أعلن رئيس جمعية المصارف سليم صفير لـ»الراي» ان الارتقاء بالتواصل ليصبح مباشراً عبر وفود من القطاع الخاص إلى بلدان الخليج هو ضمن أولويات التفكير وجداول الأعمال في مرحلة لاحقة «باعتباره الوسيلة الفضلى لشكرهم وطمأنتهم ولحماية النواة الصلبة للمنظومة النوعية من شبكات العلاقات التي تم نسجها تاريخياً من كل القطاعات الوطنية مع الخارج القريب والبعيد».
ولفت الى ان «هذا البناء المتين كان قبل الحروب واستمر صامداً خلالها ليسطع أكثر بعدها، وهو يتعامل، بتكوينه الأفرادي والمؤسساتي، بواقعية وبمحبة خالصة للبنان واللبنانيين بما يشمل أزماتهم العاتية المستجدة. بل ان المستثمرين الخارجيين يمنحوننا الفرصة تلو الفرصة للتمكن من معاودة تنظيم مؤسساتنا وموجوداتنا على حساب أي مصالح أو منافع آنية». مؤكداً انه «يتوجب علينا حكومياً وكقطاع خاص، المبادرة لمحاورتهم والحرص الشديد على حقوقهم وأصولهم وتصنيفها كأمانات متوجبة الأداء لأصحابها ضمن جدول الأولويات في مرحلة التعافي».
وأضاف صفير: «كنا في منتهى الوضوح بأن جمعية المصارف تحمّل مصرف لبنان مسؤولية المساس بالاحتياطي الإلزامي والخضوع للضغوط التي تمارسها عليه السلطات السياسية خلافاً لمنطق وروحية قانون النقد والتسليف. حيث أن غاية الاحتياطي الإلزامي تنحصر بحاجات القطاع المصرفي. كما تؤكد الجمعية أن خفض معدّل الاحتياطي الإلزامي بالعملات يوجب على مصرف لبنان إعادة المبالغ المحرَّرة للمودعين أصحاب الحق بها. فليس جائزاً استعمال المبالغ المحرَّرة أخيراًً جراء خفْض المعدّل من 15 إلى 14 في المئة لأغراض الدعم».
رغم كل التشويه المتعمد
لم يفلس مصرف ولم تضِع وديعة
وتابع: «بالصراحة عينها نخاطب الدولة كما المجتمع الاقليمي والدولي بأن أزمة لبنان أَتت بعد سنوات من التلكؤ عن القيام بِأَي إِصلاحات حقيقيَة، كما الإمعان بالهدر والفساد في مؤسسات الدولة. ومن الجهالة بمكان والمعيب في الوقت ذاته وضْعنا في»بوز المدفع«. فالمصارف جاهدتْ للحفاظ على وجودها وعملائها وأُصولها رغم التضحيات والإِستهداف الممنهج على مدى عامين تقريباً. بينما الحقيقة المشهودة تنبىء بالقرائن أنه رغم كل التشويه المتعمّد والممارسات التي ضربت بقوةٍ غير مسبوقة ركائز القطاع المالي، إنه لم يُفْلِس أي مصرِفٍ ولم تضِع أي وديعة». كما نجحتْ المصارف، في قراءة صفير، «بأن توقِف المحاولةَ غير المفهومة المنطلقات لشطب رساميل البنوك وأموالها الخاصة ضمن سياقات تحميلها وزر أزمة الدين العام للدولة والنظريات المتخلفة عن إلقاء تبعات تَهوُّر المدين وهدر المال على ذمة الدائن من بنك مركزي ومصارف وطنية ودائنين خارجيين. أيضاً وقفت المصارف ضد توجهات خطة الحكومة للاقتطاع من الودائع، وضدّ قرار التخلف عن سداد الديون الذي سرّع وتيرة الانهيار». وتابع: «مورست الضغوط على المصارف إضافة الى حملات التجني والتخوين، ولكن الحرب الإِقتصادية الحالية لن تستطيع أن تَقضي على إِرث لبنان وكنزِه الذي تمثله مصارفه بمستثمريها المحليين والخارجيين وبودائع اللبنانيين المقيمين وغير المقيمين في ربوعه».
الاصلاح الهيكلي الشامل
شرط للاستحصال على الدعم
وخلص الى عنوان وحيد لجبل الأزمات المتفشية في كل الميادين «الدولة زعزعت الثقة بالبلاد. وفي المقابل، فإن ما جرى ويَجْري من حراكٍ شعبي مُحِقٌّ ومشروع. وهو يرفع شعارَ الاصلاح الهيكلي الشامل، تماماً كما نطالب به جميعاً، من مجتمع مدني وهيئات اقتصادية ونقابية، وهذا يشكل شرطاً أساسياً للاستحصال على الدعم الخارجي. وهذا ما يقتضي إعادة تصويب المنطلقات والأهداف، بدءاً من تشكيل حكومةٍ ذات مهمات إنقاذية يدعمها المجتمع الدولي وتستأنف التفاوض مع صندوق النقد. ونحن رغم الإساءات وبعض الاعتداءات التي تَعَرَّضَ لها الجهازُ المصرفي، شركاء أساسيون في الجهود الآيلة إلى إخراج البلد من سلسلة أزماته التي باتت تهدّد كيانَه ومصيره في ظل هجرة الكفاءات والشباب والمحترفين في مجمل ميادين العمل والانتاج والأنشطة الابداعية والثقافية».
كل يوم تأخير يُراكم
تكلفة المعالجة ويزيدها صعوبة
وختم رئيس جمعية المصارف حديثه قائلاً: «كل يوم تأخيرٍ يُراكِمُ تكلفةَ المعالجة ويزيدها صعوبة. لبنان ليس مفلساً إنما منهوباً، وهو ليس فاشلاً، إنما ادارته سيئة. أيضاً، ورغم كل المصاعب والضغوط، ما زال القطاع المصرفي في وضعية ملائمة للنهوض من الكبوة واستعادة زمام المبادرة. في العالم أجمع، الدولةُ هي الراعي الصالح للمواطنين وللاقتصاد، ولا نريد أن تكتمل قناعتنا بأن ادارة دولتنا لا تتقن سوى شحْذ السكين وغرْزه في ظهور الناس وقطاعات الانتاج».