أعلن الرئيس فؤاد السنيورة أن «مواجهة التحديات يقضي بالإسراع في تنفيذ الاصلاحات في الماليات العامة، وفي إجراء الاصلاحات الهيكلية اللازمة. وهي الإصلاحات التي طال انتظارها، بما في ذلك ضرورة العمل على ترشيق حجم الدولة، والتأكيد على أهمية تعزيز الإنتاجية، وأيضا على أهمية تفعيل دور القطاع الخاص في تأمين جزء من التمويل المستدام الذي تحتاجه دول المنطقة العربية لتحقيق النهوض».
افتتح اتحاد المصارف العربية ومصرف لبنان في فندق «فينيسيا»، المؤتمر المصرفي العربي السنوي لعام 2018 بالتزامن مع مرور 45 عاما على تأسيس اتحاد المصارف، تحت عنوان «الشراكة ما بين القطاعين العام والخاص لتحقيق اهداف التنمية المستدامة»، برعاية الرئيس المكلف سعد الحريري ممثلاً بالرئيس السنيورة وفي حضور الرئيس تمام سلام، وزيرة التخطيط والمتابعة والإصلاح الإداري في مصر الدكتورة هالة السعيد، حاكم مصرف لبنان رياض سلامة، رئيس جمعية المصارف رئيس مجلس ادارة الاتحاد الدولي للمصرفيين العرب جوزف طربيه، رئيس مجلس ادارة اتحاد المصارف العربية محمد الجراح الصباح، امين عام اتحاد المصارف العربية وسام فتوح، رئيس الهيئات الاقتصادية محمد شقير، المدير العام رئيس مجلس ادارة صندوق النقد العربي عبد الرحمن بن عبد الله الحميدي، وعدد من الشخصيات السياسية والديبلوماسية والعسكرية والمصرفية العربية والاجنبية وقيادات اقتصادية ومالية ومصرفية وحشد من المهتمين.
طربيه
بداية، ألقى طربيه كلمة قال فيها أن «لا نجاح في تحقيق التنمية المستدامة في عالمنا العربي إلا بالشراكة بين القطاعين العام والخاص». وقال: إن موضوع هذه الشراكة هو موضوع بالغ الاهمية، يقوم على حشد الطاقات والموارد والخبرات لدى كل من القطاعين في إنشاء وتشغيل المشاريع بمختلف أنواعها. ويبدو مقبولا مفهوم «الشراكة بين القطاعين العام والخاص» كحل لإعادة هيكلة وتفعيل القطاع العام لزيادة إنتاجيته وتحديث القطاعات وتطويرها عن طريق الإستفادة من الخبرة الفنية والإدارية والتكنولوجية للقطاع الخاص، التي من شأنها أن تؤدي الى تحسين نوعية الخدمات المسداة للمواطن وإمكانية خلق فرص عمل جديدة من جهة، مع الإحتفاظ في الوقت نفسه بملكية القطاع العام لمؤسساته. وقد أثبتت تجارب بعض الدول بأن الشراكة أصبحت من أهم المساهمين في تطوير الإقتصاد، وخصوصا في ما يتعلق بالبنى التحتية ومشاريع التكنولوجيا والطاقة والمياه التي يعتبر تطويرها أكثر من ضرورة لأي إقتصاد حديث، لما يؤديه من دور في تحفيز الناتج المحلي وتطوير الإقتصاد وتأمين نموه المستدام وإيجاد الأرضية المناسبة لإستقطاب الإستثمارات وخلق فرص عمل عديدة في القطاعات المختلفة. وقد لحظ دور كبير للشراكة مثلا في خطط التحول الإقتصادي الإستراتيجي للدول العربية برؤية 2030 لكل من المملكة العربية السعودية، وجمهورية مصر العربية، وعدد من الدول العربية الاخرى».
شقير
ثم ألقى رئيس الهيئات الاقتصادية اللبنانية كلمة، استهلها بتهنئة رئيس وأعضاء اتحاد المصارف العربية في الذكرى الـ45 على تأسيس الاتحاد.
وقال: «من خلال تجربتنا، نستطيع ان نؤكد ان الشراكة بين القطاعين العام والخاص بدأت تشق طريقها، خصوصا مع الحكومة الحالية برئاسة الرئيس سعد الحريري، وقد تجسد ذلك عبر التعاون في أكثر من ملف وكذلك بإقرار قانون الشراكة بين القطاعين. لكن لمواجهة التحديات ولتحقيق تقدم أسرع على مسار التنمية، المطلوب تغيير العقلية المحافظة السائدة التي تعمل على قاعدة ما لله لله وما لقيصر لقيصر، الى عقلية تؤمن بعمق بأن مصلحة القطاع العام والقطاع الخاص هي مصلحة واحدة، هي مصلحة البلد. في كل الاحوال ننتظر بفارغ الصبر تشكيل الحكومة، للسير بكل المشاريع التي ترضي طموح اللبنانيين، ومنها التنمية المستدامة. لكن بكل صراحة وضع البلد يتطلب بإلحاح تشكيل الحكومة، حكومة توحي بالثقة، حكومة انقاذ اقتصادي متجانسة ومنتجة، بإمكانها اتخاذ قرارات سريعة وملائمة».
ثابت
ثم ألقى الامين التنفيذي للجنة الاقتصادية الاجتماعية لغربي آسيا «الاسكوا» بالانابة منير ثابت كلمة لفت فيها الى «ان خطة عمل اجندة 2030 تؤكد اهمية تضافر الجهود من قطاع عام وخاص ومجتمع مدني واكاديمي وسائر الشركاء من اجل انجاح العملية التنموية المنشودة وجعلها مستدامة».
الصباح
ولفت رئيس مجلس ادارة اتحاد المصارف العربية الى «ان الاهتمام زاد بتحقيق الشراكة بين القطاعين العام والخاص منذ مطلع التسعينات بعدما اتضح أن عملية التنمية الاقتصادية والاجتماعية تعتمد على حشد جميع امكانات المجتمع، بما فيها طاقات وموارد وخبرات لدى القطاعين. لذلك لا تزال الدول المتقدمة والنامية على حد سواء تسعى الى بناء علاقات تشاركية تسهم فيها قطاعات المجتمع في توحيد المشاريع والاعمال وادارتها وتشغيلها وتطويرها وتنميتها من اجل خدمة أهدافها على اساس مشاركة فعلية وحوكمة جيدة ومساءلة شفافة ومنفعة متبادلة».
الحميدي
بدوره، اكد الحميدي «ان صندوق النقد العربي يلعب دورا هاما كمركز للتلاقي والتشاور لصانعي السياسات الاقتصادية والمالية والنقدية الى جانب دوره في بناء القدرات، من خلال برامج التدريب المتخصص التي يقدمها معهد السياسات الاقتصادية في الصندوق لكوادر الدول الاعضاء، كذلك تشمل هذه المزايا متانة المركز المالي للصندوق بما يعزز ثقة الدول الاعضاء فيه، اضافة الى دوره في تقديم خدمات قبول الودائع وادارة الاستثمارات للدول الاعضاء».
السعيد
وأعلنت السعيد أن «الحكومة المصرية تحرص على النهج التشاركي سواء في تنفيذ اهداف رؤية مصر 2030، او في تنفيذ برامج العمل وخطط التنمية المرحلة».
سلامة
وأوضح حاكم مصرف لبنان ان «لبنان يستفيد من الشراكة بين القطاع الخاص والقطاع العام، وان نجاح هذه الشراكة يفيد الاقتصاد اللبناني ويحفز النمو ويوفر فرص عمل».
وقال: «إننا نقدر أن كل مليار دولار أميركي مستثمر يولد نموا بنسبة 2%. ونحن نأمل أن تكون مشاركة القطاع الخاص عن طريق الرسملة أساسا، وأن يبقى التمويل من خلال الدين محدودا، بعدما بلغت مديونية القطاع الخاص تجاه القطاع المصرفي ما يمثل 110% من الناتج المحلي. كما نأمل أن يكون مصدر التمويل خارجيا، وذلك حفاظا على ميزان المدفوعات»، مشددا على «ان الشراكة حاجة للقطاع العام لكي يستمر بلعب دوره الريادي في التنمية من دون زيادة الدين العام».
وتابع: «يشكل مؤتمر سيدر ومقاربة التمويل التي أقرت خلال هذا المؤتمر مدخلا وإطارا صالحين لتفعيل الشراكة مع المحافظة على الاستقرار. ونحن نعتبر ان لهيئة الاسواق المالية دورا لدعم نجاح هذه المقاربة. فالاستثمار من قبل القطاع الخاص يمكن أن يكون استثمارا مباشرا من ذوي الاهتمام، بل يمكن أن يكون أيضا من خلال طرح أسهم وسندات في الأسواق. وللتمكن من ذلك، يقتضي ان يكون في لبنان أسواق منظمة ومراقبة تبعا للمعايير الدولية، تتمتع بالسيولة ليكون التداول في الأوراق المالية سهلا وشفافا».
وقال: «سعى مصرف لبنان من خلال عملياته المالية الى المحافظة على الاستقرار النقدي. وطور ونوع هذه العمليات بما يخدم هذا الهدف»، مؤكدا ان مصرف لبنان سيستمر متبعا هذا الأسلوب الذي أمن ويؤمن أهدافه النقدية».
واوضح مجدداً ان «الاقتصاد اللبناني مدولر وقد بلغت دولرة الودائع 70% . وبلغ التبادل الاقتصادي المدولر في لبنان نسبة تفوق الـ 75% «. وقال: نجحت المصارف بالإبقاء على التدفقات بالعملات الأجنبية نحو قطاعها مدعومة من مصرف لبنان، ما ساهم في المحافظة على حركة اقتصادية مقبولة لمدى ارتباط النشاط الاقتصادي بتوفر العملات الأجنبية نظراً لدولرة اقتصادنا. ارتفعت الودائع بنسبة 4% كمعدل سنوي، منها ارتفاع بنسبة 4,3% بالدولار. ونتوقع أن ينمو الاقتصاد بنسبة 2% في العام 2018، وهي نسبة قريبة من معدل النمو في منطقة الشرق الاوسط وافريقيا».
السنيورة
واختتمت كلمات الافتتاح بكلمة للرئيس السنيورة قال فيها: «إن تأمين التمويل المستدام لتنفيذ المشاريع الاساسية لتحقيق التنمية المستدامة يبقى التحدي الأبرز التي تواجهه منطقتنا العربية. ذلك ما يضع مسؤولية أساسية على الحكومات العربية لإيجاد وتطوير الأساليب الجديدة والملائمة لتمويل تلك الحاجات الأساسية، وعدم الاكتفاء والركون إلى الأساليب القديمة التي تعتمد على الموازنات العامة المرهقة أساسا. وبالتالي فإن الحاجة وكذلك طبيعة الأوضاع العامة التي نمر بها في هذه المرحلة توجب الاستعانة بالقطاع الخاص، بما يستطيع أن يؤمنه من موارد مالية ملائمة بأحجامها وطبيعتها وكفاءة إدارتها للاستثمار في المشاريع التي تسهم في تحقيق أهداف التنمية المستدامة. وهذا الأمر يقتضي بدولنا العربية تأمين الحوافز والجواذب الفعالة، وإيجاد الأطر الاقتصادية والمالية الصحيحة، وإقرار القوانين الملائمة، وتحديث الأطر المؤسساتية التي ترعى وتنظم عمل القطاع الخاص في دولنا».
واضاف: «نحن في لبنان، أيها الاشقاء والأصدقاء، قد حددت الحكومة اللبنانية أولوياتها في هذا المجال، وقدمت رؤية متكاملة لتعزيز الاستقرار وإطلاق النمو والتنمية المناطقية، ومجالات إيجاد فرص العمل الجديدة. وفي هذا النطاق تكمن أهمية انعقاد مؤتمر سيدر في مطلع هذا العام، ورؤيته بشأن تطبيق أهداف ومتطلبات التنمية المستدامة في لبنان. وهذه الرؤية ترتكز وبشكل أساسي على تعزيز الشراكة بين القطاعين العام والخاص. وهذه الشراكة هي موضع ثقة عالية لما توفره من قدرات وإمكانات وخبرات وفرص واعدة. وهذا ما مهدت اليه الحكومة عمليا عبر اقرار قانون تنظيم الشراكة بين القطاعين العام والخاص في العام الماضي».
ونوه «بما قامت به الحكومة مؤخرا لجهة إطلاق ثلاثة مشروعات رئيسية في البنى التحتية سوف تشكل مع كثير غيرها قاطرة لدفع عجلة النمو والتنمية في لبنان وهي: توسيع مطار رفيق الحريري الدولي، والطريق الدولي لقاء رسم مرور من خلدة جنوبي بيروت إلى العقيبة في شمال لبنان، ومشروع مركز لبنان الوطني للبيانات. علما أن هناك العديد من المشروعات الأخرى التي سيتم اطلاقها تباعا في المراحل القادمة والتي ستشكل فرصا استثمارية جديدة ومهمة للقطاع الخاص وواعدة للاقتصاد الوطني. وهي التي يمكن أن يقوم القطاع المصرفي اللبناني والعربي بدور كبير في إطلاقها. وأنا على ثقة بأن دولة الرئيس سعد الحريري، الذي يدعوكم للاطلاع عن كثب على تلك المشاريع وعلى الفرص الاستثمارية الأخرى المدرجة في برنامج الانفاق الاستثماري في البنى التحتية الذي قدمه لبنان للمشاركين في مؤتمر سيدر، على استعداد شخصي لمتابعة اهتماماتكم بشأن الاستثمار في لبنان، والعمل على معالجة وازالة أي عراقيل قد تطرأ في هذا الإطار».
وتابع: «لبنان سيكون بعد شهرين وفي كانون الثاني 2019 القادم على موعد مع أشقائه العرب ومع أصدقائه في العالم، لاستضافة القمة العربية الاقتصادية والاجتماعية. ولقد تم توجيه معظم الدعوات الرسمية لحضور هذه القمة، التي يريدها لبنان أن تكون قمة ناجحة ومثمرة اقتصاديا واجتماعيا وعلى الصعيدين العربي واللبناني، وأن تحاكي آمال اللبنانيين وطموح شاباتنا وشبابنا. لذلك، فإن لبنان يتطلع لمشاركة واسعة في هذا المؤتمر من جانب القطاع الخاص العربي، وذلك لدوره الاساسي في تحقيق أهداف التنمية المستدامة في دولنا العربية، ولأهمية الدور الكبير الذي يمكن أن يقوم به في مواجهة التحديات الجمة التي تواجه منطقتنا ودولنا العربية في المرحلة المقبلة».
بعد الافتتاح، جرى حفل تكريم للشخصيات والقيادات العربية، أعلن خلاله الامين العام لاتحاد المصارف العربية وسام فتوح عن جائزة الرؤية القيادية للدكتور الحميدي. كما اعلن عن الشخصية المصرفية العربية لهذا العام وهو الرئيس التنفيذي للاستشاريين في مجال المال والاستثمار البحري، عبدالله السعودي.