شدد وزير المال في حكومة تصريف الأعمال علي حسن خليل على ضرورة المباشرة في إعداد دفاتر الشروط النموذجية والدفع باتجاه اقرار قانون الصفقات العمومية وتحديث إدارة المناقصات والتفتيش المركزي، واكد العمل لمحاربة الفساد وإجراء إصلاح جدي وجذري وحقيقي.
ألقى الوزير المالية علي حسن خليل، كلمة في افتتاح مؤتمر «الشراء العام وفرص تعزيز الصمود والنمو المستدام»، في مقر معهد باسل فليحان المالي والاقتصادي، اشار فيها الى «اننا نريد عمليات شراء عام شفافة نزيهة تخضع لمنطق المنافسة الحقيقية تعتمد الآليات والأدوات القانونية والعلمية التي تسمح بالوصول إلى النتيجة المرجوة والتي تحفظ المال العام ومصالح المواطنين وجودة المنتج»، وأكد انه «لا يمكن أن نتحدث عن إطلاق مشاريع بمستوى وحجم ما أعددناه في المشروع الاستثماري التنموي في البلد والذي انعقد بمشاركة ومساهمة دولية واسعة في باريس أخيراً من دون أن يكون لدينا القواعد التي تطمئن الواهبين والممولين والقطاع الخاص والدول والمؤسسات على أننا نسير في الطريق الصحيح».
واعترف: «بأننا لم نكن في كثير من الأحيان على قدر المسؤولية في احترام القواعد التي يجب أن تعتمد في إدارة الصفقات والشراء العام، لا عبر إدارة المناقصات وبطريقة شفافة ندية لا تقيد هذه الإدارة بدفاتر شروط عاجزة عن فتح باب المنافسة أمام الناس بشكل متساو، ولا على مستوى القرار بضبط الشراء بالتراضي الذي حصل في كثير من المجالات والمحطات». اضاف: «عندما أقول هذا الكلام إنما أوجه نقدا عاما لنا جميعا لكي نتوقف وبشكل واضح وجلي وصريح عن كل أشكال صفقات الشراء العام بالتراضي وأن نصل، وهذا من أهداف هذا المؤتمر وتوصياته، إلى إعداد دفاتر شروط نموذجية تقدم في كل المجالات وتأتي في سياق استراتجية للشراء العام أيضا تشمل كل إدارات ومؤسسات الدولة».
وتابع: «لم يعد اليوم هناك، كما سمعنا، في العالم ربما إلا بعض من الدول التي لا تعتمد دفاتر شروط نموذجية موحدة، ولا يوجد اليوم كثير من الدول التي لا تعتمد المناقصات المفتوحة إلكترونيا والتي يستطيع أي كان في البلد أن يدخل وأن يشارك ويبدي رأيه وأن يعزز مبدأ المنافسة المطلوب في هذه المجالات. لهذا نعم نحن ملتزمون ونتعهد بأن نحول شعار مكافحة الفساد والهدر إلى حقيقة تبدأ باحترام الأصول وقواعد الشراء العام لمنع وإلغاء كل الصفقات التي تحصل بالتراضي والتركيز على إدارة حكيمة من خلال إدارة المناقصات من جهة ومن خلال العمل على إعداد دفاتر شروط نموذجية وفتح باب المنافسة الشريفة واعتماد الآليات والأدوات والوسائل الإلكترونية الحديثة التي تعزز هذا المبدأ».
وشدد على «المباشرة فورا في إعداد دفاتر الشروط النموذجية والدفع باتجاه إقرار قانون الصفقات العمومية وتحديث إدارة المناقصات والتفتيش المركزي بالطريقة التي تؤمن وتحفظ قوة واستقلالية وحصانة هذه المؤسسات».
واكد خليل ان «علينا ان نسرع في تشكيل حكومة جديدة، حكومة قادرة على إعادة تشكيل الثقة وبنائها بين المواطن والدولة وأن تتحمل مسؤوليتها في عملية إصلاح جدي وجذري لأوضاعنا الاقتصادية والمالية والاجتماعية». وقال ان «المسألة ليست مسألة طلبات خارجية أو تمنيات خارجية أو تقارير تتصل بمؤسسات تصنيف دولية أو مؤسسات مالية دولية وليست ترفا إنما هي حاجة وطنية داخلية لكي نطلق فعلا عملية إصلاح حقيقي بنيوي لا يمكن أن نستمر من دونه». موضحاً « أن هذا الأمر يتطلب أن نستكمل بناء مؤسساتنا الدستورية من خلال تشكيل حكومة في أسرع وقت ممكن».
ورأت نائبة رئيسة بعثة الإتحاد الأوروبي في لبنان جوليا كوش دو بيولييه أن توقيت المؤتمر «مناسب جداً إذ يأتي بعد ثلاثة أشهر من مؤتمر سيدر الذي قدّمت فيه الحكومة اللبنانية خطة مشاريع استثمارية شاملة تشمل قطاعات عدّة وبرنامجاً إصلاحياً طموحاً».
وأضافت: «في ظل ارتفاع نسبة الدين العام إلى الناتج المحلي إلى 150 في المئة، قد تشكل الخطة الإستثمارية خطراً كبيراً إذا تمت إدارتها بطريقة سيئة، وهذا ما يعزز أهمية الشراء العام السليم والحوكمة والشفافية ومكافحة الفساد في تحقيق الفائدة القصوى للبنان من المشاريع التي سينفذها».
أما مديرة مكتب البنك الأوروبي للإنشاء والتعمير لدى لبنان غريتشين بييري فشرحت دور البنك في المنطقة، مشددة على أهمية لبنان بالنسبة إليه. وأوضحت أن البنك سيركّز في لبنان «على تعزيز الاستثمار في القطاع الخاص»، ويهتم بالقطاع المالي والمؤسسات الصغيرة والمتوسطة والطاقة والطاقة المتجدّدة. وذكّرت بأن البنك ساهم في مؤتمر «سيدر»، وسيقدم الدعم «من خلال الخطة الاستثمارية».
ولاحظ المنسّق المقيم للأمم المتحدة في لبنان فيليب لازاريني أن «ثمّة توافقاً في لبنان على أهمية الاستقرار والنمو لمواجهة التحديات الاقتصادية والاجتماعية». ووصف الشراء العام بأنه «من المواضيع الأساسية لبلوغ هذا الهدف». واشار إلى أنه «أحد الإصلاحات التي التزمتها حكومة لبنان في مؤتمر سيدر في باريس لتحسين الحوكمة الماليّة».
ورأى أن «المبادرات المطلوبة والتي تتناسب مع الرؤية الوطنيّة، لا تشمل فقط عناصر اقتصاديّة كتعزيز توفير فرص عمل، وقطاع سياحي نابضة، ومناخ ملائم للابتكار، إنّما أيضاً تعزيز الحماية الاجتماعية كالمساواة الجندريّة، ونظام صحّي يمكن للجميع استخدامه وتحسين نوعيّة التعليم، وكلّ ذلك يجب ألا يتعارض مع الحفاظ على االبيئة اللبنانية، بل أن يكون متوازياً مع الحفاظ على نظام لبنان الإيكولوجي الغني».
وتحدث سيبير فوتوفات ممثلاً المدير الاقليمي لمنطقة الشرق الأوسط في البنك الدولي ساروج كومارجا، فلاحظ أن «العالم يشهد ضغوطاً متزايدة تتمثل في تدفقات المهاجرين وتزايد العنف (…) في حين أن ثمة شكاً في قدرة الحكومات على مواجهة هذه الضغوط بفاعلية، ما أدى إلى تراجع ثقة المواطنين بها».
واعتبر الأمين التنفيذي للجنة الأمم المتحدة الاقتصادية والاجتماعية لغربي آسيا – الإسكوا المدير الاقليمي لمنطقة الشرق الأوسط محمد علي الحكيم، أن «القرارات الحكيمة المسؤولة التي تتّخذها الحكومات عند تخصيص الموارد العامة في مسائل الصحّة والتربية والبنى التحتيّة هي المفتاح في مستقبل البلد، وفي دعم النشاط الاقتصادي وشبكات الأمان الاجتماعي خصوصاً في أوقات الأزمات، وهي المفتاح لمساندة الإبداع باتجاه التنوّع الاقتصادي والمنافسة».
بساط
ولاحظت رئيسة المعهد لمياء المبيّض البساط في كلمتها أن المؤتمر «يُعقَد في ظلّ تحديات مالية كبيرة تواجه لبنان أدّت إلى انعقاد مؤتمر سيدر في نيسان المُنصرم». واضافت: «لكي يتمكّن لبنان من الاستفادة من الدعم الدولي، ثمة إصلاحات هيكلية أساسيّة، أوّلها يتعلّق بقدرته على إدارة الأموال التي ستُمنَح له وعلى تحويل الخطط الطموحة واقعأً ملموساً في حياة المواطنين، من خلال أنظمة شراء عام فاعلة شفافة تفتح المجال للتنافس وتوفير فرص العمل، وكذلك لتطبيق التزامات لبنان البيئية والاجتماعية». ولاحظت أن «مُعظم العمل في السنوات الأخيرة تركّز حول تحديث الإطار القانوني للشراء العام في لبنان، لكن العمل الأساس الذي عادة ما يسبق وضع القوانين لم ينفّذ، خصوصاً وضع سياسة عامة تَلحظ دور الشراء كمكوّن أساس في إدارة أموال المكلفين بالضرائب، وأداة لمكافحة الفساد والتواطؤ وتعزيز الشفافية، ورافعة للتنمية المستدامة». وشددت أيضاً على أهمية «فتح نقاش حقيقي على قاعدة شراكة حقيقيّة بين الجهات المعنيّة كافة، أي الدولة التي تسعى إلى تحقيق القيمة الفضلى من إنفاق المال العام، ومؤسسات القطاع الخاص التي تسعى لدخول سوق الشراء لتعزيز تنافسيتها وتطوير أعمالها، والمستفيدون من الخدمات العامة الذي يسعون لخدمة سريعة وفاعلة وذات جودة عالية».
ودعت إلى «الاستفادة من تجربة دول أخرى لجهة اعتماد المقاربات والتقنيات الحديثة في الشراء، وهي: أوكرانيا وتونس وتشيلي والبرتغال وفرنسا، بالإضافة إلى ممارسات جيدة ستشاركنا إياها المؤسسات الدولية المُشاركة».
الجلسات
بعدها عُقِدت الجلسة العامة الأولى بعنوان «لماذا يُعتبر الشراء العام أداة استراتيجية لتعزيز الصمود والنمو المستدام في لبنان؟»، تلتها جلسة عامة ثانية بعنوان «التنافسيّة والابتكار: كيف يمكن للحكومة أن تعزز مشاركة المؤسسات الصغيرة والمتوسطة في الشراء العام». ومن ثمّ عُقدت طاولة مستديرة أولى عن «الخدمات الإلكترونية لتعزيز المنافسة والشفافية»، أعقبتها طاولة مستديرة ثانية تناولت «بيانات الشراء العام للحدّ من الغشّ والفساد». ويُختتم المؤتمر اليوم الأربعاء.