أطلقت نقابة المهندسين في بيروت – لجنة كليات العمارة ورابطتا المعماريين والاخصائيين في التنظيم المديني بالاشتراك مع مؤسسة الجادرجي من اجل العمارة والمجتمع وثيقة “اعلان بيروت العمراني” برعاية رئيس اتحاد المهندسين اللبنانيين النقيب المعمار جاد تابت وحضوره، وحضور أعضاء مجلس النقابة ومهتمين.
بداية، تحدث رئيس رابطة المعماريين في النقابة الدكتور عاطف مشيمش وأوضح “انها الوثيقة الرؤيوية حول سبل إعادة تشكيل وترتيب منطقة المرفأ ومحيطه العمراني، هذه الوثيقة أتت نتاج جهد كبير بين نقابة المهندسين والروابط العلمية ومؤسسة الجادرجي والمؤسسات الاكاديمية المعمارية بهدف تحضير الوعي العمراني على مواجهة كل الأسئلة المتعلقة بإعادة الاعمار في منطقة المرفأ، بحيث يتوجب عليها ان تستجيب بواقعية لمتطلبات التضامن الاجتماعي والتحديات الاقتصادية”.
وقال:”نستعرض هذه الوثيقة التي تشكل نقط انطلاق للعمل على وضع صيغة متكاملة لإعادة الاعمار وتأهيل التراث وحماية النسيج الاجتماعي والهوية المحددة لخصوصية العمران في المنطقة المنكوبة، وإعادة صياغة علاقة المرفأ ومحيطه العمراني”.
ثم تحدث تابت وقال:”منذ اللحظات الأولى للانفجار عقب انفجار الرابع من آب، نزل المهندسون الى الأرض من اجل معاينة الأبنية المتصدعة ومساعدة سكان الاحياء التي أصابها الدمار. وانسجاما مع موقعها الوطني المسؤول تجاه أهلنا وعاصمتنا بيروت، أعلنت نقابة المهندسين في بيروت خطة طوارىء لمواجهة آثار الفاجعة، وقررت إطلاق مسح ميداني لاستكشاف الاضرار في المناطق المنكوبة حرصا على سلامة الأهالي وحفاظا على السلامة العامة”.
أضاف:”وتم تشكيل غرفة عمليات لإدارة المسح الذي شارك فيه أكثر من 350 مهندس متطوع، من نقابتي بيروت طرابلس أتوا من كل المناطق اللبنانية. وشمل المسح المناطق الأكثر تضررا جراء الانفجار ضمن محيط بلغت مساحته حوالي ثلاثة كيلومترات مربعة انطلاقا من منطقة المدور والكرنتينا والمرفأ حتى احياء الجميزة والصيفي، مرورا بمنطقة البدوي ومار مخايل والرميل والجعيتاوي والحكمة والسراسقة، ولأول مرة في تاريخ النقابة تم انشاء مركز الكتروني عمل على تحضير تطبيق لنظم المعلومات الجغرافية (جي أي اس) خاص بالنقابة يغطي كل احياء بيروت دونت فيه كل المعلومات ونتائج الكشف على الاحياء المنكوبة على ان يتم تطوير واعناء هذا التطبيق وتوسيعه في المستقبل ليشمل كل الأراضي اللبنانية”.
وتابع:”قامت النقابة بإصدار تقارير أسبوعية تضمنت تقدم المسح والخرائط التي تظهر حالة الأبنية والاضرار التي تهدد السلامة العامة، وتطرقت الى وضع الأبنية التراثية بالتنسيق مع مديرية الاثار. وبالتلازم معه هذه النشاطات بادرت النقابة بالدعوة الى عقد ورشة عمل مفتوحة، حيث عقدت سلسلة من الاجتماعات بلغ عددها ثمانية، كما شكلت لجنة متابعة عقدت 6 اجتماعات تحضيرية، ادت الى صياغة اعلان بيروت العمراني الذي يرسم مسار التدخل والدور الذي ممكن للنقابة والجامعات ان تلعبه في إعادة اعمار المناطق المتضررة”.
اضاف:”اما عن محاور اعلان بيروت العمراني فهي هوية المدينة، النتائج الاقتصادية والاجتماعية والتحديات التي ينبغي مواجهتها، ونحو نظرة شاملة لإعادة تأهيل المنطقة المدمرة وتحديات حماية وإعادة تأهيل النسيج التراثي العمراني، وإدارة وتنظيم التخطيط وإعادة الاعمار”.
وقال:”كما افضت الاجتماعات بالتوازي مع الإعلان الى تأسيس المرصد العمراني الدائم في نقابة المهندسين والذي ستشترك فيه كليات العمارة من خلال طلابها واساتذتها، ويرتكز عمل المرصد على المحاور الخمسة التي اقرها الإعلان ويهدف الى تأسيس بنك للمعلومات والمعطيات والأبحاث وفقا للمحاور الخمسة ورصد ومتابعة الاعمال على الأرض وتوثيقها ووضع الآليات التنفيذية لتطور المرصد العمراني في المستقبل”.
وتابع:”سينطلق العمل في النقابة ومع الجامعات خلال الأسابيع المقبلة من اجل تأسيس بنك المعلومات العائد للمرصد العمراني، عبر تجميع المعطيات والمعلومات والأبحاث المتوفرة في الجامعات والمؤسسات الرسمية ومراكز الأبحاث حول المناطق المدمرة في محيط مرفأ بيروت، وبالتوازي مع الاستقصاءات الميدانية على الأرض. كما سيتم التحضير لإطلاق ورش عمل وابحاث ومشاريع، خاصة بالجامعات او مشتركة مع جامعات ثانية او مع النقابة، كما وتنظيم مسابقات لمشاريع وابحاث معمارية بالتعاون مع النقابة. على ان يتم التنظيم لورشة عمل في 28 و29 تشرين الثاني المقبل، ومؤتمر حول إعادة الاعمار في المناطق المتضررة من انفجار المرفأ بمشاركة دولية وإقليمية في نهاية كانون الثاني المقبل”.
وختم:”اهم ما في هذه الوثيقة التي نطلقها اليوم انها تؤكد بوضوح تام ان قضايا الاعمار والتنظيم المدني والحفاظ على التراث المديني والمعماري هي قضايا مرتبطة ارتباطا وثيقا بالشأن الاجتماعي وبالحفاظ على النسيج الاجتماعي للأحياء، كما ان الهدف منها تأمين حق ساكني هذه الاحياء بالعيش الكريم في بيئة صالحة. لا ندعي كنقابة ولا كجامعات اننا نشكل بديلا للمؤسسات الرسمية. لكن، في ظل الازمة الاقتصادية والاجتماعية الخانقة التي تمر بها البلاد وفي ظل انسداد الأفق السياسي مما يشكل عمل المؤسسات الرسمية ويمنعها من القيام بالدور المناط اليها، نطمح عبر العمل الذي نقوم به الى انتاج رؤى لإعمار ذو وجه انساني يمكن ان يشكل بصيص امل يخرجنا من الظلام الذي نعيش فيه”.
بدوره قدم الدكتور حبيب صادق عرضا بصريا لمحاور الوثيقة التفصيلية ورأى “ان الوثيقة ترتكز على الجانب الأكاديمي العلمي والجانب المهني”، مؤكدا انه يجب “ان يعقدوا شراكة من اجل لبنان ومن اجل قضية بيروت العاصمة الوطنية بامتياز مثلا ان يتجاوز دورنا مجرد دور الأفكار العامة ليصبح دورا مساهما لإنتاج فكرة رؤية للصيغة العامة لإعادة الاعمار، وفي الوقت نفسه ان تدخل الجامعات مع النقابة في تفاصيل الاقتراحات والضغط على المؤسسات المعنية في سبيل تحقيق الأفضل لمجتمعنا اللبناني، وبالتالي بما هي قدرتنا من خلال هذه المؤسسات ان نساهم في دعم المؤسسات وبنية الدولة اللبنانية من اننا سنكون من خلال 10% من الشرفاء المتواجدين في هذه الدولة”.
واشار الى ان “الوثيقة انطلقت من 5 محاور رئيسية بدءا من المدخل التاريخي المؤدي الى نوع من صياغة مفهومنا لهوية العاصمة لكونها هوية وطن نهائي للبنانيين، وصياغة مرجعية لما يجمع اللبنانيين وليس تفرقتهم، والتنوع الثقافي وليس هيمنة ثقافة على أخرى او طرف على آخر، هي مدينة كل الناس وستبقى كذلك”.
وقال:”طرحنا المسألة الاقتصادية والاجتماعية باعتبار القاطنين في المناطق المتضررة هم مواطنون لبنانيون عبر تأمين بديل كريم والاهتمام بالحد الأقصى والابتعاد عن مفهوم التقسيم الطبقي، والسعي من اجل تحقيق الحاجات الأساسية من خلال خطة طوارىء”.
ودعا الى “ضرورة رسم صورة عما نريده من هذا المكان وعلاقته مع مدينته من خلال رؤية شاملة لإعادة صياغة دور المرفأ بالنسبة للمناطق الأخرى وعلاقة المدينة مع احيائها، فضلا عن الرؤية العامة للتخطيط اذ لا يكفي ان نتحدث بالعام والانخراط في التفاصيل وتبنيها من الدولة والمجتمع، اما المحور الرابع هو التراث العمراني باعتباره نسيج حاضر لنسيج متنوع، لان كل الفئات الاجتماعية تقطن في هذه المناطق وضرورة مقاربة التراث العمراني والمكون الأساسي لنسيج بيروت العمراني بصفته الشمولية. ويرتكز المحور الخامس على خطة وآلية إعادة الاعمار وكيفية مشاركة الجامعات من خلال مجموعة من الاعمال برؤية ومشاركة واسعة على المستوى الاجتماعي وتأمين دعم إقليمي ودولي”.
وختم متناولا مقدمة الوثيقة التي تتركز على المحاور الخمسة المذكورة “التي تؤكد النسيج العمراني الذي لا يتعارض مع حياة وسلوكيات الناس الأساسية، كي لا يأخذنا أي مشروع آحادي، وهذه الشبكة هي من ثقافات الحياة وأساسية لقيامة بيروت، واعتبار الطابع التراثي هو تراكم تاريخ وحياة الناس وتحفظ ذاكرتهم حتى تقفل الطريق على افراغ أي طابع اجتماعي لمنطقة الانفجار ومحيطها، وتحديد مسارات إعادة الاعمار عبر مراحل متعددة، كي لا تحرق المراحل وتأسرنا حاجات الناس التي قد تسبق الأفكار”.