غداً هو الذكرى الأولى لـ”انتفاضة” ١٧ تشرين الأول ٢٠١٩، التي يجب ان تكون “صورة بانورامية حضارية” باحتفالاتها، وأن تكون مبهرة للجميع داخل وخارج لبنان، في “يوم وطني” يتشابه مع اليوم الوطني لـ”لبنان الذي لا يزال كبيرا” في ١٩٤٣/١١/٢٢ الذي أصبح ذكرى الإستقلال عن الانتداب الفرنسي القديم.
فليكن غدا ذكرى الإستقلال عن ترسبات الطائفية البغيضة، والمذهبية الضيّقة، والمناطقية المفرّقة، بولادة “توافقية لبنانية جديدة” في “ضوئها الساطع” تكسر حاجز “الخوف الطائفي” الذي غرسه في النفوس قبل النصوص المقاطعجية الجدد -او أمراء الطوائف-، وتغرس مكانها المواطنة الحقيقية، التي تجمع ما بين “الهلال والصليب” في “دولة المواطنة” -لا دولة المحاصصة- التي فيها اللبنانيون متعددون في الدين ومتحدون في المواطنة..
ليصححوا في إعادتهم لـ”كتابة تاريخ لبنان” ما “أهمله التاريخ”، ما قبل هذا “الحدث الاستثنائي” -وأرجو ان يتم- بقيادة واحدة، لا بتعدد الرؤوس كما هو “الحدث البارز” الى إعادة ما انقطع وهو انتفاضة ٢٠١٩/١٠/١٧، بأسس سليمة وواضحة، وفي اطار برنامج وطني يحدد كيفية “النقلة التاريخية” من “لبنان المجزأ” الى “لبنان منا جميعا” -نحن اللبنانيين، وليس انا اللبناني- الى “وطن نهائي يعيش فينا ولا وطن نعيش فيه” ك “ضرورة حياتية” و”مسألة مصير”.
ما أحوج “لبنان المعذّب” من اصحاب الهرطقة الدستورية في هذه الذكرى الأولى، الى روح الاستقلال ليراجع هؤلاء المهرطقين بها ومعها- مواقفهم المتقوقعة على نفسها- في اطار “متلازمة غطرسة القوة”، ليحافظوا بعد التحرر من هذه المتلازمة على نموذج “الدولة الوطنية اللبنانية”، التي فيها اللبنانيون متعددون في الدين، متحدون في المواطنة، في اطار “دولة” صاحبة “سيادة واستقلال”، وليس في اطار “كيان اجتماعي” لا حول له ولا قوة لأنه “منقوص السيادة”.
وبروح هذه “الانتفاضة المجدّدة” ذات البرنامج الاصلاحي غير المنقوص، تستطيع الأجيال اللبنانية المجدّدة لحياتها ان تهزم ما يعتقده هؤلاء المهرطقون (الذين يستمدون غطرسة قوتهم من تفرقة ابناء الشعب اللبناني الواحد)، على انهم قادرون على تزييف الحقائق والتاريخ الحاضر والمستقبل، بجرة قلم، وأنهم قادرون على برمجة الذاكرة الانسانية لتنطلق بما يهون!
وأنهم يعتقدون أننا في سباق دائم لا حياة بعده، وأن ارواحنا مستكينة استكانة الجماد لهم..!
هناك من يجزم – منهم، او كلهم – ان اجسادنا لا تقوى على الحراك فضلا عن ارواحنا، معتمدين في تقوية ذلك على مريدين يقفون خلفهم ويتابعون تحركاتهم بحذر! فالظل هو ما ينجذبون إليه ويبحثون عنه كلما تحرك لذلك الأفق!
تجاه هذا الوضع يجب أن تكون الاحتفالات الشعبية بالذكرى الاولى لـ”انتفاضة ٢٠١٩/١٠/١٧” يوما لبنانيا مشهودا للتأكيد على أن الحياة لا تزال تنبض في أرواح اللبنانيين الطيبين، وإن أرواحهم غير مستكينة استكانة الجماد، بل هي تموج ب”الذاكرة الانسانية” و”تتشوّق لحياة حرة كريمة مستقلة” عن “الخوف الطائفي”، وعن “الفساد” و”المحسوبية”، وحرب “إلغاء الآخر اللبناني”، في “حراك مدني” مع تحرّك الأفق نحو “التجدّد”.
هل يا ترى ذهبت الى بعيد بتصوّري “لما يجب ان تكون عليه الذكرى الاولى” لـ”انتفاضة ٢٠١٩/١٠/١٧”..؟
يحيى احمد الكعكي