بقلم الدكتور نبال موسى
في أحد أيام العام 1984 أو 85، جاءني الصديق الشاعر والكاتب المرحوم جورج رجّي إبن بلدة وادي شحرور اللبنانية قائلا إن “الصبّوحة” الفنانة الكبيرة صباح ابنة البلدة نفسها موجودة في باريس لتقيم بعض الحفلات. وسألني إن كنت أود إجراء مقابلة إذاعية معها في إذاعة الشرق التي كنت أحد مؤسسيها وأقدم فيها بعض البرامج، فوافقت فورا، لا بل هلّلت لهذا الخبر المفرح لأنني معجب جدا بهذه الفنانة الكبيرة ذات الصوت الفريد النادر الذي لم أسمع أكثر منه صفاء وجمالاً. أليست هي الملقّبة ب ” شحرورة الوادي” ؟
اتفقنا على الموعد على أن تبث المقابلة على الهواء كما جرت العادة في برنامجي، لا بل وافقت هذه الفنانة الكبيرة ومن دون تردّد على اقتراحي بأن تأتي الى الاذاعة لتسجّل إعلاناً ترويجياً لمقابلتي معها، وهو أمر نادر لا يفعله الفنانون، ولا يقدّر بثمن.
جاءت صباح رحمها الله الى الإذاعة مع الصديق جورج رجي ولم أكن قد التقيت بها من قبل. وسرعان ما اكتشفت فيها انسانة بشوشة طيبة متواضعة رقيقة، وأخذت تعاملني وتتحدث اليّ وكأنها تعرفني منذ سنوات طويلة، من دون كلفة أو رسميات. أدهشتني بالفعل. لم تفارق الضحكة وجهها الجميل الذي كان ينضح صدقاً وبساطة.
قلت للصبوحة: اترك لك الخيار، سجّلي ما تريدين بشكل طبيعي بسيط. فسجّلت بعفوية وشيء من الدلع، وما زلت أحتفظ بالشريط: ” أعزائي المستمعين، انتظروني يوم الأحد المقبل في برنامج نجم على الهواء، مع نبال. الصبوحة”. وجرت المقابلة وكانت من أجمل المقابلات التي قمت بها. وطيلة الساعتين، وهو وقت اللقاء، لم تتوقف الهواتف في الاستوديو عن الاتصال للتكلم مع صباح وطرح الاسئلة عليها، وكانت تجيب بكل صدق ومحبة، ودائما بابتسامة ومرح.
رحمها الله رحمة واسعة.
ترقبوا مقالا للإعلامي الدكتور نبال موسى كل يوم اثنين