شدد حاكم مصرف لبنان رياض سلامة على أن الحوكمة أصبحت من المتطلبات الرئيسية التي تحافظ على إنخراط القطاع المصرفي والمالي في الأسواق المالية العالمية، معتبراً أن الإدارة الرشيدة في المؤسسات المصرفية هي ضمانة أساسية لاستمرارها ونجاحها على المدى الطويل. وأكد أن القطاع المصرفي اللبناني سيبقى رائداً وقدوة في مجال الصناعة المصرفية. ودعا الى الإلتزام بالبرامج والتعاميم الصادرة عن مصرف لبنان لأن السوق اليوم منفتح عالمياً حيث يجب علينا التميز بالشفافية التامة في تعاملاتنا».
الإفتتاح
إفتتح اتحاد المصارف العربية أعمال ملتقى «الحوكمة الرشيدة في المصارف والمؤسسات المالية»، الذي نظمه معهد المال والحوكمة في لبنان بالاشتراك مع اتحاد المصارف ومصرف لبنان والمعهد العالي للأعمال، برعاية الحاكم سلامة، في مبنى معهد المال والحوكمة في كليمنصو – الحمرا.
حضر الملتقى رئيس جمعية المصارف رئيس الاتحاد الدولي للمصرفيين العرب رئيس اللجنة التنفيذية لاتحاد المصارف العربية جوزف طربية، أمين عام إتحاد المصارف العربية وسام فتوح، محافظ سلطة النقد الفلسطينية عزام الشوا، الحاكم السابق للبنك المركزي الفرنسي كريستيان نوير، نائب حاكم مصرف لبنان سعد عنداري، المدير العام للمعهد العالي للاعمال ستيفان اتالي، منسق معهد المال والحوكمة في هادي الاسعد.
الأسعد
إستهل اللقاء بكلمة لمنسق معهد المال والحوكمة في المعهد ورئيس لجنة المخاطر في مجلس ادارة بنك FNB لبنان هادي الاسعد، قال فيها: «إن المعهد يقوم بوضع البرامج المتخصصة للمساعدة والمساهمة الدائمين في امتلاك المصرفيين اللبنانيين المعرفة العلمية والتطبيقية اللازمة، ويتجه المعهد الى اقامة اوسع العلاقات مع الأقطاب والمؤسسات المصرفية والمالية في العالم العربي والعالم المحيط من اجل تعميم هذا النمط من البرامج. كما كرس المعهد جهدا لا يستهان به من أجل دراسة واقعية لحال الحوكمة وتطبيقاتها في المؤسسات المصرفية والمالية العربية توجت في تقرير ينشره المعهد وهو موزع عليكم اليوم».
فتوح
ثم كانت كلمة الامين العام لاتحاد المصارف العربية أشار فيها الى ان «إننا في اتحاد المصارف العربية نسعى في كل مؤتمراتنا ومنتدياتنا وملتقياتنا الى التأكيد على ان نظام الحوكمة يشكل دليلا ذاتيا للرقابة الذاتية، اي كيف تتصرف الادارة عندما لا يراقبها احد؟، كما نؤكد بأن الحوكمة تعتبر احدى الوسائل الهادفة الى تحقيق التنمية الاقتصادية ورفاه المجتمع، وارساء قيم العدالة والمساواة في الفرص، والشفافية والافصاح التي تضمن نزاهة المعاملات وتعزيز سيادة القانون، ورسم الحدود الفاصلة بين المصالح الخاصة والمصالح العامة».
وأكد ان «اهمية الالتزام بالحوكمة كنظام للادارة الرشدية من خلال تعزيز اجراءات الرقابة، ومحاربة الفساد، والتحدي الكبير في هذا المجال يتمثل في التعرف على المعايير العالمية المعتمدة في الحوكمة وتكييفها لتتواءم مع خصائص المؤسسات والاسواق المالية والاعراف».
طربيه
وقال طربيه من جهته: «ان الاستثمار بشكل عام يتجه الى التعامل مع الشركات التي تتمتع بهياكل حوكمة سليمة، على اساس ان الحوكمة تحدد قواعد اللعبة، التي بناء عليها يتم ادارة الشركة داخليا وباشراف مجلس الادارة، من اجل حماية المصالح والاستثمارات المالية للمساهمين الذين ليس لهم صلة مباشرة بادارة الشركة، وذلك بالاضافة الى ما توفره الحوكمة من شفافية وافصاح يساعدان جمهور المواطنين على التعرف على مدى تحقيق مصالحهم في ظل ديموقراطية الادارة والمناخ الملائم لاتخاذ القرارات السليمة بشأن استثمارات المساهمين، وهو الامر الذي يجعل الاجراءات القائمة على الافصاح والشفافية، المضمون الحقيقي لحوكمة الشركات والمؤسسات فهذه الحوكمة تحدد توزيع الحقوق والمسؤوليات بين مختلف اصحاب المصالح وذوي الصلة بالشركة في مجلس الادارة، والمديرين والمساهمين، فضلا عن بيان القواعد والاجراءات اللازمة لاتخاذ القرارات المتعلقة بأمور المؤسسة، وهو ما يساعد على تحديد الاهداف وسبل تحقيقها والرقابة والاداء».
وأضاف: «إذا ما ارادت المصارف المحافظة على قدرتها التنافسية في نظام عالمي يتسم بالحيوية والتجدد الدائمين، فإنه لا بد لها من مواصلة الابتكار، وتطبيق افضل ممارسات واطر حوكمة المؤسسات لكي تتمكن من تلبية الاحتياجات المتجددة واغتنام الفرص الجديدة». وأكد «ان الممارسات الفاعلة لحوكمة المؤسسات تعد عاملا اساسيا في كسب وترسيخ ثقة الجمهور بالنظام المصرفي، والتي تكتسب بدورها اهمية كبرى لتحقيق الاداء الامثل للقطاعين المصرفي والاقتصادي بشكل عام».
موضحاً أن «الحوكمة الرشيدة، تشكل عاملا اساسيا في تحقيق الشفافية والمساواة والمساءلة والمسؤولية وتساهم في تشجيع المؤسسات على الاستخدام الامثل لمواردها، وتحقيق النمو المستدام، وزيادة الانتاجية، ما يسهل عملية الرقابة والاشراف على اداء المؤسسات، واستقطاب الاستثمارات واستقرار اسواق المال، كما تعد الحوكمة جوهر اجندة التنمية، وعنصرا بالغ الاهمية في تحقيقها».
سلامة
وفي ختام حفل الافتتاح تحدث حاكم مصرف لبنان فأوضح بداية أن الحوكمة أصبحت من المتطلبات الرئيسية التي تحافظ على انخراط القطاع المصرفي والمالي في الأسواق المالية العالمية».
وقال: «ان الإدارة الرشيدة في المؤسسات المصرفية هي ضمانة أساسية لاستمرارها ونجاحها على المدى الطويل فهي تساهم في تمتين إدارة المصارف وتعزيز رقابتها وتؤسس لأداء مصرفي سليم وحديث». وأضاف: «بالفعل، ان الإدارة الرشيدة ترسخ الثقة بعمل المصارف وتزيد من إمكانياتها في جذب الاستثمارات لمشاريعها التوسعية فتعزز التنافسية وتزيد فرص العمل ومعدلات النمو والثقة في الاقتصاد الوطني».
وأشار الى أن مصرف لبنان طور من خلال سلسلة من التعاميم، الهيكلية الادارية للقطاع المصرفي في لبنان .
وذكّر «بأننا شددنا على ضرورة تطبيق تشريعات مالية مطابقة للمتطلبات الدولية وأن تكون الممارسات المصرفية شفافة ومتلائمة والأنظمة المتعلقة بكفاية رأس المال والادارة الرشيدة والامتثال، وهذا ما حصل في لبنان حيث حرص البنك المركزي على وضع جميع الأسس لحماية القطاع المالي في لبنان وجعله متلائما مع التطلعات المالية العالمية. ومن أبرز هذه الممارسات الاحترازية انشاء لجان لدى المصارف تقيم مخاطر التوظيفات، ولجان تتأكد من الإدارة الرشيدة، اضافة الى انشاء دائرة امتثال لدى المصارف ولدى مصرف لبنان وكل ذلك يهدف الى تعزيز الشفافية ويجعل من المنظومة المصرفية اللبنانية منظومة حديثة وقابلة للتعاطي دوليا مع المصارف الأجنبية دون التعرض لأي ضغوطات»(…).
واضاف: « وفي سياق العمل على ترسيخ الحوكمة، طلب مصرف لبنان مؤخرا من مجلس ادارة كل مصرف لبناني اقرار خطة موثقة تسمى «خطة اختيار اعضاء مجلس الادارة». يتم اعداد هذه الخطة بحسب استراتيجية المصرف المستقبلية بحيث يؤخذ في الاعتبار هيكلية المجلس وثقافته لجهة توفر الكفاءات والمهارات والخبرات والصفات الشخصية المناسبة للاعضاء. كما طلبنا من المصارف اللبنانية اعداد «خطة تعافي» لاعادة الاستقرار الى اوضاعها المالية والى مواجهة أي صعوبات مستقبلية في اوقات الازمات على ان يتم تحديثها سنويا بموافقة مجلس الادارة».
وأكد أن «مصرف لبنان سيتابع تأدية دوره الأساسي والفعال والاهتمام بكل ما يساهم في تعزيز الحوكمة والادارة الرشيدة لدى القطاع المصرفي اللبناني، هذا القطاع الذي سيبقى رائدا وقدوة في مجال الصناعة المصرفية. ونشدد في هذا السياق على اهمية الالتزام بالبرامج والتعاميم الصادرة عن مصرف لبنان لأن السوق اليوم منفتح عالميا بحيث يجب علينا التميز بالشفافية التامة في تعاملاتنا».
حلقات نقاش
وعقدت بعد الظهر حلقة النقاش الاول عن اثر تطبيق الحوكمة الرشيدة على اداء المصارف والمؤسسات المالية في العالم العربي، ادارها نائب حاكم مصرف لبنان محمد بعاصيري تحدث فيها المدير العام لبنك لبنان والمهجر أمين عواد وتومسون رويترز.
ثم عقدت الحلقة الثانية عن الحوكمة وادارة المخاطر ادارها هادي الاسعد وتحدث فيها كل من مدير عام مساعد في جمال ترست بنك محمد فحيلي ونائب اول مدير عام في بنك مصر احمد فؤاد خليل.
الى ذلك، تستمر فاعليات المؤتمر اليوم وتعقد فيها جلسة عن الحوكمة والامتثال وجلسة عن الحوكمة والتدقيق الداخلي وجلسة عن الحوكمة والمعلوماتية.