رأى كبير الاقتصاديين ورئيس قسم الأبحاث لدى بنك عودة الدكتور مروان بركات أن “أي خطة تعافٍ يجب أن تحافظ على حدّ أدنى من الرساميل المصرفية، كي تتمكّن المصارف من دعم برنامج النهوض العتيد”، واعتبر أن “خطة إعادة الهيكلة المالية ينبغي أن تترافق مع خطة استقرار اقتصادي ومالي من أجل تأمين الدعم المطلوب، على أن تتضمّن: إعادة هيكلة الدين العام لتحقيق خفض للدين في المدى القريب وتأمين استدامة الدين في المدى المتوسط والبعيد، إعادة هيكلة القطاع العام، وضع سياسة نقدية جديدة لإعادة بناء الثقة وتأمين استقرار سعر الصرف عند سعر موحّد، القيام بإصلاحات تحفّز على النمو وزيادة حجم الاقتصاد الوطني، ووضع برنامج الأمان الاجتماعي لتخفيف الضغوط الاقتصادية والاجتماعية عن كاهل الأسَر اللبنانية بشكل عام”. وقال بركات في حديث لـ”المركزية”: من شأن الأزمة المستجدّة مع الخليج أن تلقي بثقلها على المسار الإصلاحي وجهود النهوض للحكومة الجديدة نظراً إلى العلاقات التاريخية الراسخة للبنان مع دول مجلس التعاون الخليجي”. وتابع: “وعلى أمل التوصّل إلى حلّ لهذه الأزمة الديبلوماسية، مما لا شكّ فيه أنها ستعمّق الانكماش الاقتصادي اللبناني والذي بلغ 11% بالقيم الفعلية في العام 2021 بعد تسجيل انكماش بنسبة 25% في العام 2020”، مذكّراً بأن “صندوق النقد الدولي لم يكشف عن توقعاته الاقتصادية والمالية للبنان في تقريره حول “الآفاق الاقتصادية العالمية” الصادر في منتصف تشرين الأول2021 ، عازياً ذلك إلى ضبابية المشهد الداخلي… إنّ لبنان وسوريا وأفغانستان هي البلدان الوحيدة التي حجبت عنها التوقعات من أصل 196 بلداً يغطيها صندوق النقد الدولي حول العالم”.
ولفت بركات إلى أنّ “المخرج الوحيد في الأفق للعودة الى مسار النمو الإيجابي، هو التوصّل الى اتفاق مع صندوق النقد الدولي في فترة قصيرة تستبق الانتخابات النيابية. علماً أنّ مهمة التفاوض مع الصندوق لن تكون سهلة بل شاقة في ظلّ الاختلالات اللافتة التي يعرفها الاقتصاد اللبناني اليوم لاسيما بشقّه المالي والنقدي والخارجي. كما ان لصندوق النقد عدداً من الشروط التي تؤمّن تغيّراً ملموساً في السياسات المعتمدة وكذلك في المسار الاقتصادي الكليّ. إلا أن موضوع إبرام اتفاق متكامل مع صندوق النقد يُعَدّ حدثاً تاريخياً”. وأكد بركات “الحاجة إلى إعادة رسملة القطاع المصرفي وتقليص حجمه ليتماشى مع حجم الاقتصاد (نسبة الأصول إلى الناتج يجب ألّا تتعدى 150% بما يتماشى مع البلدان ذات الاقتصادات المشابهة للبنان)، ما يكسب القطاع مجدداً صدقية يُبنى على أساسها في الفترة المقبلة. كما أنّ خطة إعادة الهيكلة المالية ينبغي أن تترافق مع خطة استقرار اقتصادي ومالي من أجل تأمين الدعم المطلوب”.