بعدَ عامَين على تحويلِ تفجيرِ المرفأ أسماءَكم معرضاً للحَنين، حزنُنا الذي غاصَ في طَعمِ الموتِ المفاجِئ، يتمتمُ شَوكاً، وتعبرُنا أَنيابُ الدموعِ كمواسمِ الأَلغام. لكنّنا، كما كنتُم في سلوكِكم، لم نرضَ أن يلحسَ اليأسُ من دَمِنا، وأن تهاجمَ العتمةُ أنفاسَنا، لأنكم علَّمَتمونا، بتضحيتِكم السّامِية، أَلّا يَضيعَ منّا جوازُ مرورِنا الى الرّجاء، لِئَلّا يَطمرَنا وَحلُ الأرض.
يا أعزّاءَنا الذين انتزعوكم مِنّا، غَدراً،
لم يُجبِرْنا الوقتُ على الإنفصالِ عن تذَكّرِ وجودِكم معنا، فنحنُ لم نلملمْ، بعدُ، أشلاءَ تَفَجُّعِنا على رحيلِكم، ولا زالَ الحزنُ يلفُّ قلوبَنا، ويكسرُ وجدانَنا، كَمَن يُضَمِّدُ جراحَه بالجِراح. لكنّنا، مع ذلك، نشعرُ بمُعانقةٍ سرمديّةٍ معكم، ولَو كنتم بَعيدين، لأنّكم مُتَرَبِّعون في ضميرِنا، تبسطُونَ حضورَكم في مفاصلِ حياتِنا، وكأنَّكم تأبَونَ المغادرةَ، ونحنُ نرفضُ الإستسلامَ للقَدَر.
يا أعزّاءَنا، يا ذبائحَ بريئةً فوقَ جبينِ الوطن،
لا نسبيَّةَ في الحزن، إنَّ فَقدَكم المُبكِرَ قد وشَّحَ عواطفَنا بالسَّواد، وساقَنا الى يوميّاتٍ مُشبَعَةٍ بالإنكسار، فتوسَّعَت فينا فُسحاتُ الأَسَف، وأصبحنا في عصيانٍ إلّا لنسائمِ الحزن.
يا مَنْ جَثَمتم في وجدانِنا،
إنّ كلَّ دمعةٍ قالَت لكم ” وداعاً ” يومَ تركتُمونا، تقولُ لكم، اليوم، ” شْتَقنالكم “.