القطرية بشأن التمكين الاقتصادي للمرأة. إن تمكين النساء والفتيات أمر حاسم في بناء السلام والحد من الفقر وتنمية اقتصاداتنا وتحقيق الاستدامة. نحن فخورون بأن نكون شركاء مع البنك الدولي ومؤسسة التمويل الدولية في تنظيم هذا المؤتمر ودعم لبنان والأردن والعراق في إزالة الحواجز التي تعيق النساء والفتيات من مشاركتهن الكاملة في المجتمع».
كما ألقى العلاق كلمة قال فيها: «(…) ولا شك أن هناك تحديات كبيرة واجهت العراق عن طريق استكمال ودعم هذه التوجهات وكان من أشدها وطأة، احتلال داعش لمناطق واسعة من أرض بلدنا، والجرائم البشعة التي طاولت كل شرائح المجتمع. لكن المرأة العراقية واجهت صنوف القتل والتشريد والاغتصاب والخطف بمزيد من الصبر والتحمل، ولم تستكن ولم تهن، وظهرت من بينهن العشرات من النساء والفتيات اللواتي فضحن ممارسات الارهاب وإجرامه، وليس أدل على ذلك من الدور الكبير الذي لعبته المناضلة العراقية الايزيدية نادية مراد، التي لفتت العالم الى تلك الممارسات، ونالت في أثر ذلك جائزة نوبل للسلام أخيراً وهي أول أمرأة بتاريخ منطقتنا تنال هذه الجائزة».
من جهتها قالت قوار: «(…) مازال يواجه الأردن اليوم تحديات واضحة للجميع لا يمكن أن ننأى بأنفسنا عن تأثيراتها المباشرة على الوطن والمواطنين نساء ورجالا: والتي تتمثل في النمو الاقتصادي المتواضع نتيجة لاستمرار حالة عدم الاستقرار التي يشهدها الإقليم، والتي كان لها أثر في تأخير تحقيق النمو الاقتصادي المرجو، وما ترتب عليه من عجز في الموازنة العامة، وارتفاع في معدل الدين العام للناتج المحلي الإجمالي، وضعف في حجم الصادرات، واستمرار ارتفاع أسعار الطاقة، ما أدى إلى زيادة فيمعدل البطالة خصوصا بين فئة الشباب من الذكور والإناث، وانخفاض مستوى دخل الفرد ومستوى معيشته. وإدراكا من الدولة الأردنية لمجمل هذه الأوضاع والظروف الاستثنائية، فقد أطلقنا رؤية الأردن 2025، رؤية واستراتيجية وطنية عشرية ترسم طريقا للمستقبل وتحدد الإطار العام المتكامل الذي سيحكم السياسات الاقتصادية والاجتماعية القائمة على إتاحة الفرص للجميع. كما أطلقت الحكومة أولوياتها للعمل للعامين (2019-2020) كخطوة أولى لمشروع النهضة الوطني والذي يهدف إلى توظيف طاقات الأردنيين والأردنيات وتلبية طموحاتهم نحو مستقبل أفضل».
من ناحيته أكد ابو الغيط «ان جامعة الدول العربية تعمل بشكل مستمر، وبالتعاون مع مختلف الآليات الحكومية في الدول الاعضاء والمنظمات الاقليمية والدولية المعنية، من أجل تطوير السياسات التي تتعامل مع شؤون المرأة وقضاياها في المنطقة العربية، وذلك لضمان قيام تنسيق فعال وجاد بين هذه الآليات والبرامج في إطار منظومة عمل متناسقة تستهدف الإرتقاء بوضعية المرأة في إطار السعي لتحقيق التنمية المستدامة الشاملة بمفهومها الواسع، وبحيث يكون أحد الأهداف الرئيسية لعمل هذه المنظومة هو خلق وعي مجتمعي كامل بمحورية دور المرأة في المجتمع، وترسيخ قاعدة تكافؤ الفرص والمساواة بين الرجل والمرأة، وتمكين المرأة سياسيا واقتصاديا واجتماعيا».
وقال الرئيس الحريري في كلمته: «صباح الخير، صباح المرأة اللبنانية، صباح المرأة الاردنية، صباح المرأة العراقية، صباح المرأة المشرقية، وصباح المرأة العربية التي تحقق كل يوم انجازا جديدا وابداعا جديدا ونجاحات جديدة تساهم في تطوير مجتمعاتنا ورقيها. صباح الخير واهلا وسهلا بكم في السراي الكبير في مؤتمر دول المشرق لتمكين المرأة اقتصاديا، وأرحب بشكل خاص بضيوفنا الأعزاء من العراق والاردن ومن مختلف المنظمات والمؤسسات العربية والدولية».
أضاف: «بداية، أتقدم بالشكر من مجموعة البنك الدولي والحكومة الكندية والوكالة السويسرية للتنمية على هذه المبادرة المهمة جدا في مضمونها وتوقيتها. مؤتمرنا اليوم (السبت) ينعقد عشية انعقاد القمة العربية التنموية الاقتصادية والاجتماعية الرابعة في بيروت، وفي وقت تشهد منطقتنا تحولات كثيرة، ونأمل بأن تكون المرحلة المقبلة مرحلة إعادة إعمار ونهوض في كل دولنا، وبشكل خاص في دول المشرق التي تأثرت بشكل مباشر او غير مباشر بالأزمات والصراعات المتتالية».
وقال: «قناعتي تامة انه لا يمكننا التطلع الى مستقبل دول المشرق والاستعداد للمرحلة المقبلة من دون مشاركة فعلية للمرأة في رسم هذا المستقبل. دراسة حديثة لمجموعة البنك الدولي، تشير الى ان المرأة في مشرقنا تشكل نصف المجتمع، كما تشكل الأكثرية التي تحصل على أعلى مستويات التحصيل العلمي، لكن مشاركتها الفعلية في سوق العمل تبقى ضئيلة على الرغم من كل الجهود المبذولة في هذا الاطار».
وتابع: «غياب المرأة في دولنا عن سوق العمل هو غياب لنصف المجتمع، وهذه خسارة أكيدة في الناتج المحلي وفي النمو وفي تجدد الموارد البشرية وتعددها، كما انه خسارة في الإنتاجية والتنافسية انطلاقا من هذه القناعة، تركزت جهودنا في لبنان في السنوات الماضية على تمكين المرأة وتفعيل دورها في مختلف المجالات السياسية والاقتصادية والاجتماعية، تماشيا مع أهداف الامم المتحدة للتنمية المستدامة. وقمنا بالعديد من الخطوات في هذا الاطار. بعدما ضمنت حكومتنا بيانها الوزاري التزاما لتعزيز دور المرأة في الحياة العامة، ولا سيما المواقع القيادية، وتعهدا بتنزيه القوانين من التمييز ضد المرأة، كلف وزير الدولة لشؤون المرأة والهيئة الوطنية لشؤون المرأة، العمل على تعديل نصوص القوانين وبناء ثقافة المساواة عبر الإعلام والتعليم، وتمكين النساء وبناء قدراتهن الذاتية، وهنا اوجه التحية الى الوزير جان اوغاسابيان والى السيدة كلودين عون. وجهدنا لتعيين عدد من النساء في وظائف الفئة الأولى في الإدارات العامة، كما في رئاسة او عضوية مجالس إدارات المؤسسات العامة، والسلك الديبلوماسي والقوى الأمنية. وأعدت الحكومة عددا من مشاريع القوانين أهمها، ما يرمي إلى معاقبة التحرش الجنسي ومنح الأب إجازة أبوة، وتعديل قانون الضمان الاجتماعي لتأمين المساواة في التقديمات وإجازة الأمومة، واعتماد مبدأ كوتا الثلث في المجالس البلدية».
أضاف: «هذا على الصعيد الوطني، أما على الصعيد الشخصي، فالمعادلة واضحة، وأكثر من نصف فريق العمل في مكتبي من السيدات. وثقتي كاملة بإمكاناتهن وأتكل عليهن يوميا في مختلف المجالات. وانا اتطلع الى اليوم الذي تتولى فيه سيدة سدة رئاسة مجلس الوزراء في لبنان، لما تملكه المرأة اللبنانية من حكمة وإبداع وفعالية وطاقة وقدرة على المبادرة والتنفيذ».
وتابع: «إطلاق مجموعة البنك الدولي لآلية تمويل تنفيذ السياسات التي تهدف الى تحقيق المساواة بين الجنسين في منطقة المشرق هي مبادرة مهمة جدا تساعدنا جميعا للانتقال من مرحلة رسم السياسات الى مرحلة التنفيذ. ونحن في لبنان نرحب بهذه الآلية ونثمنها عاليا، واود التقدم بالشكر من الحكومة الكندية على مساهمتها القيمة لدعم وتمويل هذه الآلية، وآمل ان تحذو حذوها دول أخرى. كما يسعدني أن أعلن التزام لبنان لبرنامج عمل وطني يهدف الى تمكين المرأة اللبنانية اقتصاديا، والذي نطمح عبر تنفيذه الى زيادة مشاركة المرأة في سوق العمل بنسبة لا تقل عن خمسة في المئة في السنوات الخمس المقبلة».
وقال: «تمكين المرأة اقتصاديا في دولنا وتفعيل دورها في كل المجالات، عملية مستدامة تتطلب تعاونا وثيقا بين الحكومات والقطاع الخاص والمجتمع المدني. ولا أولوية اليوم تعلو على هذه الاولوية، فهذا الموضوع مرتبط مباشرة بمستقبل أولادنا ومستقبل دولنا وبالنهضة التي سنشهدها في السنوات المقبلة باذن الله. وأنا على ثقة أن مستقبل منطقتنا واعد، كما انني على ثقة أن المرأة في دولنا ستكون هي أساس النهضة المقبلة».
وشدد وزير الدولة لشوون المرأة في حكومة تصريف الأعمال جان اوغاسابيان خلال مشاركته في الجلسة الختامية على «ضرورة إرساء آليات، تضمن تفعيل الاستفادة من طاقات المرأة في العالم العربي»، داعيا الى «تنظيم ورشات عمل متخصصة ومشتركة، للاستفادة من التجارب والخبرات والنجاحات».
وأكد أن «العالم بات يعتبر أن الاستثمار بالانسان، هو الاستثمار الناجح والأكثر ربحا. وانطلاقا من هذا المبدأ، اعتبر لبنان في قرار استراتيجي أن هناك ضرورة ملحة، لتأسيس وزارة لشؤون المرأة، بهدف الاستثمار في الثروة والطاقات الموجودة لدى المرأة»، معتبرا أن «الهدف الأساسي للوزارة، هو تحقيق مساواة كاملة، من دون استثناء، بين الرجل والمرأة، خصوصاً أنه ليس من شيء يميز أحدهما عن الآخر، باستثناء قدرة المرأة على الانجاب».