يواصل المهرجان اللبناني للكتاب الذي تنظمه الحركة الثقافية – انطلياس للسنة الاربعين بعنوان “ثقافة الحرية والمئوية الثالثة للحضور الانطوني في انطلياس”نشاطاته ، وتضمن برنامج يومه الرابع ندوتين الاولى عن كتاب “المقدمة في فلسفة الدين” للدكتور اديب صعب والثانية عن حول كتاب “Les moines et l’histoire rurale du Liban 1710-1960” للدكتور جوزف ابو نهرا بالاضافة الى تواقيع كتب عديدة.
الندوة الاولى
وشارك في الندوة عن كتاب “المقدمة في فلسفة الدين” للدكتور اديب صعب الدكتوران نقولا ابو مراد واحمد الزعبي وادارها نعوم خليفة الذي اعتبر ان كتاب “المقدمة في فلسفة الدين هو تأسيس لفكر منهجي موضوعه الدين ويرمي الى وضع الأسس التي يجب ان ينطلق منها، والمنهجية الواجب اتباعها من قبل كل باحث في الدين”.
وعرض خليفة لمضمون الكتاب فأشار الى انه” يحدد الموضوع اولا لينطلق الى وضع منهجية البحث، معرّفاً بمنطلقاته، من تحديد العلاقة بين الدين والفلسفة في الفصل الثاني، لينتقل في الفصل الثالث الى الكلام على وجود الله محدِداً الأسس النظرية للبحث، ينتقل بعدها الى الكلام على الخبرة الدينية أي الممارسات والطقوس والشعائر، ليعرض من ثمً الى مسألة العجيبة او المعجزة، او كما يسميها البعض خرق العادات، في الأديان المختلفة، ليتوقف في الفصل السادس عند مسألة الشر وأسبابه مستعرضاً آراء الفلاسفة في هذه المسألة، ليصل الى مسألة الاخلاق المرتبطة ارتباطاً وثيقاً بالدين”.
ورأى انه” لا يكفي ان نؤمن بالحقائق الدينية بل ينبغي تطبيقها في المجال العملي، أي في الحياة، فلا قيمة للإيمان بدون عمل، لأنه يبقى فارغاً من أي مضمون وقاصراً عن تحقيق أهدافه”.
أبو مراد
من جهته اعتبر أبو مراد ان كتاب “المقدمة في فلسفة الدين” هو الكتاب الوحيد، حتى اليوم، الذي يَطرَح فلسفة دين عربية أصيلة”.
وأشار الى ان “النقطة المحورية في “المقدمة” هي نظريّة المعرفة الخاصّة بالمؤلف والتي تقوم عنده على توسيع معنى العقل في ضوء المعقول. فالمعقول الديني غير المعقول العلمي وغير المعقول في أي نطاق آخر. وهذا يستتبع أن يكون العقل مفهوماً نسبياً تابعاً للمعقول. ومع هذا المفهوم المتحرك للعقل يَبطل تصنيف الحقائق غير العلمية وغير الخاضعة للقياس، ومنها الحقائق الدينية، تحت الحقائق “الذاتية” المفتقرة إلى الموضوعية”.
ولفت الى ان” نظرية المعرفة الجديدة التي يطرحها المؤلف، تحلّ إشكالاتٍ جوهريةً بين العقل والايمان، وترسم علاقة واضحة للدين مع الأنظمة المختلفة من علم وأخلاق وسياسة وسواها”.
واعتبر ابو مراد ان” هذا الكتاب، بالتأكيد، فلسفة عربيّة، ومؤلّفه ليس فيلسوف دين فحسب، بل فيلسوف بكلّ معنى الكلمة. فالدين موضوع يشمل: الميتافيزيق، نظرية المعرفة، المنطق والمنهج، الأخلاق، الفنّ، السياسة. وهذه هي مواضيع الفلسفة الرئيسية”.
الزعبي
من جهته رأى الزعبي ان” هذا العمل التأسيسيّ، الوصفيّ والعياري في آن، هدفَ إلى غرضين، وقد حققهما بتميز : عرض نظريات الفلاسفة حول الدين ومسائله بتحرّي مصادرها الأوليّة، ومناقشة هذه النظريات والآراء للخروج بنظرية بفلسفة دين خاصة. وهو فعل فعلاً بطرح نظرية معرفيّة جديدة بديلاً من نظرية ديفيد هيوم التجريبية لتلائم الدين والتجربة الدينية”.
واشار الى ان” في نظريته، التي صاغها بكثير من المعرفة والتعمّق والاطلاع الاستثنائي على المصادر الأوليّة، ينتفي وضع الدين خارج “الموضوعية” و”العقل”، وتبطل إحالته على مرتبة “ذاتية” تفتقر إلى اليقين”.
وشدد على” اننا نحتاج لهذه الأعمال من اجل جسر الهوة بين علوم الشريعة والعلوم النظرية والإنسانية”، ودعا الى” تحويلها لمادة منهجية في كليات اللاهوت والدراسات الإسلامية والمقارنة والفلسفة والحضارة”.
صعب
واختتمت الندوة بكلمة شكر لصاحب الكتاب الذي شدد على ان” فلسفة الدين تعتمد على تاريخ الاديان من حيث العناصر المشتركة بينها”، واعتبر ان” الفلسفة هي مبرر لكل الامور الروحية “، واشار الى ان” مقاربته لفلسفة الدين هي علمية اكثر منها لاهوتية دفاعا عن الدين والإيمان”.
الندوة الثانية
اما الندوة الثانية حول كتاب “Les moines et l’histoire rurale du Liban 1710-1960” للدكتور جوزف ابو نهرا فشارك فيها الدكاترة بطرس لبكي، سعاد سليم وسيمون عبد المسيح وادارتها الدكتورة جوليات الراسي التي رأت ان “الاديار كانت وما زالت مركز اشعاع ديني وفكري وثقافي واجتماعي وحفظت تاريخ الاجداد واحتوت على كنوز من ارشيفات ومخطوطات تنعكس فيها الاوضاع الدينية والاجتماعية والاقتصادية وحتى السياسية”.
وأشارت الى ان” الكتاب يتناول دراسة تطور الحياة الرهبانية في السياق الاقتصادي المحلي والمناطقي والظروف السياسية والاقتصادية وتأثيرها على نشاطات الرهبان وعلاقاتهم مع المجتمع الريفي”.
واعتبرت ان”هذا العمل هو انجاز علمي تاريخي بكل ما للكلمة من معنى، تميزه المنهجية العلمية الصارمة والرصينة والوضوح في الرؤية والنتائج، ويمكن وراء هذا العمل عالم متبحر اعتمد كافة الاختصاصات لمقاربة مصادره المخطوطة واستقراء نتائج مهمة وجديدة “.
لبكي
واشار لبكي الى ان “جوزف أبو نهرا في كتابه الموسوعي يعرض العلاقات المتشعّبة والوثيقة بين الرهبان والتاريخ الريفي في لبنان انطلاقاً من أرشيف دير مار يوحنا الخنشارة واديرة أخرى في المتن وكسروان والشمال والشوف. وكذلك استعمل الارشيفات الحكومية بتنوعها والارشيفات الخاصة. وقد حلل الوقوعات العقارية التي ساهمت في تملّك الرهبان. كما وصف استراتيجية الرهبان العقارية التوسعية الهادفة الى تشكيل حيازات كبيرة. وحللّ بعد ذلك علاقة نشاط الرهبان بطبيعة الأرض وحاجات الأسواق، ووصف كيف ساعد الاستقلال المحلي النسبي لجبل لبنان في تمتين وتطوير الملكية الخاصة للأرض”.
ولفت الى ان” هذا الكتاب يكتنز سرداً بالأرشيف والكتب والمقالات المستعملة يغطي التاريخ الاقتصادي والاجتماعي والسياسي للبنان في المنطقة المحيطة به، كما مصادر التاريخ الاقتصادي والاجتماعي فيه وهو عملٌ موسوعي يستحق التعريف به واستعماله على أوسع نطاق وهو عمل عالم لبناني متنوّر ومتواضع”.
سليم
اما الدكتورة سليم فاعتبرت ان “كتاب الدكتور جوزيف ابو نهرا عن دور الاديار في الحياة الريفية في لبنان من القرن الثامن عشر حتى القرن العشرين يشكل موسوعة لتاريخ لبنان الزراعي والريفي. فالارض كانت مصدر الانتاج الأساسي. وهو يظهر كيف تطوّرت الأوقاف في نموّها تماشيًا مع أوضاع كل عصر وحاجات السكان”.
ولفتت الى انه” يصنف أنواع الانتاج المختلفة وأنظمة الري وعقود الشراكة وأنواع الضرائب. ويستعرض مختلف الرزنامات وطرق التأريخ المعتمدة. الى جانب العملات والأوزان المعتمدة في المنطقة في ذلك الوقت”.
واضافت:” يتوسع الأستاذ أبو نهرا بالحديث عن دور الدير الثقافي في تأسيس أول مطبعة عربية في لبنان وتأسيس مدرسة ثانوية في رحاب الدير.ويعتبر هذا الكتاب مرجعا للطلاب والباحثين في مجال تاريخ لبنان والمنطقة”.
عبد المسيح
ورأى عبد المسيح ان “أبو نهرا يستمر في خط مدرسة الخصوصية اللبنانية بتمايز استقلاليته الذاتية، وسيادة الملكية العقارية الخاصة، والوطن الملجأ لممارسة حريات الفكر والمعتقد، حيث تم التخلي عن سهول سوريا الى معاندة تحويل الصخور في جبل لبنان الى جنات زراعية”.
واكد أن “مساهمة أبو نهرا تشكل ثورة داخل “الباراديغم”، في تجاوز التاريخ السياسي، وفي التخلي عن النظريات الإيديولوجية في مقاربة أرشيف الأديار، فلا أساطير حول كيفية التوسع العقاري أو محاولة للتستر باعطاء أهمية للبعد الروحاني من جهة، ولا خطابات عن الصراع الطبقي أو التهديد بالإصلاح العقاري والتشكيك بقرون من عمل الرهبان وتعبهم وعقلنتهم من جهة ثانية”.
واشار الى ان” الكتاب يتضمن أمثلة عدة عن تطبيقات أنماط التفكير التاريخي المتنوعة : الطريقة النقدية، الطريقة الاستنتاجية والطريقة الاستقرائية، بما يساعد على تحويل تدريس التاريخ من حالته الكمية التي تنقل المعرفة مقطوعة عن مسار إنتاجها، الى مسار نوعي في إطار التدريب على كيفية بناء الحقيقة كما يمارسها المؤرخون”.
أبو نهرا
وفي الختام تحدث أبو نهرا فرأى ان “تاريخنا غني بالعبر، التي لو عدنا اليها، لجنبتنا مسالك المهالك واخطار الانهيار، وساعدتنا على تخطي العثرات والويلات”.
واشار الى انه “من الصعب الإحاطة بكل مفاصل تاريخ لبنان الريفي من دون الاخذ بعين الاعتبار دور الرهبان الرائد في استصلاح الاراضي البور وزراعتها وتحويل المنحدرات الوعرة الى جلول خصبة، فالعمل الزراعي كان الى جانب الصلاة من صلب النشاط الرهباني”.
وشدد ابو نهرا على “ضرورة الاهتمام بالتاريخ الاقتصادي والاجتماعي لانه اقرب الى التكامل والتعامل والتبادل بينما التاريخ السياسي هو اقرب الى التناحر على السلطة واكتساب المغانم”.
تواقيع كتب
وشهدت أجنحة المعرض تواقيع كتب عديدة حيث وقع روكز عيد كتابه بعنوان “Viva Dalia” في جناح “دار سائر المشرق”.
ووقع الدكتور اديب صعب كتابه بعنوان “المقدمة في فلسفة الدين” في جناح “دار النهار”.
كما وقع الدكتور نزار يونس كتبه بعناوين “الطريق الى الدولة”، رسالة الى ألما لتجدي وطنا عندما تكبرين”،” جمهوريتي”و” الميثاق او الانفكاك” في جناح” دار سائر المشرق”.
كذلك وقع الدكتور جوزف ابو نهرا كتابه بعنوان Les moines et l’histoire rurale du Liban 1710-1960″ ، نشر USJ CERPOC في جناح منصة الحركة.
كما يستمر الاب مخايل روحانا في توقيع كتابه بعنوان “الجمهورية الخامسة” طيلة ايام المعرض في جناح “منشورات الاب روحانا”.