كتب المحرر الاقتصادي:
«ليس هناك من خوف على الوضع الاقتصادي في لبنان، ولكنه دقيق»، الكلام لنائب رئيس مجموعة البنك الدولي لمنطقة الشرق الاوسط وشمال افريقيا فريد بلحاج خلال جولة له على المسؤولين اللبنانيين دعاهم فيها إلى الإسراع في تشكيل الحكومة العتيدة كي لا يضفي التأخير في التأليف المزيد من السلبية على الوضع الاقتصادي من جهة، وكي يستفيد لبنان من محفظة دعم البنك الدولي للبنان والبالغة ملياريّ دولار.
ودعوة بلحاج ليست الوحيدة في هذا الاتجاه، بل سبق للهيئات الاقتصادية أن جالت بدورها على المسؤولين اللبنانيين، شددت أمامهم على ضرورة تأليف الحكومة في أقرب وقت، وشرحت لهم ضرورة اعتماد لغة جديدة لمخاطبة المغتربين والمستثمرين، وإبلاغهم بإعداد قوانين جاذبة وعد الرؤساء الثلاثة بالعمل على إقرارها، ومن بينها: قانون تشجيع الاستثمار، قانون حماية المستثمر، قانون الضرائب العصري، قانون الجمارك، قانون تطوير الشركات، قانون الإفلاس…
كذلك اعتبرت غالبية الخبراء الاقتصاديين أن «على الحكومة العتيدة أن تلعب دوراً أساسياً في سنّ وتطبيق القوانين التي تعطي الفرص لأصحاب العمل والمؤسسات والمصانع في إبراز قدراتها التنافسيّة وتحفيز صادراتها، الأمر الذي يساعد على تفعيل الاقتصاد والحركة التجارية. وكذلك سنّ القوانين التي تساعد المستثمرين على المجيء إلى لبنان وتفعيل المحاكم التجارية التي تبت بالمشاكل المتعلقة بأي عملية من هذا النوع، الأمر الذي يساهم في النمو الاقتصادي للدولة ويقدّم أفضل الفرص لإنجاز الأهداف الوطنيّة في الاستثمار والنمو.
لذلك يشددون على الحكومة العتيدة أن تُحدث تغييرات جذرية في النظم والأجهزة الأمر الذي يوفر الاستقرار الاقتصادي ويعطي المقاولين والمستثمرين المحتملين الثقة من أجل تلبية الاحتياجات المتغيّرة للمجتمع ومواجهة مشاكل باتت مستعصية واقتصاد على شفير الهاوية.
«تخصيص البنك الدولي ملياريّ دولار للبنان علامة ثقة»
وفي خطِ موازٍ رأى الخبير الاقتصادي والمالي غازي وزني في جولة نائب رئيس مجموعة البنك الدولي لشؤون منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا فريد بلحاج الأخيرة على المسؤولين اللبنانيين «رسالة دعم سياسي واقتصادي ومالي للبنان».
وقال في حديث إلى «الشرق»: إن تخصيص البنك الدولي محفظة بقيمة ملياريّ دولار للبنان، هو في حدّ ذاته علامة ثقة بالبلد وباقتصاده الوطني، وإشارة واضحة إلى حاجة لبنان إلى تمويل بناه التحتيّة، وبالتالي أبلغ بلحاج الجانب اللبناني جهوزيّة البنك الدولي لتقديم المبلغ المذكور لمشاريع البنى التحتيّة، بهدف تطوير الاقتصاد اللبناني وتحديثه وتعزيز النموّ الضعيف أصلاً، وفي الوقت ذاته، نبّه إلى وجوب عدم التأخر في تأليف الحكومة لما له من انعكاسات تؤخّر المساعدات.
ولفت إلى أن «كلام بلحاج رسالة واضحة لدعم لبنان اقتصادياً ومالياً، وفي مقابل ترهّل البنى التحتيّة الذي يشكّل أحد أسباب النمو الاقتصادي، يمكن للبنان استخدام هذه المحفظة لتأهيلها وتطويرها».
واعتبر وزني رداً على سؤال، أن «التأخير في تشكيل الحكومة، سيؤدي إلى تأخير في حصول لبنان على مساعدات البنك الدولي والجهات الأخرى»، وتابع إن «الدكتور بلحاج كان واضحاً خلال جولته على المسؤولين اللبنانيين، بإعلانه أن المساعدات جاهزة لتقديمها للبنان، لكن بما أنها قروض فيتطلب الحصول عليها وجود حكومة»، مشيراً إلى أن «تلك القروض تتأخر إنما لا تُلغى، والتجارب السابقة أثبتت ذلك حيث حافظت المؤسسات الدولية على المساعدات المخصصة للبنان ولم تلغيها على مدى السنوات بل تم تمديدها».
وكرّر التأكيد أن «تحرّك البنك الدولي يشكّل دعماً سياسياً واقتصادياً ومالياً للبنان، مع دفعه إلى الإسراع في تأليف الحكومة، مبدياً أمله في تحسّن الاقتصاد اللبناني في المستقبل القريب، خصوصاً في ظل الظروف التي تمرّ بها المنطقة».
مساوئ تأخير التأليف على الاقتصاد
وليس بعيداً، أيّد وزني كلام وزير المال في حكومة تصريف الأعمال علي حسن خليل أن التأخير في تشكيل الحكومة سيؤثّر على إعداد الموازنة العامة للدولة.
وأوضح وزني أن «بحسب المادة 17 من قانون المحاسبة العمومية يفترض تقديم مشروع موازنة العام 2019 إلى مجلس الوزراء في آخر آب أو مطلع أيلول المقبلين، والمادة 18 من القانون المذكور تقضي بإحالته إلى مجلس النواب في النصف الأول من تشرين الأول المقبل»، وتابع: من هنا، إذا لم تتألف الحكومة لن يتم إعداد مشروع موازنة وبالتالي العودة إلى الإنفاق على القاعدة الإثني عشرية، ما يعني فوضى في الإنفاق، مزيداً من العجز، غياب الإجراءات الاقتصادية والمالية وتبعاته على النمو الاقتصادي والدين العام، غياب الإصلاحات وبالتالي لا إفادة من مؤتمر «سيدر» المرتبط بالإصلاحات.
وقال: في ضوء ذلك، يمكن الاستنتاج أن الجمود الاقتصادي سيستمر، وكذلك الإصلاحات المطلوبة من لبنان في مؤتمر «سيدر» ستبقى معلّقة، وموازنة 2019 مؤجّلة في انتظار تأليف الحكومة.
ورداً على سؤال، أكد اتجاه لبنان نحو الانهيار الاقتصادي، إذ أن «عدم تأليف الحكومة يجعل الاقتصاد متّجهاً نحو الانهيار، فالوضع الاقتصادي دقيق للغاية ويواجه بذور مخاطر كبيرة جداً ويتّجه إلى الأسوأ في المرحلة المقبلة مع تأخر تأليف الحكومة».