كتب المحرر الاقتصادي :
لم يترك حاكم مصرف لبنان رياض سلامة فرصة في الآونة الأخيرة، إلا واستثمرها للتأكيد على استقرار سعر صرف الليرة ومتانة العملة الوطنية وثباتها، معلناً أن «وضع الليرة اللبنانية متين ولا خوف عليها أبداً»، داحضاً كل الشائعات التي طافت على الساحة الداخلية «لغاية في نفس يعقوب».
مصادر اقتصادية متابعة لـ»الشرق»، اعتبرت أن «الهدف من تلك الشائعات محاولات فاشلة لضرب استقرار البلد، كون المسّ بالوضع النقدي يعني المسّ بالاستقرار الاجتماعي، من هنا على الجميع عدم الأخذ بتلك الشائعات وصمّ الآذان عن أبواق العاملين على زعزعة الساحة النقدية والمالية في البلد».
وشددت المصادر ، على «متانة الأوضاع المصرفية في لبنان التي تبقى أفضل بكثير من الأوضاع المصرفية في الدول المجاورة، لما تمتلكه المصارف اللبنانية من احتياطي يعزز الوضع النقدي، وبالتالي لا يوجد أي سبب لهذا الخوف إلا من بعض الحاقدين والحاسدين الذين لا يتوانون عن بث الأخبار المغرضة عن الوضعين النقدي والمصرفي في لبنان».
ولم تتردّد تلك المصادر في «الإشادة بسياسة حاكم مصرف لبنان الذي اتبع ولا يزال سياسة نقدية تتمتع بما يكفي من الجديّة والحكمة والدراية بما يرفد الاستقرار النقدي بمناعة لا تهزّها شائعة ولا توقعها تسريبات من هنا وهناك»، ودعت جميع الأطراف إلى «الاستفادة من نجاح هذه السياسة وثمارها ومن متانة الليرة اللبنانية عبر دعم الحاكم سلامة وتطويق أي شائعة قد تحاول الاصطياد في الماء العكِر». وتابعت: لقد تمكّن حاكم البنك المركزي منذ توليه سدّة الحاكمية ولا يزال حتى اليوم، من تحييد النقد عن الاقتصاد».
ودعت المصادر إلى الإسراع في تشكيل الحكومة لعدم تضييع فرصة الاستفادة من مقررات مؤتمر «سيدر»، وأضافت: بقدر ما يتحسّس السياسيون بالمصاعب الاقتصادية التي يعاني منها لبنان، بقدر ما تأتي المساعدات الدولية بوتيرة أسرع وبحجم أوسع، ما يؤدي إلى تحسّن النمو الاقتصادي ولجم زخم الشائعات التي تحوط بالوضع النقدي والتي تطاول بين الفينة والأخرى القطاع المصرفي».
الوضع الاقتصادي قاب قوسين من التراجع المخيف.
في غضون ذلك، تتعالى الأصوات والتصاريح وتكثر المواقف المحذّرة من انهيار اقتصادي، إذا صحّ التعبير، إذا ما طال أمد تشكيل الحكومة، وتدعو بحزم إلى التعجيل في التأليف تجنّباً لأي كارثة لبنان في غنى عنها في ظل الأوضاع الدقيقة المحيطة به في المنطقة.
من هنا، يستكمل المجلس الاقتصادي والاجتماعي لقاءاته مع الكتل النيابية للاطلاع على آرائها وخططها لمعالجة الوضع الاقتصادي والاجتماعي، في إطار دوره الطبيعي كونه المكان للحوار الاقتصادي والاجتماعي.
وفي هذا السياق، شرح رئيس المجلس شارل عربيد لـ»الشرق»، أن هيئة مكتب المجلس «تهدف من خلال هذه اللقاءات، إلى الاستماع إلى رؤية الكتل النيابية حيال صعوبة الوضع الاقتصادي القائم، وسبل المعالجة إضافة إلى نظرتها المستقبلية للاقتصاد الوطني».
ولفت إلى أن المجلس الاقتصادي والاجتماعي «يُطلع الكتل النيابية على مضامين الدراسات التي
نعدّها والمناقشات القائمة داخل المجلس، إن في اللجان أو الهيئة العامة، بما يعزّز الحوار الاقتصادي في البلد ليفضي إلى «مُنتَج» قابل للتنفيذ، وهذه بداية ورشة العمل القائمة في المجلس الاقتصادي والاجتماعي».
واعتبر أن «التواصل مع القوى السياسية والكتل النيابية ضروري وأساسي كونهم على تماس مع شؤون الناس ومشكلاتهم»، وأضاف: كنا نطالب سابقاً، بأن يكون الهمّ الاقتصادي أكثر حضوراً في العمل السياسي، فأصبح اليوم واقعاً من خلال المجلس الاقتصادي والاجتماعي الذي يقوم بهذا الدور كمكان للتلاقي والحوار الاقتصادي، إلى جانب مشاركتنا في إعداد خطة «ماكينزي» للمعالجة الاقتصادية.
وأكد عربيد أن «الأهم من كل ذلك هو الإسراع في تشكيل الحكومة، لأن مهمتها تكمن في العمل التنفيذي وهو الأساس، فعمل الوزارات مهم جداً. عندئذٍ نلعب دورنا الطبيعي في أن ترسل لنا الحكومة أسئلتها لإبداء الرأي». ولفت إلى أن «التأخير في تأليف الحكومة يؤخّر العمل، وهذا ما تُجمع عليه الجهات السياسية كافة».
وأضاف في هذا السياق: من أولويات عملنا الإضاءة على القطاعات الإنتاجية، وعلى رأسها الزراعة والصناعة، فهناك حاجة ورغبة ونيّة في الذهاب إلى اقتصاد إنتاجي مختلف يؤمّن أكبر عدد ممكن من فرص العمل يلائم الواقع الذي نعيشه حالياً».
ورأى في خطٍ موازٍ، أن «وضع البلد الاقتصادي دقيق وموجع، لكنه لا يسير صوب الانهيار، بل هناك أمل كبير في المستقبل، ونحن قادرون على استعادة أنفاسنا والانطلاق مجدداً إذا ما لاحت أي حلحلة في الأفق المحلي والإقليمي والدولي»، وقال: من هنا علينا التعجيل في تطبيق الإصلاحات والإجراءات الضرورية، لأن الخطر هو في تأخير المباشرة بالإصلاحات المطلوبة. ولا نتردّد في القول إن الجميع متفقون على الهمّ الاقتصادي والاجتماعي.
ولم يغفل الإشارة إلى أن «المطلوب استكماله بإجماع على الرؤى الاقتصادية المستقبلية، لذلك نطالب بالمضي في الورشة التشريعيّة المطلوبة، وعلى سبيل المثال لا الحصر السير بقانون التقاعد والحماية الاجتماعية، تحديث قانون العمل، والتعليم، والطبابة فهناك رزمة كبيرة من المشاريع وورش العمل».