بعد غد تحل الذكرى الـ ٤٩ لنصر ٦ اكتوبر/ تشرين الأول الدفاعية – والتي أعطى فيها “الإنسان المصري” الذي كان البطل الحقيقي لهذه الأسطورة العسكرية المصرية، دروسًا نموذجية في فنون الحرب، وإدارة المعارك من خلال التخطيط الإستراتيجي، والتكتيك القتالي، والقيادة العسكرية الحكيمة.
التي بدأت مع “الفريق محمد فوزي”و الجنرال الذهبي”عبد المنعم رياض” في حرب الاستنزاف ١٩٦٧، الذي عينهما الرئيس “ناصر” في ١١-٦-١٩٦٧ ، الأول قائدًا عامًا للقوات المسلحة المصرية ،[ واصيف إليه منصب وزير الحربية في ٢٤-٢-١٩٦٨ ، حتى قدم استقالت في ١٤-٥-١٩٧١ ] ، والثاني رئيسًا لأركان حرب القوات المسلحة المصرية ، وبقي فيه إلى يوم استشهاده في ٩-٣-١٩٦٩، بين جنوده على خط الجبهة الأمامية، – وهو اول رئيس أركان على مستوى “العالم الثالث”، يستشهد على الجبهة – والذي كرّمه “الرئيس ناصر” بتسمية يوم استشهاده ب “يوم الشهيد” في مصر تكريمًا له، ولجميع شهداء “مصر التاريخ”.
لقد أعادا بناء القوات المسلحة المصرية في سنة واحدة ، وأعادا تسليحها وتنظيمها، كما نجحا في إعادة الثقة إلى أفراد القوات المسلحة بعد الحرب النفسية العالمية التي تعرضت لها القوات المسلحة المصرية عقب حرب ١٩٦٧ المُعوّلمة، وأشرف ” الجنرال الذهبي” على الخطة المصرية لتدمير “خط بارليف: على الضفة الشرقية لقناة السويس،[خلال حرب إستنزاف قدرات العدو من ١٩٦٧ إلى ١٩٦٩] ، التي تسمى الخطة ٢٠٠ الحربية والتي كانت نواة الخطة “غرانيت”. التي طوّرت لتصبح خطة العمليات في حرب ٦-١٠-١٩٧٣ تحت مسمى “بدر”.
و الذي تابعها وطوّرها هو “ثعلب” حرب أكتوبر “الفريق سعدالدين الشاذلي” الذي عينه الرئيس المصري “السادات” رئيسًا لأركان حرب القوات المسلحة في ١٦-٥-١٩٧١ حتى ١٣-١٢-١٩٧٣، وكانت الخطة التي طوّرها وأسماها “المآذن العالية” – أو “عملية بدر” – والتي “حقّقت كل ما أراده الجيش المصري”، وكل ما يكرهه “العدو الإسرائيلي”.
لقد حرمت هذه الخطة العدو الإسرائيلي من أهم ميزتين قتاليتين وهما:
▪︎الأولى: حرمانه من الهجوم من الأجناب: لأن أجناب الجيش المصري كانت مرتكزة على البحر المتوسط في الشمال، وعلى خليج السويس في الجنوب، ولن يستطيع الهجوم من المؤخرة التي ستكون قناة السويس، فسيضطر إلى الهجوم بالمواجهة وعندها سيدفع الثمن فادحًا.
▪︎الثانية: حرمانه من ميزة المعارك التصادمية، وهي الدعم الجوي السريع للعناصر المدرعة التابعة له، حيث تتيح العقيدة القتالية الغربية التي يعمل العدو الاسرائيلي بمقتضاها للمستويات الصغرى من القادة بالاستعانة بالدعم الجوي، وهو ما سيفقده لأن القوات المصرية ستكون في حماية الدفاع الجوي المصري، ومن هنا تتم عملية تحييد طيران العدو الاسرائيلي خلال المعركة.
هذا وكان أيصًا من.الأبطال الذين صنعوا نصر ٦ أكتوبر : “المشير أحمد اسماعيل” ؛ وزير الحربية قائد القوات المسلحة ؛ و”المشير محمد عبدالغني الجمسي” ؛ رئيس هيئة القوات المسلحة ؛ الذي أرعب العدو، و”المشير محمد علي فهمي” ؛ قائد قوات الدفاع الجوي السلاح الذي أرعب “العدو الإسرائيلي” [وكان صاحب فكرة تأسيس قوات الدفاع الجوي “الجنرال الذهبي عبد المنعم رياض” ١٩٦٧؛ “] ؛ و”المشير فؤاد ذكرى”؛ قائد القوات البحرية.
وكذلك المشير ” محمد حسين طنطاوي” ؛ الذي كان قائد الكتيبة ١٦ التي كانت أول من عبرً قناة السويس؛ و”الفريق محمد سعيد الماحي”؛ قائد سلاح المدفعية؛ و”الفريق محمد حسني مبارك”؛ قائد القوات الجوية؛ و”الفريق حلمي عفيفي عبدالبر”؛ قائد أحد فرق الدفاع الجوي؛ و”اللواء أحمد تحسين شنن”؛ رئيس أركان الفرقة المدرعة على الجبهة الشرقية”، واللواء السيّد محمد عبدالرحيم”، و”المشير أحمد بدوي سيّد أحمد”.
ومن هؤلاء الأبطال أيضًا “اللواء باقي زكي يوسف”؛ رئيس فرع المركبات بالجيش الثالث الميداني وصاحب فكرة استخدام ضغط المياه في خراطيم المياه لأحداث ثغرات في الساتر الترابي المعروف ب”خط برليف” في سبتمبر/أيلول عام ١٩٦٩ في حرب الإستنزاف ، وارسله “الرئيس ناصر” إلى ألمانيا لدراسة أهم خراطيم المياه والتي تم تنفيذها في حرب أكتوبر عام ١٩٧٣،وكانت أهم سلاح سري في هذه الحرب الذي حطّم “خط برليڤ” اكثر حصون العالم قوة وعتادُا آنذاك[ وكان العدو الإسرائيلي يتباهى به مدعيًا أن القنبلة الذرية لا تقوى عليه-]، وكان ممتدًا على الشاطئ الشرقي لقناة السويس، بعمق ما يقرب من ١٠ كلم، وساتر مانع للإقتحام.
والكثير غير هؤلاء الأبطال، ومنهم “الجندي محمد محمد عبد السلام العباسي” الذي كان أول من رفع علم مصر فوق أرض سيناء [توفي الأحد ٢٠١٨/١٠/١].
إنهم الأبطال الذين لن تنساهم “مصر التاربخ” وأمتهم العربية… لانهم صنعوا الأسطورة العسكرية المصرية ، التي كتبت أحداثها بدم شهداء الجيش المصري العظيم ، وعبقرية الجندي المصري في عقيدته “النصر او الشهادة ، والتي ستبقى الأجيال المصرية والعربية تفتخر بها ، ويتسلمها جيلٌ من جيل لتبقى حيّة في النفوس، لأنها كانت في جانب مضيء من جوانبها “روح منظومة الأمن القومي العربي”.